حذّرت تقارير إعلامية غربية، من أن لبنان قد يكون مُقبلاً على «انهيار اقتصادي» لا مثيل له منذ عقود، وذلك في ظل استمرار الحراك الاحتجاجي، في غياب أية مؤشرات على قرب تسوية الأزمة السياسية التي تعصف به، مع فشل بلورة تشكيلة حكومية جديدة تحظى برضا الشارع.
واستعرضت التقارير، الأجواء القاتمة التي تخيم على الاقتصاد اللبناني في الوقت الراهن، بعدما أقرت الشركات المحلية بتراجع حركة التجارة الداخلية، بنسبة بلغت زهاء 80 في المئة، واضطر نحو 400 مطعم للإغلاق، وسط دعوات لتخزين المواد الغذائية، تحسباً لأي ظروف طارئة.
وفي غضون ذلك، توقف تدفق الأموال إلى لبنان بشكل كامل تقريباً، بينما لم يعد يُسمح لعملاء المصارف، سوى بسحب ما يتراوح ما بين 200 و300 دولار أميركي أسبوعياً، بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، بنسبة الربع تقريباً أمام الدولار.
وأوضحت صحيفة «الجارديان» البريطانية واسعة الانتشار، في تقرير لها، أن تواصل المظاهرات لنحو شهر ونصف الشهر حتى الآن، شلّ الحركة في لبنان، «ووضع طبقته السياسية في قفص الاتهام»، وألقى بظلاله على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل غير مسبوق، منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل نحو 30 عاماً.
وأشارت الصحيفة، إلى أن «الاقتصاد اللبناني يتفكك بمعدل يُنذر بالخطر، وهو ما أدى لانهيار قيمة العملة المحلية، وهروب رؤوس الأموال من البلاد، فضلاً عن أن القيود المفروضة على عمليات السحب من الودائع المصرفية، تشكل تهديداً خطيراً للنظام المصرفي».
وأكدت أن كل هذه العوامل تشي بأن «لبنان سيتخلف عن سداد ديونه الهائلة بحلول مارس المقبل على أقصى تقدير، ما لم يتم الاتفاق على خطة إنقاذ مالي أجنبية له».
وقال مديرون تنفيذيون في بيروت لـ «الجارديان»: «إن حاجة لبنان الماسة للمساعدات المالية الدولية، تنبع من افتقاره في الوقت الحاضر لإسهامات أثريائه من المغتربين، ممن كانوا يُرسلون أموالهم عادة إلى داخل البلاد، وهو ما كان يساعد على سد العجز الهائل في الميزان التجاري». وبحسب تقرير «الجارديان»، عكس موسم العطلات المُواكب لأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة صورة الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان حالياً، إذ خلا هذا الموسم من المشاهد المعتادة لحشود المتسوقين، ممن يرتادون المراكز التجارية الكبرى، كما خوت شوارع البلاد من أفواج المغتربين، الذين كانوا يحرصون عادة على العودة إلى وطنهم، في مثل هذا الوقت من كل عام.
واعتبر التقرير، أن مشاعر النشوة التي صاحبت الانتفاضة الشعبية، بفعل تجاوزها للانقسامات الطائفية بشكل غير مسبوق، تتنحى الآن جانباً، وتفسح المجال لمخاوف من أن يكون المتشبثون باستمرار الوضع القائم في لبنان، على استعداد لأن يزجوا به في أتون أزمة أكبر، عبر رفضهم للاستجابة لمطالب المحتجين. وفي تصريحات للصحيفة البريطانية، قال مهند الحاج علي، مدير الاتصالات والإعلام في مركز «كارنيجي» للشرق الأوسط في بيروت: «ثمة تقارير متنوعة تفيد بأن الأحزاب السياسية، تعكف حالياً على تخزين الغذاء، تحضيراً منها للانهيار المقبل»، مُحذراً من أن «الخراب الذي يعم القطاع الخاص بشكل متنامٍ جراء الأزمة السياسية، وفرض قيود على حركة رؤوس الأموال، بما في ذلك المخصصة منها للاستيراد، يشيران إلى أن أزمة إنسانية تلوح في الأفق».
وسلّطت «الجارديان»، الضوء في هذا السياق على تحذيرات، أطلقها قادة سياسيون لبنانيون من أن «الروح الوطنية البارزة الآن بشكل كبير، قد تتقوض بفعل أي تصاعد للانقسامات الطائفية، إذا أصبحت الأوضاع الداخلية في البلاد أكثر قسوة».

الاتحاد