شهدت أروقة القضاء المصري امس هبة ضد اعلان الرئيس محمد مرسي الدستوري، حيث اصدرت المحكمة الدستورية بياناً شديد اللهجة هاجمت فيه مرسي، فيما قررت محكمتا الاستئناف والنقض تعليق عملهما احتجاجا، توازيا مع تأكيد الرئاسة عدم تراجعها عن موقفها، فيما تصوت الجمعية «التأسيسية» على مسودة الدستور النهائية اليوم الخميس.

وهاجم نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الناطق الرسمي باسمها ماهر سامي الرئيس المصري قائلا امس إن «الحزن الحقيقي ألم بقضاة المحكمة حين انضم مرسي في مباغتة قاسية ومؤلمة الى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية».

وأضاف سامي أن الرئيس المصري «اتهم المحكمة بتسريب أحكام قبل إعلانها رسميا».

وقال إن خطبة مرسي الأخيرة حملت اتهاما للمحكمة بتسريب أحكامها قبل الجلسة المحددة للنطق بها وهو «اتهام جد خطير»، مضيفا أن المحكمة طلبت منه موافاتها بتفاصيل الاتهام «وما توافر لديه من أدلة على ثبوت هذه الجريمة».

وشدد سامي أن المحكمة «لن يرهبها ابتزاز أو وعيد ولا أي ضغوط تمارس عليها في أي اتجاه مهما بلغت حدتها ومستعدة لمواجهة ذلك مهما كانت التكلفة باهظة حتى لو استغرق أرواح قضاتها».

ورفض الإجابة على أي أسئلة تتعلق بمضي المحكمة في عقد الجلسة المرتبطة بمجلس الشورى الذي حصنه مرسي مؤخرا من الحل.

في شأن متصل، وصف سامي التقارير حول أن المحكمة الدستورية ستنظر في جلستها المقبلة دعوى مطروحة عليها تطعن في شرعية تولى مرسي منصبه وأنها ستحكم بعزله بأنه «كذب مفضوح» و«افتراء مكشوف».

النقض والاستئناف
وفي سياق الردود القضائية، قررت محكمتا النقض واستئناف القاهرة تعليق العمل بهما لحين سحب الإعلان الدستوري.

وأعلنت محكمة النقض تعليق عملها الى حين اسقاط الاعلان. وأفادت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية أن المحكمة اتخذت القرار عقب اجتماع لجمعيتها العمومية وقررت «تعليق العمل في كافة دوائرها لحين اسقاط الاعلان».

وحظي القرار بأغلبية ساحقة حيث وافق عليه 270 من قضاة المحكمة الذين حضروا الجمعية بينما رفضه 19 فقط.

وبدورها، اتخذت محكمة استئناف القاهرة قرارا مماثلا. وأوضح قضاة من المحكمة أنها قررت تعليق عملها للمطالبة بإلغاء الإعلان. وكان نادي قضاة مصر الذي يضم في عضويته نحو 12 ألف قاض أصدر قبل أيام توصية للجمعيات العمومية للمحاكم والنيابات العامة بتعليق العمل لحين سحب الإعلان.

تظاهرات واشتباكات
وكما الأجواء السياسية الساخنة، تجددت الاشتباكات بين قوات الامن ومحتجين على الإعلان في محيط السفارة الأميركية القريب من ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة، ما خلف عددا من المصابين.

وغداة مليونية دعت لإسقاط الإعلان، أطلقت قوات الامن قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في محيط مبنى السفارة الأميركية لإجبارهم على التراجع إلى ميدان التحرير الذي امتدت لظى الغاز إليه. وأصيب عشرات المصريين بالاختناق في الميدان عقب إطلاق الغاز بكثافة.

كما أصيب عدد آخر بالاختناق خلال تواجدهم في محطة مترو أنفاق السادات بالميدان عقب إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين رشقوا قوت الأمن عند السفارة الأميركية بالحجارة.

ويواصل المحتجون اعتصامهم في ميدان التحرير وسط تزايد لافت للخيام. وأعلن المحتجون أنهم ماضون في اعتصامهم لحين إلغاء الإعلان الدستوري والتراجع عن قرارات مرسي الأخيرة.

لا تراجع
وفي الموقف الرئاسي، كشف رئيس ديوان الرئاسة رفاعة الطهطاوي في مداخلة متلفزة عن عدة لقاءات عقدت في رئاسة الجمهورية بشأن الأزمة، ولكنه أكد أيضا أنه «لا تراجع عن الإعلان الدستوري قيد أنملة».

وقال الطهطاوي إنه «يؤيد طرح الإعلان الدستوري إلى الاستفتاء الشعبي والقبول بحكم الشعب كائنًا ما كان». وبالتوازي، عقد مجلس الوزراء اجتماعًا برئاسة هشام قنديل لبحث التطورات الراهنة.

مسودة الدستور
في هذه الأجواء، أعلن الناطق باسم الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور محمد الصاوي أن المسودة النهائية التي سيستفتى عليها المصريون ستكون أمام مكتب الرئيس بعد غد السبت على أن تصوت الجمعية اليوم الخميس على الصيغة النهائية للمسودة.

وقال الصاوي في تصريحات صحافية إن أعضاء الجمعية يكثّفون هذه الأيام من جهدهم لسرعة إنجاز المسودة التي سيكشف الاستفتاء عليها عن نوايا المتواجدين في ميدان التحرير على حد قوله.

ترقب وحذر
تتابع الولايات المتحدة عن كثب الاحداث الجارية في مصر والتي وصفتها بـ«غير الواضحة».

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند ان الوضع في مصر يتطور. واردفت القول: «لا يزال الوضع غير واضح»، مضيفة: «نواصل التشاور مع مختلف الاطراف لفهم تقييمها للوضع».