أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ضرورة أن يعمل الإعلام على احترام المتلقين من قراء ومشاهدين ومستمعين من خلال تقديم المعلومة الحقة الخالية من أي شبهة أو تضليل ..مشيرا سموه الى الحاجة للتحلي بأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام لدى العاملين فيها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها صاحب السمو حاكم الشارقة خلال حفل افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي والذي يحمل شعار ” أدوار مختلفة .. رؤية واحدة ” اليوم بحضور سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة وبمشاركة ضيف شرف المنتدى السيد ميكائيل غورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي والسيد فيليبي كالديرون رئيس المكسيك السابق وذلك بمركز اكسبو الشارقة.
وقال سموه ” يمر عالمنا العربي بمرحلة حرجه اختلطت فيها الأمور فنشاهد صاحب التنوير يدخل إلى العتمة وصاحب الحق يمتطي الباطل وصاحب العفة تتكشف أستاره عن شهوات دنية وأصحاب الفكر يتوهون بين الحقيقة والخيال إلا من رحم ربي “.
وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة ” ان مهنة الصحافة والإعلام لا تقل خطورة عن مهنه الطبيب فخطورة القلم أشد من المشرط بيد الطبيب المرتعشة كمناورات الدعاية ونشر الأخبار الكاذبة للتضليل وعدم التثبت من مصادر المعلومات أو احترام الحياة الخاصة فعلى الإعلامي واجب احترام القارئ أو المستمع والصالح العام وحق المعرفة ويجب ان تكون لديه أخلاقيات تشكل الحقيقة والدقة والصدق والنزاهة والإنصاف “.
وشدد سموه في كلمته على حقوق الإعلاميين التي يكفلها لهم القانون والتي تمكنهم من حرية التعبير والنقد بقوله “إن للإعلامي حقوقا يجب أن يكفلها له القانون مثل حرية التعبير والنقد وحرية الاطلاع على كل مصادر المعلومات وحرية التحقيق دون التعرض لحجة سر الشؤون العمومية أو الخاصة إلا استثناء مبررا بوضوح “.
وقال سموه ” من حق الإعلامي ان لا يكشف مصدر المعلومات التي وقع الحصول عليها بطريقة سريه وله الحق في رفض الضغوط مثل التعليمات المباشرة أو غير المباشرة ما عدا حكم القانون إذا كان هناك مطالبا بالتفتيش الذي يهدف إلى كشف مصدر الإعلامي – حتى ولو لم يسفر عن نتيجة – فإن ذلك عمل أخطر من أمر الإعلامي بأن يكشف بنفسه عن هوية مصدره “.
واختتم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كلمته برسالة للقائمين على القنوات التلفزيونية موجها لهم وناصحا حيث قال: كلمة أخيرة أهمس بها لأصحاب القنوات التلفزيونية والتي تعرض بعض الأشرطة المصورة المستوردة من الخارج أو التي تم إنتاجها محليا ان لا تقبل أي صورة أو قصة أو خبر أو عبارة تشجع على هدم النفائس والآثار الفنية ويجب على تلك القنوات أن تشجب الكذب والسرقة والكسل والجبن والكراهية أو أي عمل إجرامي ..ومن الضروري إعادة الروح الإنسانية للأشخاص وإعطائهم قيمة ثقافية وأخلاقية واستخدام مشاعر الود وتمجيد قيمة العمل والأسرة وأن تكون مكانا للحياة الشريفة والسعادة والفرح “.
وكانت فعاليات المنتدى قد بدأت بعزف السلام الوطني لدولة الإمارات ثم كلمة للشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي رئيس اللجنة العليا المنظمة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي رحب في مستهلها بصاحب السمو حاكم الشارقة وضيوف الإمارة المشاركين في المنتدى قبل ان يلقي الضوء على خلفية المنتدى لهذا العام .
وقال ” لقد باتت الجماهير تطالب بالشراكة الحقيقية مع حكوماتها هذه الشراكة التي تؤثر في صنع القرارات وتحدد المسار المستقبلي للبلاد .. إن حكوماتنا مطالبة بأكبر قدر من الشراكة مع جمهورها وبالإنصات وفهم وتحليل ما يجول في بالهم وبالتفاعل معهم وتفهم خصوصياتهم والتحديات التي يواجهونها “.
وأضاف إن تطلعات المواطنين تضع كافة حكومات العالم أمام تحدٍّ كبير يتمثل في الموازنة بين الاستثمار في تطوير وتنويع أساليب الاتصال والتخاطب وبين الاستثمار في مجالات ضخمة ومعقدة كالمجال الاقتصادي والاجتماعي والعسكري والتعليمي والصحي كما أن سمعة الدول تؤثر في صورتها ومصداقيتها لدى المجتمع الدولي وتؤثر أيضا في حجم الاستثمارات المباشرة التي تتدفق إليها من الخارج واليوم صقل هذه السمعة ليست مسؤولية سفراء الدول ووزراء الخارجية وممثلي الدبلوماسية فقط وإنما هي مسؤولية كل إدارة اتصال حكومي في كل مؤسسة حكومية أينما كانت .
وأوضح ان سمعة الدول تؤثر في صورتها ومصداقيتها لدى المجتمع الدولي وتؤثر أيضا في حجم الاستثمارات المباشرة التي تتدفق إليها من الخارج وقد يعتقد البعض ان سمعةَ الدولِ هي مسؤوليةُ سفرائها ووزراءِ الخارجيةِ وممثلي الدبلوماسية فقط ولكني أعتقد أنها مسؤولية كلُ إدارةِ اتصالٍ حكوميٍّ في كل مؤسسةٍ حكوميةٍ أينما كانت فتفاعلُ موظّفو الحكومة وعلى رأسِهم موظفي الاتصالِ الحكومي مع الجمهور لا يؤثر في صورةِ الدولة خارجياً وحسب وإنما في سمعتها الداخليةِ ايضًا وإننا في دولة الاماراتِ العربية المتحدة بقيادةِ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تمكنا من قطعِ أشواطٍ كبيرة في مجال تطوير أساليب التواصل وفي الانفتاحِ والتجاوب مع الجمهور بكافة مكوناته .
وأكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي ان إمارة الشارقة تعمل على تطوير ودعم إدارات الاتصال الحكومي في جميع الدوائر الحكومية من خلال وحدة الاتصال الحكومي وتطوير مهارات موظفي الاتصال عبر برامج تدريبية وإطلاق جائزة الشارقة للاتصال الحكومي وذلك بحثاً عن أفضل ممارسات الاتصال الحكومي التي يمكن تبنيها وعن أولويات جمهورنا وطرق التجاوب معها والموازنة بينها وبين أولويات الحكومة التي يفرضها الواقع.
واختتم رئيس مركز الشارقة الاعلامي كلمته قائلا ” نسعى جاهدين لتحقيق هذا الهدف بدعم قيادتنا الرشيدة ودعم وسائل الاعلام وإرادة موظفي الاتصال الحكومي الساعين إلى تطوير مهاراتهم وأساليب وأدوات الاتصال الحكومي إلى جانب المبادرات التي تستقطب نخبة من المتحدثين والخبراء في هذا المجال كي نستمع إليهم ونتفاعل مع تجاربهم وآرائهم”.
من جانبه ألقى السيد ميكائيل غورباتشوف كلمة له بهذه المناسبة باعتباره ضيف شرف الدورة الثالثة من المنتدى استهلها بتوجيه الشكر الجزيل على دعوته للمشاركة في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي .. معربا عن امتنانه العميق لصاحب السمو حاكم الشارقة وعموم المنظمين في مركز الشارقة الإعلامي على اختياره كضيف شرف لهذا لحدث الدولي الرفيع الذي تستضيفه إمارة الشارقة.
ووصف غورباتشوف العالم الذي نعيش فيه اليوم بـ “المعولم” منتقدا تأثيراته السلبية على مختلف الأصعدة على الرغم من أنه يعد أفضل من تلك الحقبة التي عاشها إبان القرن العشرين والتي كانت الأكثر قساوة ودموية في التاريخ البشري على حد وصفه ..مشيراً إلى أن شعوب الأرض لم تتعلم من تجارب الماضي إلى اليوم ولم تتمكن بعد من العيش جنبا إلى جنب في سلام وتناغم الأمر الذي بدا واضحاً وشوهدت نتائجه في حياة الناس على الصعيد البيئي والاقتصادي والثقافي.
وأوضح غورباتشوف أن رؤيته للعالم الذي نعيش فيه اليوم كانت نابعة من الآمال الكبيرة التي ساورته عند انتهاء الحرب الباردة والكامنة في محاولة خلق حلول ناجحة لمختلف الأزمات العالمية ..مؤكداً أنه ولسوء الحظ أن العالم تبنى سياسة العولمة التي يسير فيها مغمض العينين وراء مجموعة من الدول الكبرى.
وأشار إلى أن النظام العالمي الجديد أنتج فروقات كبيرة بين الدول وقسمها إلى دول منتجة وأخرى مستهلكة ..لافتا إلى الفوائد التي حققتها الدول المتقدمة في جانب التنمية المستدامة على حساب الدول الأخرى ..وقال ان عدداً قليلاً من دول العالم تمكنت من تجاوز حاجز التنمية ونجحت في تخطي حاجز العولمة كالصين والبرازيل والذين نجحوا في قطاعات حيوية عدة كالتكنولوجيا والطاقة والصناعات الثقيلة إلى جانب برامجهم الواعدة في مكافحة الفقر.
وأوضح غورباتشوف أن المراهنين على أن العولمة ستساعد على تكريس المساواة في العالم ونشر قيم التسامح والانفتاح الفكري سيعترفون بإخفاقهم عاجلاً أو آجلاً فاليوم تحاول الدول الإسلامية على سبيل المثال أن تواجه التهميش من قبل القوى العظمى اضافة الى المشاكل العالمية التي ظهرت بشكل جلي كالهجرة غير الشرعية وأسبابها والنعرات العرقية والدينية والصراع على الموارد و البطء في التعاطي مع مسألة نزع أسلحة الدمار الشامل وعودة انتشار فكر سباق التسلح لدى الدول النامية بعيداً عن استثمار الموارد في التنمية البشرية والاقتصادية.
وأكد ان نقل نموذج الاستهلاك الغربي إلى العالم النامي لن يؤدي إلى التقدم ناهيكم عن العبء البيئي والاقتصادي فيجب أن نغير القيم الخاصة بنا وأن لا نبني على مصالح شخصية بل أن نركز على المصلحة العليا للشعوب وعلى التنمية الصناعية والتنمية الاقتصادية وأن يتم تقليص حجم الاستهلاك من مفرط إلى مقبول ويجب التركيز وبشكل أساسي على التعليم والصحة وتأهيل الفكر.
وأنهى غورباتشوف كلمته قائلاً لقد تأخرنا عشرين عاماً عن النموذج الجديد من التنمية المستدامة لذلك يجب علينا الانتقال بشكل متواتر وسريع وأن تكون مدعاة اهتمام الحكومات والمجتمعات المدنية على حد سواء بل ويجب أن يكون هناك حوار عالمي يعمل على إشراك عموم الناس في إيجاد الحلول لنكون أصحاب مصداقية”.
حضر حفل افتتاح المنتدى الشيخ خالد بن عبد الله القاسمي رئيس دائرة الموانئ البحرية والجمارك والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” والشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي رئيس مجلس التطوير العمراني والشيخ خالد بن عصام بن صقر القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني والشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم والشيخ فاهم بن سلطان بن خالد القاسمي عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة.
كما حضره معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الإتحادي وعدد من رؤساء الدوائر الحكومية أعضاء المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة وأعضاء المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة إلى جانب حشد غفير من كبار الشخصيات ورؤساء الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة والإعلاميين من مختلف الدول العربية والأجنبية وممثلي الاتصال المؤسسي الحكومي من موظفي الوزارات والدوائر الحكومية داخل الدولة وخارجها.
وكان صاحب السمو حاكم الشارقة قد قام بجولة في الأروقة والقاعات الملحقة بالمؤتمر متفقدا التجهيزات والمرافق والخدمات المتنوعة كما توقف عند اللوحة التأبينية التي نصبها مركز الشارقة الإعلامي في مدخل قاعات المنتدى في روح المغفور له عبد الله عمران تريم وقد دون سموه في سجل تابع للوحة التأبينية كلمة كان محتواها ” الى روح الصديق الوفي ورفيق الدرب منذ الطفولة وحتى ابد الآبدين ان شاء الله لك مني ومن كل محب لكم دعوات بالمغفرة وسكن الجنان وان يطرح الله البركة في الابناء والبناء فمعزتهم لدينا من معزتكم عندنا”.
وعرض خلال حفل الافتتاح فيلم تسجيلي قصير لقياس مدى رضا الجمهور عن حكوماتهم من خلال مقابلات مسجلة تضمنت وجهات نظر مختلفة حول تصوراتهم لحكومات أكثر تواصلاً واستجابة لمتطلباتهم واحتياجاتهم.