أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، أن دولة الإمارات قدمت تجربة عالمية رائدة في مجال تصميم المستقبل انطلاقاً من رؤيتها بأن الفكر الاستباقي والقدرة على التخطيط واستشراف التغيرات والتطورات في القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية يجعلها من مصاف أفضل الدول المستعدة للمستقبل والرائدة في توظيف التكنولوجيا في ابتكار فرص جديدة.
جاء ذلك خلال افتتاح سموه مجموعة من المختبرات المتخصصة في تصميم وبناء مستقبل العديد من القطاعات المستقبلية لدولة الإمارات ضمن منطقة 2071، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، وعدد من الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية والخاصة.
وقال سموه: “أطلقنا اليوم أربعة مختبرات لمستقبل قطاعات الطيران والطاقة والبلوك تشين وريادة الأعمال ضمن منطقة 2071 … وهدفنا أن تكون هذه المختبرات منصة لإطلاق ابتكارات مستقبلية تحدث نقلة نوعية في قطاعات الأعمال والخدمات”.
وأضاف سموه: “إطلاق المراكز الجديدة يدعم تحقيق رؤية الإمارات 2071 لترسيخ أسس بناء مركز عالمي لاختبار ابتكارات المستقبل في الدولة … ونؤكد دعمنا للشراكات الحكومية والخاصة لتسريع العمل والإنجاز وابتكار أفكار جديدة توفر فرصاً اقتصادية واعدة وتدعم أصحاب العقول ورواد الأعمال والمواهب الوطنية والعالمية”.
ودعا سموه جميع الجهات الحكومية إلى تبني مفهوم مختبرات المستقبل لتطوير كوادرها الوطنية، وإشراكهم في تنفيذ الاستراتيجيات المستقبلية، وتعزيز مساهمتهم في اقتصاد الدولة، ودعم أفكارهم المبتكرة والاستشرافية، واطلاعهم على أحدث التوجهات العالمية، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات الدولية والممارسات الناجحة عبر الشراكة مع المراكز البحثية والمؤسسات العلمية والصناعية.
ويأتي افتتاح المختبرات المستقبلية في منطقة 2071 التي تشرف عليها مؤسسة دبي للمستقبل، في إطار تحقيق رؤية الإمارات 2071 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتشكّل برنامج عمل حكومي طويل الأمد مستمداً من المحاضرة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأجيال المستقبل، التي رسم فيها سموه الخطوط العريضة لبناء إمارات المستقبل، وتجهيز دولة الإمارات للأجيال المقبلة.
ويهدف هذا المختبر الذي يضم فرق عمل لخمسة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة تشمل كلاً من “طيران الإمارات” و”إيرباص” و”جي إي” و”تاليس” و”كولينز”، إلى دعم الأبحاث العلمية والمشاريع الهندسية وتسليط الضوء على الأفكار المستقبلية والابتكارات الحديثة في قطاع الطيران الذي يشهد نمواً متواصلاً بفضل التكنولوجيا وابتكار مفاهيم جديدة للتنقل الجوي بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها.
ويعتبر قطاع الطيران من أبرز القطاعات الرئيسية في دولة الإمارات وداعماً لمختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وسيسهم هذا المختبر بتطوير تقنيات ومفاهيم حديثة وإعداد دراسات وتقارير شاملة حول مستقبل القطاع، ودعم الابتكارات الناشئة ودعمها وتمويلها وجعلها في متناول الجميع لإحداث نقلات نوعية في تكنولوجيا الطيران.
ويشرف مختبر مستقبل الطيران على إطلاق مجموعة من التحديات بهدف إيجاد حلول لها بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، مثل تحدي تخفيض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن قطاع الطيران بنسبة 87 لتصل إلى 15 غرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر للمسافر بحلول عام 2030، وتحدي تطوير مفهوم جديد ومستقبلي للمطارات في ظل التوقعات بنمو قطاع الطيران بنسبة تصل إلى 100% خلال السنوات الـ 15 المقبلة، وذلك عبر تعزيز مستويات ديناميكية قطاع التنقل الجوي وتطوير البنية التحتية للمطارات لتقليل الوقت اللازم بين الهبوط والإقلاع إلى 10 دقائق فقط.
ويتيح المختبر فرصة للشركات العالمية والناشئة والمبتكرين والأكاديميين للمشاركة في هذه التحديات، وسيتم اختيار 12 فريقاً وإحضارهم إلى دبي للمشاركة في إنشاء مشاريع ونماذج أولية وتجريبها وتطويرها في منطقة 2071.
ثم سيتم اختيار ثلاثة فرق في المرحلة التالية لعرض أفكارهم المبتكرة أمام الجهات الحكومية والاستثمارية لتنفيذ مشاريعهم على أرض الواقع.
ويضم مختبر مستقبل البلوك تشين بالتعاون مع شركة “آي بي إم” العالمية مجموعة من الجهات الحكومية ومزودي حلول تكنولوجيا البلوك تشين لتسهيل استخدام هذه التقنية الحديثة في تطوير المنتجات والخدمات عبر توفير بيئة اختبارية بالشراكة مع رواد الأعمال والشركات المتخصصة في منطقة 2071.
ويهدف هذا المختبر الأول من نوعه في العالم إلى دعم منظومة الابتكار العالمي انطلاقاً من دولة الإمارات، إضافة إلى تسريع الإنجاز العملي وتبني التقنيات الذكية والمستقبلية مثل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتعلم الآلات وغيرها بهدف إيجاد ممارسات ناجحة في هذا القطاع الجديد.
وتعمل ضمن المختبر فرق متنوعة من خبراء “آي بي إم” مع العملاء لتطوير أفكار جديدة، ثم اختبارها وتطويرها بسرعة بالاستفادة من خبرة هذه الشركة العالمية وأصولها وشراكاتها المتنوعة وشبكة علاقاتها الواسعة ويدعم مختبر مستقبل البلوك تشين الشركات في بناء ثقافة عمل تتمحور حول الأفراد وتطوير ممارسات جديدة للسلوكيات التنظيمية لإنشاء أعمال تركز على تقديم أفضل تجربة للمستخدمين في كافة المراحل.
ويشكل المختبر الجديد الذي تم افتتاحه في منطقة 2071 إضافة بارزة إلى شبكة مختبرات “آي بي إم”، وخياراً مناسباً للعملاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تم تصميمه خصيصاً لتلبية كافة متطلباتهم وتطوير أعمالهم بالشكل الأمثل.
ويعمل مختبر مستقبل الطاقة بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي على تطوير الأبحاث والأفكار المستقبلية في قطاع الطاقة الذي يمثل ركيزة رئيسية لبناء مستقبل مستدام في دولة الإمارات والعالم.
ويدعم هذا المختبر الذي يمثل الذراع الرقمي لهيئة كهرباء ومياه دبي جهود الهيئة لإحداث تغيير شامل في منظومة العمل الحكومي عبر تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة وتبني نماذج جديدة لحكومات المستقبل في 4 محاور رئيسية تتمثل في تطوير الأنظمة الذاتية التحكم للطاقة المتجددة وتخزينها والتوسع في استعمال الذكاء الاصطناعي وتقديم الخدمات الرقمية.
ويتمثل المحور الأول في إطلاق تقنيات متطورة للطاقة الشمسية في دبي، لتشكل إضافة إلى أبرز مشروعات الهيئة في هذا الإطار مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وستصل قدرته الإنتاجية إلى 5000 ميجاوات بحلول عام 2030 والذي بدوره سيدعم استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف إلى إنتاج %75 من إجمالي الطاقة في دبي من مصادر الطاقة النظيفة.
ويهدف المختبر عبر محور (تخزين الطاقة) إلى تشغيل شبكة طاقة متجددة تستخدم تقنيات تخزين طاقة مبتكرة فيما يتضمن المحور الثالث تطوير خدمات الكهرباء والمياه بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع مستوى سعادة المتعاملين، وزيادة الكفاءة والإنتاجية عبر اعتماد أجهزة وخدمات ذاتية التعلم لتعزز تجربة المتعاملين، ودعم خدمات الموظفين، وتحسين الإنتاجية، بما في ذلك تحسين العمليات الرئيسية للشبكة.
وفي محور الخدمات الرقمية، يسعى مركز مستقبل الطاقة إلى تقديم خدمات استضافة وتخزين البيانات، وإدارة الخدمات الرقمية في الفضاء السحابيّ. ويتخطى هذا المحور تقديم الحوسبة السحابية، ليقدم خدمات معيارية عالمية وحلولاً متعددة من مكان واحد، وفق أعلى مستويات الجودة، إضافة إلى تعزيز تجربة المتعاملين.
ويضم مختبر مستقبل ريادة الأعمال قاعات لاستضافة الاجتماعات وتنظيم المؤتمرات تدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة والمتخصصة في قطاع التكنولوجيا في منطقة 2071 وتسهل لهم الحصول على رخص تجارية بالتعاون مع الجهات الحكومية الشريكة، إضافة إلى توفير الأدوات والمرافق اللازمة لاختبار المشاريع المبتكرة وإطلاقها.
المصدر: وام