رفض الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، تكليف محافظ البصرة أسعد العيداني برئاسة الحكومة، واضعاً استقالته تحت تصرف البرلمان، على وقع ضغط الاحتجاجات الشعبية الواسعة المستمرة منذ أكثر من شهرين في أنحاء البلاد والرافضة لمرشحي الأحزاب السياسية.
وقال برهم صالح في خطاب موجه إلى مجلس النواب، إنه «يفضل الاستقالة على تكليف مرشح يرفضه المحتجون بتشكيل الحكومة»، في إشارة إلى أسعد العيداني.
وتابع صالح في الخطاب الذي حصلت «الاتحاد» على نسخة منه: «انطلاقاً من حرصي على حقن الدماء وحماية السلم الأهلي، ومع كل احترام وتقدير للأستاذ أسعد العيداني، أعتذر عن تكليفه مرشحاً عن كتلة البناء».
وقال: «أضع استعدادي للاستقالة من منصب رئيس الجمهورية أمام أعضاء مجلس النواب، ليقرروا في ضوء مسؤولياتهم كممثلين عن الشعب ما يرونه مناسباً»، مضيفاً: «في ضوء الاستحقاقات التي فرضتها حركة الاحتجاج المحقة لأبناء شعبنا، تحتم علينا أن ننظر إلى المصلحة الوطنية العليا قبل النظر إلى الاعتبارات الشخصية والسياسية».
واعتبر الرئيس أن «المصالح العليا للبلاد تفرض اليوم مسؤولية وطنية على عاتق الرئيس بدعم تفاهم حول مرشح رئاسة الحكومة المقبلة، وتستوجب المصلحة أن يكون عامل تهدئة للأوضاع ويستجيب لإرادة الشعب العراقي الذي هو مصدر شرعية السلطات جميعاً».
وكانت الأحزاب السياسية الموالية للخارج تسعى إلى تقديم العيداني محافظ البصرة لرئاسة الحكومة، رغم أنه يواجه انتقادات حادة بسبب إجراءات اتخذها لقمع تظاهرات خرجت صيف 2018، في محافظته.
ويرفض المتظاهرون في عموم العراق أيا من «مرشحي الأحزاب» السياسية التي شاركت في حكم البلاد خلال السنوات الست عشرة الماضية.
وقرار صالح ثاني أكبر حدث في العراق نتيجة الاحتجاجات الأخيرة، بعد أن أعلن رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي استقالته قبل أسابيع تحت ضغط الشارع، فيما تم تكليفه بتصريف الأعمال حتى الاستقرار على اسم آخر يرأس الحكومة.
إلى ذلك، أغلق متظاهرون عراقيون، أمس، طرقاً، بعضها بإطارات سيارات مشتعلة، في بغداد ومدن في جنوب العراق وسط احتجاجات غاضبة ضد الأحزاب السياسية التي يصفونها بـ«الفاسدة» التي عجزت حتى الآن عن الاتفاق على مرشح يحظى بدعم شعبي لرئاسة الوزراء.
وتصاعدت سحب الدخان خلال ساعات الليل في سماء مدن بينها البصرة والناصرية والديوانية، وعلى امتداد طرق رئيسة وجسور تقطع نهر الفرات.
ورفعت الحواجز عن بعض الطرق، صباح أمس، بعد ساعات من قطعها لإعاقة وصول الموظفين إلى مواقع عملهم، بينها طريق يؤدي إلى ميناء أم قصر، في أقصى جنوب العراق، ويستخدم للاستيراد بصورة رئيسة.
وسببت هذه القطوعات اختناقات مرورية وشللا على طرق رئيسة داخل وخارج عدد كبير من المدن، كما هي الحال في العاصمة بغداد التي تعتبر ثاني أكبر العواصم العربية من حيث عدد السكان.
وفي الناصرية، أحرق متظاهرون مجدداً مبنى المحافظة الذي تعرض لحرق خلال الأيام الماضية في حين تشهد المدينة احتجاجات منذ ثلاثة أشهر، كما قطعوا طرقاً وجسوراً مهمة هناك.
وفي الديوانية، أحرق متظاهرون مقراً جديداً لأحد الفصائل المسلحة، واستمروا بقطع طريق رئيس يربط المدينة بمدن أخرى في جنوب العراق.
وتصاعدت موجة الغضب منذ يوم الأحد الماضي، بعد أسابيع من الهدوء، في ظل حراك جماهيري قوبل بقمع أدى إلى مقتل حوالى 530 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 25 ألفاً بجروح، سببه تعنت الحكومة.
ولم تتمكن الأحزاب السياسية من الاتفاق في بادئ الأمر على ترشيح وزير التعليم العالي المستقيل قصي السهيل، قبل طرح اسم العيداني، لتولي منصب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، كما قوبلت هذه المساعي بمعارضة واسعة من المحتجين.
ويرفض المتظاهرون في عموم العراق أياً من «مرشحي الأحزاب» السياسية التي شاركت في حكم البلاد خلال السنوات الست عشرة الماضية.
وهتف محتجون في مدينة الكوت، خلال تظاهرة حاشدة أمس وسط المدينة الجنوبية، «نرفض أسعد العيداني».
وقال المتظاهر ستار جبار البالغ 25 عاماً، متحدثاً من الناصرية: «إن الحكومة رهينة الأحزاب الفاسدة والطائفية» وتابع «سنواصل الاحتجاجات» حتى تحقيق مطالبنا.

البرلمان يرفع جلسته حتى إشعار آخر
رفع مجلس النواب العراقي، أمس، جلسته الـ26 من الفصل التشريعي الأول، حتى إشعار آخر. وقال مصدر نيابي، في تصريحات صحفية: «إن رئاسة مجلس النواب قررت رفع الجلسة حتى إشعار آخر، دون تحديد موعد لعقدها». وكان مجلس النواب، عقد ظهر أمس، جلسته برئاسة محمد الحلبوسي، قبل رفعها حتى إشعار آخر.
إلى ذلك، أكدت اللجنة المالية النيابية، أن العجز في الموازنة العامة أخر وصولها للبرلمان. وقال رئيس اللجنة، هيثم الجبوري: «إن الموازنة العامة للعام المقبل ما زالت لدى الحكومة، ولم ترسلها إلى البرلمان بسبب العجز المالي»، مشيراً إلى أن «العجز المالي في الموازنة بلغ 25 تريليون دينار (زهاء 23 مليار دولار)».

«سائرون» و«الحكمة» تدعمان صالح
رفضت كتلتا «سائرون» و«الحكمة» العراقيتان استقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، وأكدتا دعمهما لموقفه برفض تكليف أي شخصية حزبية برئاسة الحكومة الجديدة. وقال أمجد العقابي، النائب عن كتلة «سائرون» التي يتزعمها رجل الدين مقتدى الصدر، إن الكتلة ترفض استقالة رئيس الجمهورية، مضيفاً: «ندعم موقف صالح بالدفاع عن مطالب الجماهير». ومن جانبها، أعلنت كتلة الحكمة النيابية، أمس، رفضها ما ورد في كتاب رئيس الجمهورية برهم صالح إلى مجلس النواب والمتضمنة تقديم استقالته من منصبه، مؤكدةً على ضرورة بقائه في المنصب. إلى ذلك، اقترح «صالح محمد العراقي» المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، ثلاثة أسماء لترشيح أحدها لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة. وأضاف: «المرشحون هم: مصطفى الكاظمي، ورحيم العكيلي، وفائق الشيخ علي، لكني لست ناطقاً بأسمائهم، لكنني استشعرت هذا منهم».

عودة 4 آلاف لاجئ عراقي في 2019
أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أمس، عن عودة نحو 4 آلاف لاجئ عراقي من سوريا وتركيا، خلال العام الجاري.
وذكرت الوزارة، في بيان صحفي، أن «الوزارة أعادت 3.905 عراقيين من الموجودين في سوريا وتركيا طوعياً، ضمن برنامجها العودة الطوعية الأسبوعية المجانية». وأضافت: «إن رحلة العودة للاجئين العراقيين، كانت من المحافظات التركية ومخيمي (أكدة) التركي والهول في سوريا».

الاتحاد