تصاعدت المواجهات الدامية بين الشرطة الأوكرانية والمحتجين في وسط كييف حيث تحدثت سلطات بلدية العاصمة عن مقتل 67 متظاهراً منذ الثلاثاء بينهم 39 قتيلًا أمس، بينما تحدثت المعارضة عن أن عدد القتلى يفوق ذلك بكثير. وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية عن اختطاف المتظاهرين 67 عنصراً من الشرطة.
وسعى وفد من وزراء خارجية الترويكا الأوروبية إلى التوسط لإنهاء الأزمة حيث حصل وفق ما اعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك على موافقة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة هذا العام وعلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون الأيام العشرة المقبلة. بينما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن نظر الاتحاد الأوروبي في إمكانية فرض عقوبات على السلطة الأوكرانية ليس إلا «محاولة للبلطجة»، محذراً من سعي «المتطرفين والمتشددين» لإثارة حرب أهلية في هذا البلد.
وأعلنت سلطات بلدية كييف في بيان أمس، مقتل 67 متظاهراً منذ الثلاثاء أُودعت جثثهم لدى أجهزة الطب القضائي، وقال المصدر إن «67 جثة توجد لدى جهاز الطب القضائي» موضحاً أن الأمر يتعلق بمتظاهرين قتلوا منذ الثلاثاء. وكانت المعارضة أشارت في وقت سابق إلى سقوط «أكثر من ستين قتيلا» في أعمال عنف الخميس. لكن الإدارة الصحية في كييف تؤكد أن قتلى يوم أمس الخميس هو 39 قتيلا سقطوا منذ السادسة صباحاً. وبهذا يكون أمس الخميس اليوم الأكثر دموية في الصراع الأوكراني.
وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية اختطاف 67 عنصراً من الشرطة على يد متظاهرين. وقال بيان للوزارة إنه يحق لعناصر الأمن اتباع أي وسيلة قانونية، بينها استخدام الأسلحة، بغية تحرير زملائهم.وأبدى البيت الأبيض «صدمته» إزاء إطلاق قوات الأمن الأوكرانية النار على المتظاهرين، مجدداً دعوته الرئيس إلى سحب الشرطيين من وسط كييف.
وفي لقطات عرضها التلفزيون شوهد رجال الشرطة وهم يطلقون وابلا من الرصاص من بنادق آلية لتغطية انسحاب زملائهم وهم يفرون إلى مركز قريب للفنون. وفي لقطات فيديو أخرى يظهر مسلح من المعارضة يضع خوذة على رأسه ويطلق النار من وراء شجرة.
وقال بيان للرئاسة الأوكرانية إن عشرات من قوات الشرطة أيضاً قتلوا وجرحوا أثناء هجوم المعارضين بعد ساعات من اتفاق يانوكوفيتش وزعماء المعارضة على هدنة. ورأى شهود قناصة أثناء الاشتباكات.
وقال القائم بأعمال وزير الداخلية في أوكرانيا إنه تم تسليح قوات الشرطة الأوكرانية بأسلحة قتالية بعد أن تأكد استخدام المحتجين للرصاص الحي بمواجهة قوات الأمن.
وتصاعدت الأزمة في أوكرانيا التي تعاني من الفساد ومشاكل اقتصادية حين قبل يانوكوفيتش تحت ضغط من الكرملين خطة إنقاذ روسية قيمتها 15 مليار دولار بدلا من اتفاق واسع النطاق مع الاتحاد الأوروبي.
وشارك آلاف المتظاهرين بينهم نساء ومتقاعدون، في ما يشبه التجمع الدائم في الساحة حيث أبقت المعارضة على منصة مجهزة للخطابات على رغم مواجهات اليومين الماضيين. كما سُمع دوي انفجارات بشكل متقطع في محيط ساحة الميدان وسط الدخان الكثيف المتصاعد من الإطارات التي أشعلها المتظاهرون لإعاقة تقدم قوات مكافحة الشغب.
وتطور الوضع بسرعة الخميس. وأُجلي الموظفون من المبنى الرئيسي للحكومة الأوكرانية القريب من وسط العاصمة كييف حيث تدور الصدامات. وقالت المتحدثة باسم الحكومة «تم هذا الصباح إجلاء كل موظفي مكتب رئيس الوزراء من المبنى. هذه أوامر رسمية». كذلك حصلت تظاهرات ومواجهات في مناطق مختلفة من البلاد، خصوصاً في مدن الغرب مثل «لفيف» التي سيطر المتظاهرون فيها أمس الأول على مخزن للأسلحة تابع للشرطة.
وأعلن دبلوماسيون أن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا الذين يزورون كييف للوساطة سيبقون في أوكرانيا وسيطلعون نظراءهم الأوروبيين في بروكسل على تطورات الوضع.
وكان يفترض أن يعود وزراء خارجية فرنسا لوران فابيوس وألمانيا فرانك- فالتر شتاينماير وبولندا رادوسلاف سيكورسكي إلى بروكسل بعد الظهر للمشاركة في اجتماع طارئ للاتحاد الأوروبي حول أوكرانيا، لكنهم سيبقون في كييف «في الوقت الراهن» وعلى اتصال مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون في بروكسل.
في الوقت نفسه، أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كييف موفداً للمشاركة في وساطة مع المعارضة بطلب من الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، كما أفاد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن بسكوف قوله إن «الرئيس يانوكوفيتش اقترح على رئيس الدولة الروسي إرسال مبعوث إلى كييف للمشاركة كوسيط في مفاوضات مع المعارضة»، موضحاً أن بوتين قرر تكليف موفده لحقوق الإنسان فلاديمير لوكين بذلك.
وقد التقى الوزراء الأوروبيون الثلاثة على التوالي قادة من المعارضة. وقال فابيوس على تويتر «بعد خمس ساعات من المحادثات مع فيكتور يانوكوفتيش سنلتقي مجدداً قادة المعارضة الثلاثة».
وفي برلين، حثت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الخميس الرئيس الأوكراني على قبول المساعدة الأوروبية للحوار مع المعارضة. وأفاد بيان صادر عن المستشارية أن ميركل اتصلت هاتفياً بيانوكوفتيش صباح أمس و«نصحته بشدة» بقبول عرض الاتحاد الأوروبي «لدعم الحوار بين الحكومة والمعارضة» مع التنديد «بشدة بتصعيد» العنف.
من جهته اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بغداد أمس أن نظر الاتحاد الأوروبي في إمكانية فرض عقوبات على السلطة الأوكرانية ليس إلا «محاولة للبلطجة»، محذراً من سعي «المتطرفين والمتشددين» لإثارة حرب أهلية في هذا البلد.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي في بغداد إن «القوى الغربية على رأسها أوروبا والولايات المتحدة تحمل كافة المسؤولية للأطراف الحكومية، وفي الوقت نفسه لا تستنكر أعمال المتطرفين المتشددين وتهدد بفرض عقوبات».
أما رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف فأعطى مؤشرات إلى نفاد صبره بشأن ما اعتبره نقصاً في الحزم من جانب الإدارة الأوكرانية التي تواجه احتجاجات منذ رفضها في نوفمبر التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي لمصلحة موسكو. واستبدل الرئيس الأوكراني مساء أمس الأول رئيس أركان القوات المسلحة الذي أبدى منذ البداية تردداً في استخدام القوة العسكرية لمواجهة المتظاهرين.
وهاجم مئات المتظاهرين صباحاً الطوق الأمني الذي فرضته الشرطة حول ساحة الميدان وسيطروا على الساحة على الرغم من الهدنة التي أعلنتها السلطات».
الاتحاد