انطلقت، أمس، فعاليات اليوم الثاني من مهرجان الشيخ زايد بمنطقة الوثبة في أبوظبي، وسط حضور جماهيري لافت من جميع الجنسيات والأعمار توافدوا على ساحة المهرجان إلى جانب أبناء الإمارات، وانطلقوا في جولات استكشافية بين ثقافات وحضارات العالم عبر أجنحة الدول المشاركة، التي تنوعت إسهاماتها بين تقديم عروض حية من حرفها الشعبية وفنونها الفولكلورية وجوانب من ثقافتها المختلفة، في حين أخذ الإرث الإماراتي العريق اهتماماً بالغاً من زوار المهرجان الذي يحمل رسائل تعليمية وتثقيفية تهدف إلى صون التراث الإماراتي والاعتزاز به، مؤكداً على غنى هذا التراث وأن الإمارات هي ملتقى الشعوب والحضارات وأن رسالتها إلى العالم، هي رسالة محبة وسلام وتسامح، وهو ما حرص منظمو المهرجان على إبرازه عبر شعار النسخة الحالية من الحدث، والتي حملت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات».

القلب النابض
من أبرز معالم المهرجان الذي يمتد على مدى 60 يوماً، منطقة حضارة الإمارات، بما ضمته من أجنحة عديدة اشتملت على مفردات تراثية وشواهد ثقافية مثلت القلب النابض للمهرجان ومن هذه الأجنحة، القرية التراثية الإماراتية بما تحتويه من أشكال مختلفة للحياة قديماً في المجتمع الإماراتي ومعرضي الصقارة والسلوقي، والحي التراثي الإماراتي الذي يعرض بدوره ألوان الأهازيج الشعبية الإماراتية والأسواق الشعبية التي تبرز المنتجات التقليدية التي صاغتها أيادي حرفيي الإمارات وخبرائها التراثيين في براعة فائقة، أما جناح ذاكرة الوطن فيشمل عدة معارض تروي عن حياة وإنجازات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودوره الذي تعدى تحقيق الإنجازات إلى تأسيس وطن وبناء أمة وصناعة حضارة، ثم ينتقل زوار المهرجان إلى جناح العادات والتقاليد بما يزينه من نموذج للبيت الإماراتي التقليدي الذي يحاكي التراث العمراني لمباني القطارة في مدينة العين فضلاً عن التعريف بالعادات والتقاليد الإماراتية التي لعبت دوراً بارزاً في حفظ الهوية الإماراتية وترسيخ أسسها في نفوس الأجيال المتعاقبة.

ثلاثة معارض
الزراعة بما لها من أهمية في إمداد أهل الإمارات باحتياجاتهم الغذائية كان لها حضور متميز في منطقة حضارة الإمارات عبر جناح الواحة الزراعية الذي يسلط الضوء على المنتجات الزراعية وأساليب الزراعة والثروة الحيوانية في الإمارات ودور الشيخ زايد في تطوير تلك الأساليب وفق أحدث الطرق العصرية بما أحدث من طفرة هائلة في هذا القطاع الحيوي بالدولة.
واستمراراً للاهتمام بمسيرة الزراعة يطالع الجمهور جناح «تمورنا تراثنا» بما يعكسه من اهتمام بالغ بالنخيل ومنتجاته والصناعات المتعلقة بمختلف أجزاء النخلة، إضافة إلى إقامة مسابقات تفاعلية بين مزارعي النخيل لحثهم على تجويد منتجاتهم وهو ما يلمسه الجميع عبر التطور اللافت الذي حققه هذا القطاع خلال السنوات الماضية، وللجمهور نصيبه من الاهتمام في جناح تمورنا تراثنا عبر ورش العمل التي تقام بشكل يومي ويشارك فيها الأفراد والعائلات.
ثلاثة معارض تضمها منطقة حضارة الإمارات تروي بشكل حي علاقة الإنسان الإماراتي بكل من الهجن والصقور والسلوقي، حيث رافقت هذه الكائنات أهل الإمارات في رحلتهم الطويلة على هذه الأرض الطيبة فتم الاحتفاء بها عبر عديد من الصور داخل مهرجان الشيخ زايد، ومنها معرض الصقارة الذي يكشف للجمهور عن أسرار رياضة الصقارة وأدواتها وقيمتها في التراث الإماراتي، في حين يقدم معرض الهجن عرضاً لمسيرة الألقاب التي حصدتها أفضل مطايا هجن الرئاسة في سباقات الهجن.
أما معرض السلوقي بدوره يطرح على الجمهور كافة التقاليد المتعلقة بالسلوقي وتتضمن الصيد وكيفية تدريبها والاهتمام بها.

البعد الإنساني
ومن أعماق التراث المحلي تنتقل بنا منطقة حضارة الإمارات إلى الشأن العالمي عبر جناح التعاون الدولي، الذي يعي للزائرين نبذة تعريفية عن تاريخ وزارة الخارجية الإماراتية وجهود الدولة في ترسيخ مبادئ السلم والأمن الدولي ودور الشيخ زايد في رسم السياسة الخارجية للدولة، وآخر ما يطالعه الزائر في هذه المنطقة التي تعج بعدد لافت من الفعاليات والأنشطة الإماراتية الخالصة، جناح الإنسان والإمارات الذي يبرز بشكل مميز جهود وإنجازات الدولة ذات البعد الإنساني العالمي، مستقبلاً جمهوره بمجموعة من الفعاليات التي تعزز ثقافة التسامح التي أرسى دعائمها الشيخ زايد، وسار على نهجها أبناء الإمارات اعتماداً على موروث إماراتي أصيل سمته الرئيسة المحبة والتعايش والقدرة على فهم وتقدير الآخر.
وضمن منطقة حضارة الإمارات، كان لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، في مهرجان الشيخ زايد، حضور بارز من خلال رعايتها الحرف الإماراتية الأصيلة، حيث بلغ عدد الأسر المواطنة المشاركة في الجناح الإماراتي 97 أسرة تم توزيعهن على عدد 93 محلًا، يقدمن خلالها مجموعة من المنتجات المختلفة، منها أشغال تراثية، دلال وأواني، دخون وعطور، ملابس تراثية، بهارات وقهوة إماراتية، أكسسوارات، شيل وعبايات، الورد والمنتجات الطبيعية، تمور، أطقم الضيافة المتنوعة والرسم على الدلال، زيوت وغيرها من الحرف والمنتجات التقليدية الإماراتية التي صارت قاسماً مشتركاً في الفعاليات التراثية الإماراتية التي تقام على الصعيدين المحلي والعالمي، كم تقدم المؤسسة لأول مرة المسرح الإماراتي المخصص لعرض فنون الفرق الإماراتية المتنوعة على مدى أيام المهرجان.

تطور لافت
وقال محمد حاجي الخوري، مدير عام مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، إن التطور اللافت الذي حققه مهرجان الشيخ زايد منذ انطلاقه قبل عدة سنوات جاء بفضل الرعاية الكريمة والمتابعة الحثيثة للمهرجان، وأوضح أن المؤسسة كشريك استراتيجي حرصت على دعم نجاح المهرجان ومساندة الأسر المواطنة للمشاركة في مهرجان الشيخ زايد الذي اصبح واحداً من أهم المهرجانات العالمية المعنية بالتراث والثقافة، من خلال السوق الشعبي كونه عنصراً مهماً وأحد المنافذ التي تتيح عرض المنتجات التراثية المختلفة، كما يمثل فرصة لتقوية قنوات التواصل مع حضارات العالم عبر إتاحة الفرصة للعشرات من الدول للمشاركة في المهرجان لعرض نماذج من تراثها وثقافتها المحلية جنباً إلى جنب مع جوانب الحضارة والتراث الإماراتي.
وأكد الخوري أن مبادرة دعم الأسر المواطنة تأتي بناء على توجيهات القيادة الرشيدة وإيماناً من المؤسسة بدور هذه المبادرة في تعزيز ثقافة العمل والإنتاج ودعم مسيرتها من خلال الدخول في مشاريع متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة.
حدث عالمي
وأشار إلى أن عدد الأسر المواطنة المسجلة لدى مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وصل إلى أكثر من 1000 أسرة، تم اختيار 97 للمشاركة وعرض منتجاتها في السوق الشعبي المصاحب للمهرجان.
وأوضح مدير عام مؤسسة خليفة الإنسانية، أن عدد الدول المشاركة 27 دولة إلى جانب الإمارات، فيصل المجموع 28 دولة من مختلف قارات العالم تشارك في فعاليات مهرجان الشيخ زايد، ومنها السعودية، البحرين، الكويت، عمان، المغرب، أوزبكستان، مصر، الجزائر، السودان، أفغانستان، البوسنة والهرسك، صربيا، روسيا، الهند، كازاخستان، اليمن، الصين، طاجكستان، أذربيجان، تركيا، تايلاند، باكستان، الأردن، لبنان، سوريا، تونس، ليبيا، علماً بأن الدول الأربع الأخيرة تشارك لأول مرة.
ولفت خوري إلى أن هذه المشاركات جاءت نتيجة الأنشطة التي سبقت المهرجان من قبل مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، والدعوة التي وجهتها إلى هذه الدول لتكون جزءاً من هذا الحدث العالمي الذي تستضيفه الإمارات كل عام، مبيناً أن جناح المؤسسة يقوم بدور تعريفي للجمهور حول المؤسسة ونشاطاتها المحلية والعالمية في مجالات الصحة والتعليم وبناء المساجد، بالإضافة إلى معرض للصور من المناسبات المختلفة التي شاركت فيها المؤسسة، ويشمل الجناح مجلسا لاستقبال الضيوف، وسجّل للزوار.

إنجازات
متحف إنجازات مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، يأخذ الجمهور في رحلة مع معلومات وأرقام وإحصائيات وأفلام فيديو رقمية حول المؤسسة ونشاطاتها المحلية والعالمية خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم، وتسليط الضوء على أهم المشاريع الإغاثية والتنموية التي نفذتها المؤسسة خلال عام 2019، علماً بأن المؤسسة وصلت بمشاريعها التنموية والإغاثية إلى أكثر من 90 دولة حول العالم.

مسابقات
جمهور المهرجان على موعد مع سحوبات ومسابقات متنوعة على مدى أيام المهرجان، منها:
. مسابقة الأكلات الشعبية: الجمامي، الممروسة، الخضيض، الذوابة، البزار القرص، آجار، اليقط. وتقام المسابقة في الحي الإماراتي أيام 6، 13، 20، 27 ديسمبر و3، 10، 17، 24 يناير من 5 عصراً إلى 9 مساءً.
. سحوبات مهرجان الشيخ منصور بن زايد العالمي للخيول العربية الأصيلة في المسرح الرئيسي، أيام 21 ديسمبر و4، 18، 25 يناير و1 فبراير في الساعة 8:40 مساءً.
-جائزة زايد الكبرى لسباق الهجن في الميدان الجنوبي والميدان الغربي، في الفترة من 29 نوفمبر إلى 3 ديسمبر ومن 4 إلى 6 ديسمبر بدءاً من 7 صباحاً وحتى 2:30 ظهراً.
. الصيد بالصقور (التلواح) في منطقة الفلاح في الفترة من 22 إلى 27 ديسمبر.
. سباق المحامل الشراعية على كورنيش أبوظبي يومي 11 يناير و18 يناير.

صناعات تقليدية
القرية التراثية الإماراتية، تقدم للجمهور ورش عمل تفاعلية وعروضاً تمثيلية للحرف والصناعات التقليدية التي توارثها أهل الإمارات عبر قرون طويلة، وتضمنت أساليب الحياة التي اتخذها الإنسان الإماراتي القديم، والتي اعتمدت على المفردات البيئية البسيطة المحيطة به وقدرته على تطويعها لخدمته لتساعده في البقاء متجذراً على هذه الأرض منذ القدم وحتى عصرنا الحالي، حيث تنوعت هذه الأساليب والحرف اعتماداً على النخيل ومنتجاتها وحرفة الصيد والغوص عن اللؤلؤ وتصنيع القوارب والسفن بأحجامها المختلفة حتى تساعد أهل المناطق الساحلية في الإبحار إلى المناطق البعيدة والعودة بخيرات البحر وكنوزه.

الاتحاد