علي العمودي
يتوقف المرء متأملا تلك الدلالات العظيمة لما جاء في كلمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدى افتتاح سموه منتدى الشارقة للاتصال الحكومي أمس الأول.
كلمة جليلة من سلطان الثقافة عن «سلطان الكلمة»، وفي مكانة الكلمة الصادقة ودور الإعلام المسؤول، وسموه يؤكد أمانة الكلمة، ودور القلم الذي وصفه بأنه «أشد خطورة من مشرط الطبيب»، وضرورة تحلي من تصدى لأمانة الكلمة والقلم بالحقيقة والدقة والصدق.
كلمة جليلة مهيبة يستحضر المرء معها أمانة الكلمة وما يسطر اليراع، تجدد لدى الحضور ثقل الأمانة وحجم المسؤولية التي فرط بها كثيرون في زمن الإعلام القاتم والمتردي، الذي اعتبره الكثيرون ممن يتعاملون معه من الباب التجارة والارتزاق، منبراً من أجل إذكاء الفتن ونشر التعصب والتشتت والفرقة. يرون فيه وسيلة مهمة من وسائل الابتزاز، والتكسب والتربح، وفي خدمة من يدفع أكثر لأجل تنفيذ أجندات في خدمة غايات وأهداف غير نبيلة، ومصالح بعيدة عن أهداف الأوطان التي ابتليت بفضائيات ووسائل إعلامية تزرع الشقاق وتنشر بذور التعصب الديني والمذهبي والحزبي. مشاهد وصور تتوالى للمآل والدرك الذي بلغه الخطاب الإعلامي باتجاه مجتمعاتنا الخليجية والعربية والإسلامية إجمالا. خطاب يقوم على الترويج للكراهية والغلو وإقصاء الآخر، جاء ليتصدر المشهد، وتتعاظم معه مسؤوليات الإعلام الملتزم بالثوابت الوطنية والقيم الإسلامية السمحاء.
خطاب يريد أن يدمغ بأمتنا ذات الحضارة العريقة والقيم الأصيلة ممارسات الخراب والقتل والترويع والنسف والتدمير والتمثيل بالجثث. وعلى حساب نبل الرسالة العظيمة التي جاء بها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، والمبعوث رحمة للعالمين ليتمم مكارم الأخلاق.
إن التصدي لذلك التشويه الذي لحق بالرسالة الإعلامية على يد ثلة من مفتي الضلالة ومشائخ الفتنة، يتطلب مقارعتهم الحجة بالحجة، وفضح زيف مزاعمهم وافتراءاتهم، فلم يكن ديننا الحنيف ووسطيته واعتداله في يوم من الأيام داعيا إلى من يدعون إليه اليوم، ويسعون من خلاله إلى تمزيق الأوطان وتصنيف البشر بحسب أهوائهم لإرضاء تعطشهم للدم والخراب. ذلك كان جانبا من جوانب الرسائل الإعلامية التي تحاصرنا. وعلى الجانب الآخر هناك الرسائل التي يبثها من الجانب الآخر اليمين المتطرف في الغرب، ويعيد توظيف رسائل الترويج للقتل والإقصاء ويقدمه للعالم على أنه بضاعة عربية إسلامية خالصة. وقدمنا بتلك الصورة النمطية التي لا يريدونها أن تفارق الذاكرة الغربية منذ أحداث 11 سبتمبر.
كلمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، استحضرت المشهد الإعلامي بمجمل تفاصيله، لتذكر الجميع بمسؤولياته في إعادة الروح الإنسانية للرسالة الإعلامية وللأشخاص في وقت يمر فيه العالم العربي «بمرحلة حرجة، اختلطت فيها الأمور»، والعمل معا لمنع قبول ذلك الخطاب الذي يشجع على «هدم النفائس والآثار». تلك الفئات وخطابها الذي يفتقر لآية برامج لخدمة مجتمعاتها قدر ما تنشغل بإلهائها عن التنمية بتدمير الشخصية الإنسانية والموروث الحضاري لها. وقد شاهدنا نماذج منهم في أفغانستان والصومال ومالي.
وخص سموه القنوات التليفزيونية برسائل مباشرة، وهي تقتحم بيوتنا، تدعوها لمراعاة المجتمع وصون هويته الوطنية وقيمه الأصيلة، نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت.
الاتحاد