أشاد أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لوثيقة الأخوة الإنسانية، وحرصه على توفير كل الدعم والإمكانات للجنة العليا للأخوة الإنسانية، وتذليل كافة الصعوبات لتأدية عملها بشكل مستقل، من أجل تحقيق الإخاء الإنساني ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين البشر.
جاء ذلك خلال لقائه اللجنة العليا لتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تضم كوكبة من الشخصيات القيادية الدينية والفكرية والثقافية من جميع أنحاء العالم، ونخبة من كبار الشخصيات بالمنظمة الدولية، وذلك لطرح التصور والمقترح لبيت العائلة الإبراهيمية والتطورات المرتبطة به، وتقديم أعضاء اللجنة، ومناقشة رؤيتها طويلة الأمد.
كما طرحت اللجنة خلال اللقاء مقترحاً بإقامة «القمة العالمية للأخوة الإنسانية»، تهدف إلى إيجاد سبل عملية لتحقيق التعايش والتفاهم السلمي.
وقدم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، الشكر والتقدير لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية على وثيقة الأخوة الإنسانية، والتي تعد نموذجاً إيجابياً لمكافحة خطاب الكراهية، ووسيلة جديدة للحد من الاضطهاد الديني، وتطبيقاً عملياً لاحترام الأديان، ورسالة مباشرة ومقصودة إلى جميع المؤمنين مفادها أن التنوع والاختلاف في الدين هو حكمة إلهية كالاختلاف في اللون والجنس واللغة، وصرح «إنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً، أن يطلق شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية مبادرة تلقى ترحيباً كبيراً، ويشارك فيها المجتمع اليهودي، هذا أمر أقرب للحلم»، مشيراً إلى أن توقيع هذه الوثيقة من قبل أكبر رمزين دينيين في العالم، يعكس عالمية الرسالة التي تشتمل عليها من ضرورة احترام مبدأ حرية الأديان وحمايته.
وأشاد غوتيريس بالمصطلحات الإيجابية التي استخدمتها الوثيقة في التعبير، كاستخدام مصطلح المواطنة بدلاً من الأقليات، معبراً عن إعجابه بالتنوع الموجود داخل اللجنة المنوط بها تحقيق أهداف الوثيقة، لاحتوائها على ممثلين من مختلف الأديان والجنسيات.
وقال: «إن تمثيل الأعضاء الموجود باللجنة محبب جداً إلى قلبي، ويمثل دعوة صريحة للجميع للعيش سوياً ونبذ التعصب الأعمى»، متطلعاً لترجمة فعلية لجهود هذه اللجنة من خلال عقد الاجتماعات مع القيادات الدينية ورؤساء المنظمات الدولية وغيرهم من القيادات الأخرى، وتبني المبادرات التي من شأنها نشر السلام والحب بين جميع البشر، مشيراً إلى أن العمل على رفع الوعي بالحريات الدينية، ونبذ الاضطهاد الديني لا بد وأن يكون في مقدمة أولويات عمل اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
من جانبه، قال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة – أبوظبي، والعضو في اللجنة: «يعد مشروع بيت العائلة الإبراهيمية أول مبادرة رئيسية تقدم اللجنة العليا لتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية المشورة بشأنها».
وتابع: «سيضم هذا الصرح مسجداً وكنيسة ومعبداً تحت سقف واحد، ما يجعله معلماً متميزاً تسوده أجواء التسامح والتفاهم والتوعية والتعاون بين أتباع الديانات، ويبعث برسالة إلى العالم مفادها أننا جميعاً يد واحدة».
وأضاف: «تشرفنا باستعراض مخططات المشروع للأمين العام للأمم المتحدة معالي أنطونيو غوتيريس، متطلعين إلى التعاون المتواصل مع المنظمة الدولية في إطار مساعينا إلى تحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية».
من جانبه، قال المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة العليا لتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية: «يعد هذا اللقاء علامة فارقة بالنسبة للجنة، ويعكس مدى اهتمام المؤسسات الدولية بالجهود الداعية للإخاء الإنساني، خاصة أن هذه الوثيقة تعد أهم الوثائق الإنسانية في العصر الحديث وقام بتوقيعها أكبر رمزين دينيين، فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس. وإننا نتطلع إلى العمل سوياً من أجل نشر قيم الاحترام المتبادل والتفاهم الإنساني بين مختلف شعوب العالم».
وتسعى اللجنة العليا نحو ترسيخ قيم التعايش السلمي بين جميع الناس من مختلف الأديان والجنسيات على مستوى العالم، من خلال رعاية وتنفيذ تطلعّات وثيقة الأخوة الإنسانية، وعقد الاجتماعات مع القيادات الدينية ورؤساء المنظمات الدولية وغيرهم من القيادات الأخرى، لتبني المبادرات التي من شأنها نشر السلام بين جميع الشعوب.
ومستقبلاً، سيزيد عدد أعضاء اللجنة العليا لتشمل قادة من مختلف الأديان والمناطق والمجتمعات من جميع أنحاء العالم. وكانت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة السابقة لمنظمة اليونيسكو، أحدث عضو انضم أخيراً إلى اللجنة، ما سيساهم في تعزيز الخبرات الإضافية للجنة على المستوى الدولي، ويدعمها لتحقيق الأهداف والرؤى التي تنص عليها وثيقة الأخوة الإنسانية.
أعضاء اللجنة العليا لتحقيق أهداف الوثيقة
تضم اللجنة العليا لتحقيق أهداف وثيقة الأخوّة الإنسانية عدداً من الأعضاء من الإمارات، إسبانيا، إيطاليا، مصر، الولايات المتحدة الأميركية، وبلغاريا. وتضّم اللجنة كلاً من: الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو غويكسوت، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالكرسي الرسولي، القاضي محمد محمود عبدالسلام، المستشار السابق لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الحاخام م. بروس لوستيج، كبير الحاخامات في المجمع العبري بواشنطن، المونسنيور يؤانس لحظي جيد، السكرتير الشخصي لقداسة البابا، الأستاذ الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة- أبوظبي، الدكتور سلطان فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إيرينا بوكوفا، المديرة العامة السابقة لمنظمة اليونسكو، وياسر حارب، كاتب ومقدّم برامج تلفزيونية إماراتي.
«بيت العائلة الإبراهيمية»
يعد أحد أول المشاريع التي ستشرف اللجنة عليها، والذي سيقام في جزيرة السعديات، بأبوظبي. ويجسّد المشروع التطلعات التي تنص عليها وثيقة الأخوة الإنسانية، إذ سيضم كنيسةً ومسجداً ومعبداً في مساحة مشتركة للمرة الأولى، تسعى لتشجيع الحوار الديني ونشر قيم التسامح والعيش المشترك بين جميع الناس من مختلف الأديان والثقافات والمعتقدات. ويذكر أنه قد تم اختيار تصميم المعماري العالمي الشهير، السير ديفيد اجايي أوبي، لبيت العائلة الإبراهيمية، في سبتمبر 2019. وبالإضافة إلى الدور الذي تضطلع به اللجنة بشأن التوجيهات الخاصة بـ«بيت العائلة الإبراهيمية»، فللجنة أيضاً صلاحيات تقديم المشورة حول أهداف «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، والتي وقّع عليها كلٌّ من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في أبوظبي، وذلك خلال الزيارة التي قام بها البابا في الرابع من شهر فبراير هذا العام إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وخلال لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، تقدمت اللجنة بمقترح لعقد قمة عالمية تجمع قادة دينيين وسياسيين بهدف إيجاد سبل عملية من شأنها تطبيق البنود التي تنص عليها وثيقة الأخوة الإنسانية.
الاتحاد