هز تفجير انتحاري مزدوج بسيارتين مفخختين منطقة قرب المستشارية الثقافية الإيرانية ببئر حسن جنوب بيروت أمس، وأوقعا 6 قتلى ونحو 129 مصاباً بينهم 7 حالات خطيرة، بينما تحدثت مصادر أخرى في وقت سابق عن 6 قتلى بينهم الانتحاريان، في هجوم جديد يستهدف مصالح لطهران في العاصمة اللبنانية، تبنت مسؤوليته جماعة ما يسمى «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» قائلة إنه جاء «رداً على تدخل إيران و(حزب الله) في الحرب السورية. وسارع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لاستنكار التفجير المزدوج، واعتبره «رسالة تعكس إصرار قوى الشر والإرهاب على المضي في مخططها لنشر الموت العبثي في ربوع لبنان»، بعيد أيام من توافر أجواء إيجابية رافقت ولادة الحكومة التوافقية الجديدة. وتعهد وزير الداخلية نهاد المشنوق بأن تتخذ الحكومة الجديدة الإجراءات الأمنية والسياسية لوقف مسلسل تفجير السيارات، داعياً إلى إغلاق ما وصفه بمعابر الموت التي تدخل من خلالها السيارات المفخخة إلى لبنان.
من جهتها، أدانت الخارجية الإيرانية التفجير المزدوج جنوب بيروت، واعتبرت أن من يقف خلفه أشخاص شعروا باليأس بسبب تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، مشيرة إلى وقوف «عملاء الكيان الصهيوني» وراء الاعتداء، وأكدت عدم وجود إصابات خطيرة بين الدبلوماسيين والعاملين في المستشارية الثقافية. كما أدان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بشدة الانفجار المزدوج في منطقة بئر حسن أمس، داعياً جميع اللبنانيين إلى وحدة الصف في مواجهة مثل هذه الأعمال الإرهابية المروعة والعشوائية، وإلى البناء على الخطوة الإيجابية ممثلة بتشكيل الحكومة الجديدة.
ووسط إدانات أميركية وبريطانية وفرنسية ومن الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية للتفجير، سقطت بعد ظهر أمس، 10 صواريخ عيار 107 من الجانب السوري على محيط قرى بريتال وحام، وحورتعلا بوادي البقاع قرب الحدود تبنتها «جبهة النصرة» المرتبطة ب«القاعدة» أيضاً، متسببة بأضرار مادية.
واعتداء أمس التاسع الذي يطال مناطق محسوبة على إيران «حزب الله» منذ يوليو الماضي. وأفاد بيان صادر للجيش اللبناني بأنه «حوالي الساعة 35ر9 صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي، حصل انفجاران انتحاريان متزامنان تقريباً في منطقة بئر حسن، الأول داخل سيارة نوع بي ام دبليو قرب من المستشارية الثقافية الإيرانية، والثاني داخل سيارة نوع مرسيدس بالقرب من المعرض الأوروبي، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا في صفوف المواطنين، بالإضافة إلى حصول أضرار مادية في الممتلكات». والعرض الأوروبي عبارة مبنى يضم متاجر عدة، على بعد حوالى 50 متراً من المستشارية الثقافية الإيرانية. واستخدم الانتحاريان الأسلوب نفسه في مهاجمة السفارة الإيرانية في بيروت في نوفمبر الماضي.
وذكر صقر صقر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أن المعطيات تشير إلى أن الانتحاريين استخدما سيارتين ملغومتين، الأولى مرسيدس اس.اي بداخلها 70 كيلوجراماً من المتفجرات، والثانية بي.ام.اكس 5 وبداخلها 90 كيلوجراماً.
من جهته، أفاد السفير الايراني لدى بيروت غضنفر ركن أبادي بأن بين القتلى شرطياً كان يحرس مركز المستشارية الإيرانية، لكن لم يصب أي من موظفيها بالهجوم.
وأعلنت وزارة الصحة أن «المحصلة شبه النهائية لضحايا التفجير الإرهابي… بلغت 6 شهداء وأكثر من 129 جريحاً غادروا بغالبيتهم المستشفيات»، مشيرة إلى وجود 4 حالات حرجة.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» أن المبنى الذي استهدف بالانفجار يضم مكتبها في بيروت ومكاتب تابعة لمحطة تلفزة إيرانية.
وتبنى ما يسمى«كتائب عبدالله عزام» التفجيرين المزدوجين، وذلك في بيان على حسابها على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، مهددة بأنها ستستمر في استهداف إيران و«حزبها في لبنان» في إشارة إلى «حزب الله»، بمراكزهم الأمنية والسياسية والعسكرية الى حين خروج الحزب اللبناني من سوريا والإفراج عن سجناء لدى السلطات اللبنانية من المشتبه بمشاركتهم في التحضير لتفجيرات وتنفيذ اعتداءات.
وسبق لـ«كتائب عبدالله عزام» أن تبنت تفجيرين انتحاريين استهدفا السفارة الإيرانية الواقعة على مقربة من انفجار أمس، في نوفمبر الماضي، ما تسبب بمقتل 25 شخصاً، إضافة إلى تفجيرات أخرى، وعمليات إطلاق صواريخ مصدرها الأراضي السورية.
وأفاد مصورون ل فرانس برس بأن أحد الانفجارين وقع عند حاجز أمني على المدخل المؤدي إلى المستشارية الإيرانية. ولا يمكن لأي سيارة دخول الباحة الضيقة أمام المبنى دون الخضوع للتفتيش. ويحيط بالحاجز سور اسمنتي بارتفاع حوالي متر تعلوه أسلاك حديدية سميكة.
وخلف التفجيران دماراً كبيراً لا سيما في مبنى المستشارية الذي انهارت واجهته الأمامية تماماً، وكذلك في المبنى المجاور له. كما تحطم الزجاج في أبنية عدة، واندلعت النيران في سيارات وتحطم عدد كبير منها. وبين الجرحى العديد من الأطفال، بسبب وجود دار للأيتام في الجهة المقابلة لمكان الانفجار، ويأتي الانفجار بعد أيام على تشكيل حكومة جديدة في لبنان ضمت ممثلين عن «حزب الله» وعن خصومه، وأبرزهم تيار المستقبل برئاسة الزعيم سعد الحريري، واعتبرت بمثابة تسوية بعد أكثر من 10 أشهر من فراغ حكومي. وقال الفرقاء إن قبولهم بالحكومة جاء على خلفية محاولة تهدئة الاحتقان الموجود في البلد بسبب النزاع السوري.
وتفقد وزير الداخلية نهاد المشنوق المنتمي إلى «تيار المستقبل» مكان الانفجار، وقال «نطالب كل القوى السياسية المعنية التعاون مع الجيش ليقوم بعمليات جدية لإقفال معابر الموت»، موضحاً أن «هناك معابر لبنانية للسيارات المسروقة ترسل إلى سوريا وتفخخ» وتعود إلى لبنان.
ودعا إلى «إنهاء بؤر الأمن الموجودة في مناطق البقاع شرق البلاد، في أكثر من منطقة»، في إشارة إلى مناطق خارجة تماماً عن سلطة القانون يتم تجميع سيارات مسروقة فيها. وتقوم عصابات بتزوير لوحات هذه السيارات وببيعها أو تهريبها إلى سوريا.
وكانت تقارير أمنية أفادت منذ أيام بأن السيارات يتم تفخيخها بمعظمها في بلدة يبرود بمنطقة القلمون السورية الحدودية مع لبنان، والتي تشهد حالياً حملة عسكرية وحشية. ودان السفير الأميركي في بيروت ديفيد هايل الاعتداء «بأقسى العبارات»، واصفاً إياه بـ«التفجير الإرهابي» الذي يهدد «مبادئ الاستقرار والحرية التي عمل الشعب اللبناني جاهداً للإبقاء عليها». ودعا الأفرقاء اللبنانيين إلى «ضبط النفس والامتناع عن أعمال من شأنها أن تسهم في دورة العنف».
وبعد ساعات على وقوع الانفجار المزدوج جنوب بيروت، أكدد مصدر أمني عن وقوع 10 صواريخ على منطقة بريتال وبلدات أخرى مجاورة شرق لبنان مصدرها الأراضي السورية. وأعلنت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية في وقت سابق أمس، أن 5 صواريخ عيار 107 مليمترات، ومصدرها السلسلة الشرقية داخل الأراضي السورية، سقطت على محيط قرى بريتال، وحام، وحورتعلا اللبنانية القريبة من الحدود السورية، دون أن تسفر عن سقوط ضحايا، حيث اقتصرت الخسائر على الماديات. تبنت «جبهة النصرة في لبنان الإرهابية» إطلاق الصواريخ على وادي البقاع. وقالت في بيان على حسابها على موقع تويتر، إنه تم ضمن سلسلة هجمات «قسماً لنثأرن»، تم إطلاق صواريخ جراد على منطقتي بريتال والنبي شيت.

الاتحاد