أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أمس، أن التسريبات القطرية الأخيرة بشأن حلّ أزمة الدوحة مع المملكة العربية السعودية من دون الدول الثلاث هدفه شق الصف والتهرب من الالتزامات. وأكد أن المملكة العربية السعودية تقود جبهة عريضة من أشقائها في هذا الملف وملفات إقليمية أخرى.
وقال معالي الوزير قرقاش في تغريدة على «تويتر» إن «التسريبات القطرية الأخيرة بشأن حلّ أزمة الدوحة مع السعودية الشقيقة من دون الدول الثلاث تكرار لسعي الدوحة إلى شق الصف والتهرب من الالتزامات». وأضاف أن «الرياض تقود جبهة عريضة من أشقائها في هذا الملف والملفات الإقليمية الأخرى، والتزامها بالمطالب والحلفاء أساسي وصلب».
في غضون ذلك، أصدرت مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطية»، وهي مؤسسة بحثية أمريكية مرموقة، تقريراً موسعاً عن النشاط التخريبي الذي تقوم به كل من قطر وتركيا في المنطقة، وتقويض الأمن والاستقرار ودعم الميليشيات الإرهابية.
وجاء التقرير في 40 صفحة تحت عنوان «إخوة السلاح»، أعدّه الباحثان أيكان أردمير وفارشا كودوفايور، وتضمن مقدمة و12 ملفاً يتحرك فيها المحور القطري التركي بشكل مشترك لدعم الإرهاب.
وتطرق التقرير إلى المقاطعة التي أعلنتها الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب (المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والبحرين ومصر)، وانكشاف المسار غير المعلن للعلاقات التركية القطرية، وصولاً إلى الدعم القطري للغزو التركي لشمالي سوريا في خريف العام الحالي، وهذا التأييد يكشف أيضاً طابع التسويق القطري للتوسع التركي، وللتبعية القطرية لتركيا في التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. كما تناول التقرير اتهامات دول المقاطعة للتأييد القطري للتدخلات الإيرانية في الدول العربية، ومنها دول خليجية، بقصد زرع الاضطرابات وإشعال الحروب الأهلية. وذكر أنه في العقد الأول من حكم حزب العدالة والتنمية (2002 – 2012) عقد الجانبان القطري والتركي 70 اجتماعاً عالي المستوى، وزار رجب طيب أردوغان الدوحة خلال فترة رئاسته الوزراء والرئاسة سبع مرات.
تحدٍّ أمني لواشنطن
وشدد كاتبا التقرير على أن المحور التركي القطري يمثل تحدياً للولايات المتحدة وشركائها، لأن أنقرة والدوحة لا تسعيان إلى البحث عن أشكال مشروعة من التعاون فقط، ولكن أيضاً في مشاريع مشتركة في التمويل غير المشروع، عبر دعم المتطرفين في الخارج، وتشجيع الإيديولوجيات المتطرفة، وإيواء الإرهابيين المرتبطين بحماس والقاعدة، وحذّرا من أن هناك خطورة من كون حلف شمال الأطلسي يعتمد على قاعدة إنجرليك في تركيا، كما تعتمد الولايات المتحدة على قاعدة العديد في قطر من أجل تنفيذ المهام الاستراتيجية ضد الإرهاب.
وربط التقرير بين تحول قطر إلى غرفة عمليات لتنظيم الإخوان وتركيا والانتصارات التي حققها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية، وتحديداً عام 2007، حين نال الغالبية البرلمانية. ومن الواضح أن الخطط التركية التوسعية بالاعتماد على تنظيم الإخوان سبقت اندلاع ما سُمي ثورات الربيع العربي بسنوات. وخلال تسلّم الإخوان الحكم في مصر، سارعت الحكومة التركية إلى عقد 24 اتفاقاً في مختلف المجالات، كادت تضع مصر تحت الهيمنة التركية الكاملة.
تخريب في ليبيا
وذكر التقرير المؤسسة الأمريكية أن ليبيا كانت واحدة من أولى ساحات المعارك التي ظهر فيها جلياً التحالف القطري التركي، مشيراً إلى دعم البلدين للميليشيات المتطرفة. وأوضح التقرير: «حين بدأ الصراع في 2011، أصبحت قطر أول دولة عربية تعترف رسمياً بمتمردي ليبيا، كما أنها أرسلت المئات من قواتها لدعمهم». علاوة على ذلك، يبرز التقرير الحديث أن الدوحة أشرفت على تدريب المقاتلين الليبيين في مناطق مختلفة البلاد، مشيراً إلى أن «الدور القطري كان كبيراً لدرجة أن الليبيين في بعض المناطق باتوا يرفعون العلم القطري إلى جانب نظيره الليبي». ومن جهة أخرى، ووفقاً لفريق من الخبراء التابعين للأمم المتحدة، فقد سلمت الشركات التركية الأسلحة إلى تحالف فجر ليبيا، وهو تكتل لميليشيات متشددة، كما اتهمت اللجنة ذاتها قطر بإرسال الأسلحة والمال إلى المتشددين.
وفي العراق وسوريا، سرد التقرير تفاصيل عن التنسيق القطري التركي في تقسيم الحراك المسلح المعارض في سوريا، عبر دعم أجنحة إرهابية تمثلت في تشكيلات إخوانية وأخرى تابعة لـ«القاعدة» و«داعش».
ورصد التقرير مشاركة إعلامية بين الطرفين، ومضمونها توفير قطر حماية مالية للمنصات الإعلامية المقربة من أردوغان، وفي مقدمتها «صباح تي في» و«الجزيرة تورك» و«ديجي – تورك».
تحدث التقرير عن محاولة قطر وتركيا وضع شرق أفريقيا تحت هيمنة الإخوان، عبر اتباع مسار ناعم في بداية الأمر، وهو دعم أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية في الصومال عام 2012، وهو حسن شيخ محمد، القيادي في حركة «الدم الجديد» الإخوانية، وفق تقرير الأمم المتحدة حول الصراع في الصومال. واستخدمت قطر وتركيا السلطات الشرعية في عدد من الدول في شرق إفريقيا من أجل ضرب مصالح دول عربية، خصوصاً في الجانب التجاري، مثل تفجير بوصاصو الإرهابي الذي تم إثبات تورط قطر فيه عبر تسجيل صوتي للسفير القطري مع أحد المقربين من أمير قطر. ثم تحدث التقرير كيف أن قطر سحبت دعمها للرئيس السابق، ودعمت في انتخابات 2017 مرشحاً جديداً هو فرماجو، الذي فاز في الانتخابات، برغم صلاته بتنظيم القاعدة.
البيان