حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين من زيادة عزلة روسيا اقتصادياً وسياسياً في حال استمرارها بالتلويح بالقوة العسكرية في الأزمة الأوكرانية، فيما أوضح وزير دفاعه تشاك هاجل لنظيره الروسي تعارض الأنشطة العسكرية الروسية في أوكرانيا مع التزامات موسكو بالمعاهدات الدولية، كما قال وزير الخارجية الأميركي موجهاً كلامه لبوتين “أنت لا تتصرف في القرن الحادي والعشرين بأسلوب القرن التاسع عشر بغزو بلد آخر بحجة ملفقة تماما”. وأشار كيري إلى أن روسيا ما زالت لديها “مجموعة سليمة من الخيارات” يمكن أن تستخدمها لنزع فتيل الأزمة.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما بحث الأزمة الأوكرانية هاتفياً مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، وأضاف، «اتفق القادة، على أن سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا يجب أن تحترم»، بحسب البيت الأبيض، وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء التدخل الروسي في أوكرانيا.
وتحدث أوباما وبوتين هاتفياً لمدة 90 دقيقة في ثاني اتصال هاتفي بينهما خلال الأيام الثمانية الماضية بشأن أزمة أوكرانيا المتصاعدة والتي تشكل تحدياً جديداً للعلاقات المتوترة بالفعل بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقال البيت الأبيض في بيان إن «الرئيس أوباما أبدى قلقه العميق من انتهاك روسيا الواضح لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها والذي يمثل خرقاً للقانون الدولي».
وفي إشارة مبدئية لعدم الرضا قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستعلق مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية لاجتماع قمة الثماني في سوتشي بروسيا، وكان أوباما قد ألغى زيارة لموسكو في سبتمبر الماضي احتجاجاً على رفض بوتين المساعدة في كبح جماح الرئيس السوري بشار الأسد على الرغم من حضور أوباما اجتماع قمة لمجموعة العشرين في سان بطرسبرج.
وبحسب الرواية الروسية فإن الرئيس الروسي لم يتراجع عن موقفه بعد الاتصال بفرضية احتفاظ موسكو بحق حماية مصالحها ومصالح الناطقين بالروسية في أوكرانيا إذا تعرضت لتهديد. ولتوحيد الموقف الأميركي الأوروبي تجاه روسيا في الأزمة الأوكرانية أجرى الرئيس الأميركي اتصالين منفصلين مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاوند ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر بشأن أوكرانيا.
وقال البيت الأبيض إن الزعماء اتفقوا على التنسيق المشترك ومن خلال المنظمات الدولية، كما «أكدوا أهمية الوحدة داخل المجتمع الدولي دعماً للقانون الدولي ولمستقبل أوكرانيا وديمقراطيتها». وفي موضوع متصل ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن وزير الدفاع تشاك هاجل أبلغ نظيره الروسي سيرجي شويجو في اتصال هاتفي بأن التدخل العسكري الروسي يخاطر بتصعيد «تهديد الأمن الأوروبي والدولي». وأعرب هاجل عن قلقه العميق إزاء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، مشدداً على ضرورة عدم إحداث تغيير على الأرض». إلى ذلك صرح مسؤول دفاعي أميركي أنه لم يحدث تغيير في وضع التأهب للقوات العسكرية الأميركية، وقال مسؤول أميركي آخر أن التركيز في الوقت الحاضر ينصب على الخيارات الدبلوماسية.
وردا على سؤال للقناة عما إذا كان لدى الولايات المتحدة أي خيارات عسكرية مطروحة لمعالجة الأزمة قال كيري أن الرئيس باراك أوباما “لديه كل الخيارات”. وأضاف “تأمل الولايات المتحدة وأي شخص في العالم ألا يتصاعد الأمر إلى مواجهة عسكرية. لن يكون هذا في مصلحة العالم، وأعتقد أن الجميع يدرك ذلك”. ومضى يقول “نريد حلاً سلمياً من خلال المسار الطبيعي للعلاقات الدولية”.
وكشف الوزير الأميركي في بيان سابق أنه أجرى مؤتمراً عبر الهاتف مع وزراء خارجية العديد من الدول، الأوروبية بالدرجة الأولى، وذلك بهدف «تنسيق الخطوات التالية»، وأضاف «كنا موحدين في تقييمنا للوضع وسنعمل معاً بشكل وثيق من أجل دعم أوكرانيا وشعبها في هذه اللحظات التاريخية»، داعياً مجدداً موسكو إلى سحب قواتها.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما بحث مع نظيره الفرنسي فرنسوا أولاند، ورئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر، الوضع في أوكرانيا، وذكر البيت الأبيض في بيان، أن أوباما تحادث هاتفياً بشكل منفصل مع أولاند وهاربر، وقد اتفقوا على أنه يجب احترام سيادة ووحدة الأراضي الأوكرانية، معبّرين عن القلق العميق بشأن التدخّل الروسي في أوكرانيا.
أوروبياً، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أمس أن بريطانيا ستعلق مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية لقمة مجموعة الثماني في سوتشي بعدما انتهكت روسيا سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. وأضاف هيج للصحفيين قبل أن يركب طائرة متوجهاً إلى كييف»، ستنضم المملكة المتحدة إلى دول أخرى في مجموعة الثماني في تعليق تعاوننا في إطار مجموعة الثماني التي ترأسها روسيا هذا العام بما في ذلك الاجتماعات هذا الأسبوع استعداداً لقمة مجموعة الثماني، وأضاف، ندعو الطرفين لضمان أن يكون هناك حد من التوترات وتفادي الصراع. كما قررت فرنسا تعليق مشاركتها في اجتماعات مجموعة الثماني، وقال مصدر دبلوماسي في قصر الإليزيه » إن هذا القرار «اتخذ» خلال «اجتماع أزمة » في الإليزيه بين الرئيس فرنسوا أولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس. وقال مصدر فرنسي قريب من الملف الأوكراني إن باريس «ترغب في نزع فتيل الأزمة وتفادي انتشار أعداد كبيرة من القوات الروسية في شرق أوكرانيا» لأن فرض عقوبات محتملة ضد موسكو لا يشكل «أولوية». واستدعت كندا سفيرها في موسكو فيما استدعت بريطانيا وجمهورية التشيك السفير الروسي لديها، وهدد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر بمقاطعة قمة مجموعة الثماني التي تستضيفها مدينة سوتشي الروسية في يونيو المقبل، وقال هاربر في بيان «ننضم إلى حلفائنا في إدانتنا، بأشد عبارات الإدانة، للتدخل العسكري للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا». وشبه وزير الخارجية التشيكي لوبومير زاوراليك العمليات الروسية في القرم بالاحتلال السوفياتي لتشيكوسلوفاكيا سنة 1968 الذي سحق حركة ديمقراطية في ذلك البلد ما أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل. وفي طهران قرر وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل غارسيا مارغايو اختصار زيارته إلى إيران والتوجه إلى بروكسل بسبب الأزمة الأوكرانية المتصاعدة.
من جانب آخر حذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير من حدوث انقسام جديد لأوروبا بسبب التصعيد العسكري في جمهورية القرم ذاتية الحكم التابعة لأوكرانيا.
وقال الوزير الألماني في برلين أمس «نحن نجد أنفسنا على طريق غاية في الخطورة نحو تنامي التوترات، غير أن العودة لا تزال ممكنة، ولا يزال من الممكن الحيلولة دون انقسام جديد لأوروبا ولذا فمن الضروري أن يتخلى كل المسؤولين عن المزيد من الخطوات التي يمكن فهمها على أنها استفزاز». وحذر الوزير الألماني من أن أي شيء غير ذلك «يمكن أن يؤدي إلى تصعيد له عواقب غير معروفة يحتمل أن تكون مأساوية كما سيؤدي إلى تبديد سنوات عديدة من التعاون البناء من أجل المزيد من الأمن في أوروبا». وفي بروكسل طالب أندرس فو راسموسن أمين عام حلف شمال الأطلسي روسيا بنزع فتيل التوترات التي تهدد السلام في أوروبا، وقال للصحفيين في بروكسل قبل اجتماع لسفراء الدول الأعضاء في الحلف «ما تفعله روسيا الآن في أوكرانيا ينتهك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، إنه يهدد السلام والأمن في أوروبا».
من جانبها قالت وزارة الخارجية الصينية إنها «تشعر بقلق عميق» مما يحدث في أوكرانيا، وأضافت في بيان «ندين التصرفات التي تشهدها أوكرانيا في الأونة الأخيرة ونواصل حث جميع الأطراف في أوكرانيا على حل خلافاتهم بهدوء في إطار قانوني وعلى حماية، الحقوق القانونية لجميع أفراد الشعب الأوكراني».
كما وجه وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا «دعوة حازمة لكل الأطراف» المنخرطة في الأزمة إلى احترام «سيادة القانون ووحدة الأراضي الأوكرانية ».

الاتحاد