فاطمة محمد الهديدي

لعل أحد أبرز الموضوعات التي تمس صلب حياة المرء ومعيشته تكمن في نظام الضمان الاجتماعي، وما يتمتع به من الأمن الوظيفي، وهو بالتالي يتعلق بمبلغ دخله، ويرتبط بقانون التقاعد في بلده، ومدته، ونسبة الاستقطاعات من معاشه وقيمتها. وبالحديث عن الضمان الاجتماعي، فإن قانون التقاعد يأتي في رأس قائمة الموضوعات، ومنذ تطبيق هذا القانون في دولة الإمارات وهو يحظى بتعديلات تواكب معطيات كل مرحلة واستحقاقاتها، بحيث يحقق للمواطن أعلى معدلات الاستفادة من دخله بعد التقاعد.

وتبعا لذلك فقد نوقش قانون التقاعد – إعلاميا وسياسيا- أكثر من مرة، تارة بسبب رفع معدل سنوات الخدمة من خمسة عشر عاما إلى عشرين، وتارة للنظر في ربط نهاية خدمة المرأة بالتقاعد بسنوات أقل عن عمل الرجل، حيث فئة تطالب بالسماح للنساء بالتقاعد بعد إنهاء 15 عاما، وإبقاء شرط العشرين للرجل، وتارة ثالثة برفع سن التقاعد من خمسين إلى ستين، ثم يأتي تحقق شرطي القانون وهما إنهاء سنوات الخدمة المقررة حسب القانون (20 عاما)، وبلوغ الستين من العمر ليستحق الموظف راتبه التقاعدي، فيصعب حل المعادلة.

ومؤخرا أدرج في جدول أعمال المجلس الوطني موضوع التقاعد في جزئيّة “انتقال الموظفين من الملاك الاتحادي إلى الملاك المحلي”.. (“البيان” 16 ديسمبر 2012). وهذه وإن بدت إشكالية حقيقية، إلا أنها ليست مستعصية الحل، ومن المؤكد أنها سوف تعالج بما يتوافق مع الحقوق العامة والخاصة، طالما وجدت الاهتمام وتم طرحها للنقاش.

وعليه فإن مسألة النظر في سنوات عمل المرأة تطل برأسها مجددا طلبا للاهتمام، خاصة أمام صعوبة تحقق شرطي القانون، ليستحق الموظف معاشه التقاعدي، وهو الأمر الذي قد يعيق عملية التنمية المأمولة، ويعطل كفاءات أخرى في قائمة انتظار فرصة عمل بعد التخرج. وطالما أن التوجيهات الرسمية السامية قد صدرت بأن يكون العام 2013 هو عام التوطين، فلعل مسألة النظر في سنوات عمل المرأة حتى التقاعد ممكنة، على أن تخير الموظفة بين التقاعد بعد إتمام الخمسة عشر عاما أو تعمل مدة تناسبها.

ولعل ما يشفع لهذا المقترح، هو أعداد الخريجات من النساء التي تفوق الذكور، ومشاركة المرأة المتزوجة في تأمين دخل للأسرة طوال تلك السنوات، مما أخذها من الاهتمام المباشر بأولادها، ناهيكم عن استهلاك بدنها في الحمل والولادة والتربية، إضافة لكونها عاملة. وعليه فإنها تستحق أن تتمتع بالعودة إلى الاهتمام بأسرتها من الداخل بعدما ساهمت في خدمتها من الخارج، وهي بذلك تترك فرصة لغيرها من المؤهلات علميا لأخذ مكانها في سوق العمل، وهو ما يمد السوق بدماء جديدة، وبالتالي يقلص أعداد العاطلات ويختصر فترات انتظارهن لفرصة عمل.

وذلك يعيدنا إلى التوصية المرفوعة إلى الحكومة من المجلس الوطني الاتحادي في جلسته الثامنة برئاسة محمد أحمد المر “بإلغاء شرط بلوغ سن الـ50 للحصول على المعاش التقاعدي للمواطنين الذين أتموا 20 عاما في الخدمة”، بناء على اقتراح أحد أعضاء المجلس، خلال مناقشة سؤال قدمه إلى وزير الدولة للشؤون المالية، حول ربط مدة الخدمة بسن التقاعد (“الإمارات اليوم” 28 مارس 2012).. وللحديث بقية.

– البيان