ليس بخاف على أحد أن الرؤية الاستراتيجية للقضاء وللعدالة في دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلقت من خلال حزمة من المبادئ والقيم التي شرعها دستور الدولة الرسمي ومن خلال توافقها مع القوانين والنظم الدولية التي تبنتها منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية العالمية والإنسانية ليصبح صماما للأمن والأمان.
وتحرص القيادة الحكيمة على وجوب إشاعة مبدأ العدالة بشتى أشكالها في عموم المجتمع الأمر الذي حتم أن يكون القضاء بدوره مستقلا تمام الاستقلال وترسخت هذه الرؤية أكثر فأكثر نحو استقلال القضاء مع توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة « حفظه الله » لأعضاء القضاء حين خاطبهم بقوله:«لا سلطان عليكم إلا الله والقانون وما تمليه عليكم ضمائركم» ، فالقضاء العادل هو سلاح الدولة، وجواز سفرها الذي تعبر به الآفاق إلى العالمية، لتحذو الكثير من الدول حذوها في ترسية العدالة، فمعادلة دولة القانون تحققها عدالة القضاء، وهي المنظومة الأكثر إيجابية في نشر الأمن والأمان في المجتمع بين جميع أفراده .
وتحاط المحاكمة في دولة الإمارات بمجموعة من الضمانات العادلة، والحافظة للحقوق، والتي أكد الدستور والتشريعات الجزائية على تكريسها سواء في مرحلة الاتهام، أو الإدانة وقضاء مدة العقوبة.
وكفل القانون الإماراتي حقوقاً لحماية المصالح العامة والإنسانية للسجناء والمحبوسين والموقوفين، إيماناً من الدولة بالحقوق الإنسانية التي يجب أن يتمتع بها هؤلاء، وما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من عدمِ تعريضِ أي فرد للمعاملة القاسية التي تحط من الكرامة، ومساواةِ الجميع في تطبيق أحكام القانون، ويتم تطبيق القواعد النموذجية لمعاملة المتهمين والسجناء والمحبوسين وفصل المدانين منهم.
إشادات دولية
وتأسيساً على ما سبق ذكره، فإن معاملة السجناء والمحبوسين والموقوفين، تتوافق إلى أبعد مدى مع القواعد والنظم والاتفاقيات والتشريعات الدولية التي أقرتها منظمات ولجان حقوق الإنسان الدولية والمحلية، فلا يجوز إيداع أي إنسان بالمنشأة العقابية إلا بناءً على أمر كتابي صادر من الجهة المختصة قانوناً، ولا يجوز أن يبقى فيها بعد انتهاء المدة المحددة في هذا الأمر، ومن حق السجين أن يوضع بإحدى المؤسسات العقابية المخصصة بحسب جنسه ونوع جريمته وتصنيفها وبحسب الأحوال الخاصة بسجنه وفقاً للقانون، ومن حقه أن يُعامل بالمعاملة الإنسانية التي تحفظ له كرامته وتنتهي بإصلاحه وإعادة تأهيله اجتماعياً.
وتحرص المنشآت الإصلاحية والعقابية في الدولة على احترام تلك الحقوق، التي يعتبر تقديمها فرصة كبيرة لتعزيز الصورة المشرقة عن الدولة في هذا المجال، وهو ما كان سبباً في نيل الدولة إشادات واسعة من كل المنظمات والمحافل الدولية والإقليمية، ودحض الافتراءات المغرضة والعارية عن الصحة بشأن كل ما يقال عكس ذلك.
الرعاية الصحية
وفيما يتعلق بالرعاية الصحية للنزلاء، فقد أولت دولة الإمارات اهتماماً كبيراً برعاية النزلاء صحياً، فعملت على تطوير العيادات الطبية للمؤسسات الإصلاحية والعقابية، بتوفير أحدث أجهزة ومعدات الفحص الطبي، وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة والمتدربة لتولي فحص النزلاء وعلاجهم.
وحرصت الدولة كذلك على تطوير منظومة العمل الإصلاحي والعقابي وعمدت إلى إقامة مبانٍ عصرية حديثة لإقامة النزلاء المحكومين تراعي فيها حقوقهم الإنسانية من خلال ما تضمه من مساحات واسعة وملاعب رياضية ومسابح ومستشفيات مصغرة مجهزة بأحدث الآلات الطبية، ومشاغل مهنية منتجة تتيح للنزلاء العمل وتقاضي الأجر.
كما حرصت على تدريب وتطوير الكوادر البشرية العاملة في المؤسسات العقابية والإصلاحية بالتعاون مع منظمات دولية مشهود لها بخبراتها في هذا المجال بهدف إكساب العاملين الإماراتيين في هذا المجال المعارف المتعلقة بالأسس القانونية المنظمة للعمل في المنشآت الإصلاحية والعقابية، والمعاملة العقابية وأسس التصنيف والعزل والإصلاح وإعادة تأهيل النزلاء.
حقوق المتهم
المشرع الإماراتي كفل كذلك جميع الحقوق الإنسانية للمتهم في مرحلتي جمع الاستدلالات والتحقيق والمنصوص عليها محلياً ودولياً، وأكد على أن «جميع الأفراد متساوون أمام القانون في اتخاذ الإجراءات الجزائية بشأنهم في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ»، وللمتهم الحق في أن يحاط علماً بأسباب القبض عليه وبالتهمة المنسوبة إليه، والاستعانة بمترجم قانوني محلف للّغة التي يجيدها في حال جهل المتهم باللغة العربية في جميع مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، وله أيضاً حق الاستعانة بمحامٍ للحضور والدفاع عنه في المرحلتين الأخيرتين.
ويحق لمحامي المتهم أن يطلع على أوراق التحقيق، ما لم ير عضو النيابة غير ذلك لمصلحة التحقيق، فيما يحق للمتهم نفسه الطلب من النيابة العامة استدعاء شهود النفي لسماع أقوالهم في مرحلة التحقيق.
وفي مرحلة المحاكمة «فلكل فرد الحق في المحاكمة العادلة في ظل استقلالية القضاء والحيادية والشفافية، وتكون محاكمة المتهم علانية، ولا يجوز أن تكون سرية إلا وفق الشروط التي حددها القانون، وفي جميع الأحوال يتم إصدار الحكم في جلسة علنية».
كما يحق للمتهم في جناية معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أن تندب المحكمة محامياً للدفاع عنه، ما لم يقم هو بتوكيل محامٍ، وتتحمل الدولة أتعاب المحاماة يراعى عدم الإخلال بحق المتهم من تمكينه بالاتصال بالمدافع عنه على انفراد يحق للمتهم المحبوس احتياطياً أو المحكوم عليه أن توفر له الرعاية الطبية والصحية، وأن تطلعه المحكمة على التهمة المنسوبة إليه، وله أن يبدي رده بشأنها.
البيان