سادت حالة من الهدوء الحذر، أمس، في العاصمة العراقية بغداد، بينما أصيب 5 متظاهرين عراقيين نتيجة الطعن بسكاكين من قبل مجهولين في مدينة كربلاء، وسط العراق، بالتزامن مع خروج مظاهرات حاشدة ضد الطبقة السياسية واستشراء الفساد.
وكشفت مصادر محلية أن مجهولين أضرموا النيران في مخزن تابع لخيام الاعتصام في حي البلدية وسط كربلاء.
ومن جانبه، أدان المرجعية العليا في العراق، علي السيستاني، أمس، عمليات «القتل والخطف» التي تستهدف المتظاهرين المناهضين للحكومة، مؤكداً على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
واستعرض تقرير الأمم المتحدة، أمس الأول، الانتهاكات المستمرة ضد المتظاهرين، ومنها: القتل العمد، والخطف والاعتقال العشوائي على يد جماعات مجهولة.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي: «نشجب بشدة ما جرى من عمليات القتل والخطف والاعتداء بكل أشكاله»، مندداً بـ«اعتداء آثم» في السنك الأسبوع الماضي وبـ«الجريمة البشعة والمروعة» في ساحة الوثبة وسط بغداد أمس الأول.
وتعرض مرآب يسيطر عليها محتجون منذ أسابيع عند جسر السنك القريب من ساحة التحرير، وسط بغداد، نهاية الأسبوع الماضي، إلى هجوم مسلح أسفر عن مقتل عشرين متظاهراً على الأقل وأربعة من عناصر الشرطة، وإصابة نحو مئة شخص بجروح، وفقاً لمصادر أمنية وطبية. وأقدم متظاهرون غاضبون، أمس الأول، على مهاجمة مراهق وقتله والتمثيل بجثته وتعليقه على عمود إشارة مرورية وسط بغداد، في تصرف دانه غالبية المتظاهرين، كي لا يسيء إلى الحركة الاحتجاجية التي تقدم نفسها على أنها «سلمية».
واعتبر السيستاني أن تلك الحوادث و«ما تكرر خلال الأيام الماضية من حوادث الاغتيال والاختطاف، يؤكد مرة أخرى أهمية ما دعت إليه المرجعية الدينية مراراً من ضرورة أن يخضع السلاح (كل السلاح) لسلطة الدولة».
وجاء ذلك بعد ليلة شهدت مسيرة صامتة في ساحة التحرير تنديداً بما وصفه المحتجون بجريمة «الوثبة» وأعلن الناشطون عبر مكبرات الصوت في ساحة التحرير عن براءتهم من الجريمة، واصفين ما حصل بالجريمة، التي يدينها المتظاهرون والإنسانية ويعاقب عليها القانون.
وشهدت ساحات التحرير والخلاني والوثبة المتجاورات، أمس، استقراراً أمنياً، وحالة من الهدوء الحذر وسط فعاليات وأنشطة مدنية داعمة لمطالب المتظاهرين كإلقاء القصائد وإقامة الجلسات الحوارية.
ودعت المرجعية «الجهات المعنية إلى أن تكون على مستوى المسؤولية وتكشف عمن اقترفوا هذه الجرائم الموبقة وتحاسبهم عليها»، محذرة من تبعات تكرارها على أمن واستقرار البلاد. وواجه ناشطون في بغداد وأماكن أخرى من البلاد تهديدات وعمليات خطف وقتل، يقولون إنها محاولات لمنعهم من التظاهر.
وأسفرت حملة التخويف والخطف وقمع المتظاهرين في العراق الذي يشهد منذ الأول من أكتوبر موجة احتجاجات لـ«إسقاط النظام» وتغيير الطبقة السياسية، عن مقتل أكثر من 475 شخصاً وإصابة أكثر من 20 ألفاً بجروح حتى اليوم.
ومذ ذلك الحين، عُثر على ناشطين جثثاً في عدد من المدن العراقية، كذلك احتُجز عشرات المتظاهرين والناشطين لفترات متفاوتة على أيدي مسلّحين، كان آخرهم المصور الشاب زيد الخفاجي الذي أطلق سراحه مساء أمس الأول بعد أسبوع من اختطافه من أمام منزله.
ولم تتمكن السلطات حتى الآن من تحديد هوية الجهات الخاطفة، التي يقول المتظاهرون: «إن أفرادها يرتدون الزي العسكري»، ويوجهون أصابع الاتهام إلى فصائل موالية للخارج.
وعلى صعيد الاحتجاجات، شهدت مدينة العمارة جنوب بغداد فجر أمس، سلسلة انفجارات بخمس عبوات صوتية، استهدفت مقار ومنازل عناصر في فصائل متشددة، من دون وقوع ضحايا، وفقاً لمصادر في الشرطة وشهود عيان.
وذكرت المصادر أن أحد الانفجارات استهدف مقراً لحركة «عصائب أهل الحق»، فيما استهدف انفجاران آخران منزلين لعناصر في الحركة نفسها بوسط العمارة.
ووقع انفجار عبوة مماثلة عند منزل عنصر في «سرايا السلام»، الجناح العسكري لتيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، واستهدف خامس منزل عنصر في حركة «أنصار الله الأوفياء» التابعة للحشد الشعبي، وفقاً للمصادر نفسها. وفي الكوت، جنوب العاصمة أيضاً، أصيب ستة أشخاص بجروح جراء انفجار عبوة صوتية في ساعة متأخرة مساء أمس الأول، داخل مقهى شعبي يرتاده شبان مؤيدون للاحتجاجات، وفقاً لمصادر أمنية وطبية.
وتواصلت الاحتجاجات والتجمعات أمس في بغداد، ومدن جنوبية عدة بينها الناصرية والكوت والحلة والديوانية والنجف وكربلاء والبصرة.
وعلى الصعيد السياسي، لم يتم الإعلان حتى الآن بصورة رسمية عن تقديم مرشح جديد لمنصب رئاسة الوزراء رغم اقتراب المهلة الدستورية منتصف الأسبوع المقبل، بيد أن نائباً في ائتلاف «دولة القانون» وهو محمد السوداني قدم أمس، استقالته من الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في مؤشر عزز التسريبات التي أثيرت مؤخراً حول احتمال ترشيحه إلى المنصب.
وأعلن السوداني في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، استقالته من حزب «الدعوة الإسلامية» ومن ائتلاف دولة القانون، وهو على ما يبدو يعتبر تمهيداً لترشيحه للمنصب الذي يشترط المتظاهرون أن يكون لشخص غير منتمٍ للأحزاب. ومن المرجح أن يكون الأسبوع المقبل ساخناً بالأحداث السياسية في بغداد مع احتمالات التصويت على قانون الانتخابات الجديد وانتهاء مهلة تقديم المرشح لمنصب رئيس الوزراء العراقي الجديد.

«حقوق الإنسان»: 25 حالة خطف منذ بدء الاحتجاجات
أعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، الجمعة، تلقيها 25 بلاغ اختطاف لمتظاهرين منذ بدء الاحتجاجات. كما شككت بأن يكون القتيل في منطقة الوثبة وسط العاصمة بغداد، أمس الأول، قناصاً.
وقالت إن الجريمة واضحة الوجوه والمعالم أمام القضاء، لافتة إلى أن هناك عصابات لديها جرأة كبيرة في ارتكاب جرائم وسط بغداد.
ومن جهته، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد خالد المحنا، أمس، أن التحقيقات لا تزال مستمرة بشأن جريمة حادثة الوثبة.
وقال المحنا، لوكالة الأنباء العراقية: «إن التحقيقات لا تزال مستمرة بشأن جريمة حادثة الوثبة»، مبيناً أنه «لم يتم تسليم أو استلام أي متهم بجريمة الوثبة حتى الآن، مع استمرار إجراءات التحقيق».

«سائرون»: رئيس الحكومة المقبلة من خارج العملية السياسية
أكد النائب عن تحالف سائرون ستار العتابي، أن ابتعاد تحالفه عن الترشيح لرئيس وزراء جديد مطلب يرضي الجميع، فيما أشار إلى أن المرشح الجديد سيكون من خارج العملية السياسية.
وقال العتابي لوكالة الأنباء العراقية، أمس: «إن تنازل تحالف سائرون عن اختيار رئيس الوزراء حسب استحقاقه الدستوري، جاء لتعاطفه مع مطالب المتظاهرين والشعب العراقي».
وأضاف: «إن مواصفات رئيس الوزراء المقبل حددت بألّا يكون تابعاً لجهة حزبية ولم يعمل ضمن العمل السياسي سابقاً، وأن يكون مستقلاً، وألّا يكون من مزدوجي الجنسية». وتابع أن «ابتعاد تحالف سائرون عن تقديم مرشح لرئيس الوزراء مطلب يرضي الجميع كون تسمية رئيس الحكومة يجب ابتعادها عن الفئوية والحزبية، وأن يكون شخصاً مستقلاً وحراً في اختيار وزرائه كي يتمكن من أداء مهامه بدون ضغوط». وكان النائب عن تحالف سائرون علاء الربيعي قد أكد، في وقت سابق، أن «التحالف لن يشترك في الحكومة المقبلة ما لم يكن رئيس الوزراء مختاراً من قبل الشارع العراقي».
فيما طالب رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، بالإسراع في اختيار رئيس وزراء مقبولاً اجتماعياً وسياسياً.

الاتحاد