أكد الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية السوداني، أن السودان تمتلك علاقات أخوية وثيقة ومميزة مع شقيقتها الإمارات، قائمة على البعد التاريخي والمصالح الأخوية المتبادلة، والشراكات الاقتصادية والتنموية التي تخدم التنمية الشاملة، موضحاً أن هناك العديد من فرص التعاون المثمرة البنّاءة، والتي من شأنها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وفي العديد من المجالات في السودان.

وأشار في حوار لـ «البيان الاقتصادي» إلى أن دولة الإمارات تأتي من بين مقدمة دول العالم في مجالات الطاقات المتجددة ولها واحدة من أكبر الشركات في العالم، المتطورة لمشروعات الطاقة، الأمر الذي جعل محادثتنا تتركز على تعزيز سبل التعاون في مجال البنية التحتية والطاقة الكهربائية والطاقات المتجددة، عبر الاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تمتلكها دولة الإمارات، وذلك في ظل ما يعاني منه السودان من عجز في الطاقة الكهربائية، حيث إن توفير وتنويع مصادر الطاقة يعدان عاملين استراتيجيين لتشجيع واستقطاب الاستثمارات.

وقال إن التحضيرات تجري على قدم وساق لإطلاق حزمة مبادرات استثمارية من بينها 5 مبادرات رئيسية تستهدف سوداني المهجر «المغتربين»، والتي ستعمل على تهيئة المناخ المناسب لجذب أموال المستثمرين وفتح آفاق أوسع لريادة الأعمال وتنويع مصادر الدخل، عبر زيادة عدد المشروعات الاقتصادية والاستثمارية، بما يلبي تطلعات المستثمرين.

مشاريع

وأفاد بأنه يوجد على أجندة الحكومة العديد من المشاريع التطويرية، أهمها إصدار قانون الاستثمار الجديد، وإنشاء هيئة الاستثمار والتطوير، وإطلاق صندوق الاستثمار للمهجر السوداني، وإعادة هيكلة قطاع المصارف السوداني، مع توحيد أسعار صرف الجنيه السوداني.

ونوه البدوي إلى أن المشاريع ستتضمن تثبيت الاقتصاد الكلي للسودان وإعادة هيكلة الموازنة العاملة، وتقليص العجز في الموازنة، وتقليص الاستدانة التضخمية، وإدارة السيولة بشكل يدعم أولويات الاقتصاد السوداني، وتوفير قدر كبير من الاحتياطي للمصرف المركزي.

وتابع: خلال الأشهر الثماني المقبلة سنشرع في دراسة وتحضير كل القوانين والأسس الناظمة لتسهيل عملية الاستثمار، بالتوازي مع الخطط المقررة لعمليات إعادة هيكلة قطاع المصارف والموازنة العامة للدولة، موضحاً أن الحكومة تعكف حالياً على دراسة حزمة إجراءات تستهدف تقليص العجز في الاستدانة التضخمية، فضلاً عن إدارة السيولة بشكل يدعم أولويات الاقتصاد السوداني.

ونوه إلى ضرورة تثبيت الاقتصاد الكلي للسودان وصولاً إلى توحيد سعر الصرف حتى تتم تحويلات السودانيين إلى السودان عن طريق القنوات الرسمية، وذلك لرفد الاقتصاد السوداني بصورة مباشرة.

شقّان

وأفاد البدوي: نسعى في القريب العاجل إلى إطلاق مبادرة من شقّين اثنين، تستهدف المغتربين السودانيين، إذ تأتي الأولى استجابة لرغبة سوداني المهجر في دول الخليج العربي وأوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، في دعم الاقتصاد السوداني عن طريق وديعة مالية، حيث إننا حالياً بصدد تجهيز الجوانب القانونية الخاصة بها، والتي تتضمن فتح حسابات بنكية، وإطلاق حملة إعلامية للتعريف بها، مشيراً إلى أن الجوانب القانونية تلزم الحكومة السودانية ممثلة في وزارة المالية بردّ الوديعة قبل نهاية الفترة الانتقالية.

أما المبادرة الثانية، فترتكز على تقديم تبرعات من السودانيين المقيمين في الخارج لصالح الحكومة السودانية، وقال: خلال فترة الثورة رصدنا إفصاح العديد من الأشخاص عن رغبتهم في اقتطاع 5 دولارات شهرياً من رواتبهم ومنحها للحكومة السودانية، وبالنظر إلى العدد الكبير للسودانيين في المهجر فإن هذه المبادرة ستكون داعماً مهماً للاقتصاد السوداني، وطبعاً هذا ليس بغريب على المهجر السوداني الذي كان له دور كبير في دعم الثورة.

صندوق

وكشف البدوي عن عزم الحكومة إطلاق مشروع إنشاء «صندوق الاستثمار للمهجر السوداني»، والذي يتوقع أن يرى النور خلال الربع الأول من العام المقبل، وقال: «سنعمد إلى أن يسهم المستثمرون السودانيون في الخارج بإنشاء الصندوق عبر منحهم أسهماً، على أن يتم إنشاء الصندوق وفقاً للإجراءات المتبعة في هذا الشأن بما يتضمن ذلك مجلس إدارة وجمعية عمومية يعقدها بشكل دوري».

وسيكون للصندوق الحق في الاستثمار في إنشاء مدن جديدة تستوعب سوداني المهجر عند العودة إلى بلدهم الأم السودان، أو أي استثمارات يرونها مناسبة تسهم في دفع عجلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.

وشدد على أن الحكومة السودانية تدرس كل المعطيات التي تصب في تحسين بيئة التعامل مع المهجر السوداني، بما فيها تطوير قطاع التعليم ليتناسب مع تطلعاتهم وآمالهم عند العودة إلى وطنهم الأم، معرباً عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة عقد مؤتمر خاص بسوداني المهجر للتعرف على أفكارهم ومقترحاتهم لتطوير وبناء السودان.

علاقات

وقال البدوي: «إن العلاقات الأخوية بين الإمارات والسودان علاقات ممتدة، فالسودان كان من أوائل الدول التي اعترفت باتحاد دولة الإمارات، وكانت أول زيارة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى السودان في عهد الرئيس الراحل جعفر النميري».

وتابع: «بعد ثروة ديسمبر المجيدة ارتأينا، نحن أعضاء الحكومة الجديدة، أن تكون هناك زيارة إلى دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية لتقديم وجه السودان الجديد»، موضحاً أن الملف الاقتصادي كان من بين أهم الملفات التي تمت مناقشتها خلال الجولة مع المسؤولين.

وأفاد: «أعتقد أن هناك آفاقاً كبيرة جداً للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، حيث إن المسؤولين في الإمارات أبدوا رغبة حقيقية وصادقة في دعم الشعب السوداني والاقتصاد السوداني، ونحن كذلك من جانبنا أكدنا أننا سنقوم من جانبنا بتهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة والمناخ المناسب، عبر مراجعة كل قوانين الاستثمار والمعوقات وصولاً إلى إرساء قوانين تخدم المستثمرين».

وقال البدوي: «نتطلع إلى علاقة استراتيجية مع صندوق أبوظبي للتنمية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة وأن الصندوق داعم مهم للتعاون الاقتصادي»، معرباً في الوقت نفسه عن سعادته بالزيارة، وحرص قيادة دولة الإمارات على توسيع آفاق التعاون بين البلدين.

وأضاف: «عملت في دولة الإمارات وتحديداً في مجلس دبي الاقتصادي خلال الفترة من عام 2009 إلى عام 2016، وسعدت جداً بأن أكون شاهداً على تجربة التحول الاقتصادي الكبير الذي تشهده دولة الإمارات، والذي يشكل للسودان حافزاً وداعماً في ذات الوقت».

جهاز

وأوضح البدوي أن مجلس الوزراء سيعكف على مراجعة وتقييم أداء «جهاز تنظم شؤون السودانيين العاملين في الخارج»، وهو ما يعرف اصطلاحاً بـ«جهاز المغتربين»، لوضع البرامج والمبادرات الهادفة إلى الارتقاء وتطوير آليات عمله، بحيث يدعم سوداني المهجر «المغتربين» بالشكل الذي يلبي آمالهم وتطلعاتهم، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه في حال وجود أي شكوى أو تحفظات على دوره، فإنه سيتم أخذها بعين الاعتبار.

شراكة في مجال الطاقة

قال البدوي: «تحدثنا مع حكومة دولة الإمارات عن آفاق المستقبل، وآليات الاستثمار في الطاقة المتجددة، وهي من أهم منجزات دولة الإمارات التي امتلكت خبرة واسعة في هذا المجال، ونحن نتطلع إلى بناء شراكة استراتيجية في هذا المجال، حتى يتم تطوير الطاقة المتجددة، لتعم جميع مدن السودان».

وأوضح أن الطاقة المتجددة ستدعم السودان في ظل ما يعانيه من عجز كبير في الطاقة الكهربائية، حيث إن توفير وتنويع مصادر الطاقة هما استراتيجية مهمة لتشجيع واستقبال استثمارات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن عام 2020 سيشهد تركيزاً على الاستثمار في مجالات اللحوم المذبوحة والزيوت والمنتجات البستانية وغيرها.

 

البيان