سقط 39 قتيلاً مدنياً بنيران القوات النظامية في سوريا أمس، منهم 20 ضحية قضوا بمجزرة بشعة ارتكبها الجيش الحكومي وميليشيا «حزب الله» لدى اجتياحهما مدينة الزارة بريف حمص وبسط السيطرة عليها بعد حصار استمر لأكثر من عام ونصف العام، تزامناً مع اشتباكات ضارية في محيط قلعة الحصن المجاورة وقصف صاروخي عنيف في محاولة لاقتحامها مما أطلق موجة نزوح كبيرة للأهالي خوفاً من مجازر أخرى. في الأثناء، استمر التصعيد العسكري على الجبهات الأخرى خاصة في القلمون بريف دمشق حيث لقي ضابط في الحرس الجمهوري حتفه بتفجير لغم قرب يبرود تزامناً مع استرداد كتائب المعارضة التلال المحيطة بقريتي السحل وريما بالمنطقة نفسها. وشن الطيران الحربي أكثر من 6 غارات بالبراميل المتفجرة مستهدفاً أحياء القاعة والقامعية ومحيط منطقة القوز في مدينة يبرود، بينما تكمن مقلتلو المعارضة من تدمير دبابة لقوات النظام على جبهة ريما بأطراف يبرود.
وفيما تواصلت الغارات الجوية بالبراميل المتفجرة على حماة وإدلب والرقة ودير الزور، بثت الصفحة الرسمية لـ «الجبهة الإسلامية» صوراً ومقاطع فيديو لأول صلاة جمعة في الجامع الأموي الكبير بحلب بعد أكثر من عامين على انقطاع الآذان والصلاة فيه إثر إعلان الكتائب بسط سيطرتها بالكامل عليه، بعد معارك كر وفرمع قوات النظام استمرت طوال تلك الفترة. بالتوازي، أعلنت قناة «الميادين» الفضائية التي تتخذ من بيروت مقراً، أمس مقتل مصور لها يدعى عمر عبدالقادر أثناء تغطيته لمعارك في دير الزور. وفي تطور آخر، أعلن تيار «بناء الدولة السورية» المعارض بالداخل، أمس أن القوات النظامية اعتقلت علا برهان، وهي إحدى أعضاء المجموعة عضو لجنة المصالحة في مدينة الزبداني بريف دمشق.
وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية النظامية أنها سيطرت بدعم من «قوات الدفاع الوطني» على بلدة الزارة القريبة من قلعة الحصن بريف حمص، التي تشرف على الطريق بين دمشق والساحل السوري. وقالت «بعد عملية نوعية دقيقة بسطت وحدات من الجيش السوري صباح السبت بالتعاون مع الدفاع الوطني والأهالي الشرفاء، سيطرتها الكاملة على بلدة الزارة ومحيطها بالريف الغربي لمدينة حمص»، وذلك في بيان بثه التلفزيون الرسمي.
وأضافت أن هذا التقدم يكتسب أهميته «من الموقع الجغرافي الذي تتمتع به بلدة الزارة، كونها تشرف على الطريق الدولي الذي يربط بين المنطقتين الوسطى والساحلية، فضلًا عن اتخاذها ممراً رئيسياً للعصابات (الإرهابية) القادمة من الأراضي اللبنانية». وتقع الزارة في ريف تلكلخ الحدودية مع لبنان. ويتهم النظام السوري مقاتلي المعارضة باستخدام مناطق سنية متعاطفة معهم في شمال لبنان، قواعد خلفية لهم.
وعرض التلفزيون الرسمي السوري لقطات، قال إنها من الزارة، تظهر أنفاقاً وضعت فيها بعض الفرش للنوم والأغطية المصنوعة من الصوف. كما أظهرت اللقطات جنوداً يقومون بإزالة عبوات ناسفة، في حين بدت بعض الجثث لرجال بملابس عسكرية يرجح أنها تعود لمسلحي المعارضة. وكان مصدر ميداني في «جيش الدفاع الوطني» الموالي للنظام، أبلغ «فرانس برس» في وقت سابق السيطرة على الزارة، مشيراً إلى أن عناصره يقومون «بتمشيط بيوت بلدة الزارة للتأكد من خلوها من المسلحي».
وأشار إلى أن القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني «دخلوا البلدة من محوري الغرب والجنوب» وسيطروا على وسطها، قبل التقدم نحو شمالها. وتحدث بيان الجيش عن مقتل أعداد كبيرة من «الإرهابيين»، بالمعارك في إشارة إلى مقاتلي المعارضة.
من جهته، أكد المرصد السوري الحقوقي في بريد إلكتروني، سيطرة القوات النظامية على هذه البلدة التي تقطنها غالبية من التركمان «عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي (جند الشام) ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة». وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي أن «عشرات المقاتلين من الطرفين قضوا بالمعارك»، مشيراً إلى أن القرية «كانت معقلاً للمقاتلين الإسلاميين، لا سيما عناصر تنظيم جند الشام». وأوضح أن هذه القرية «محاطة بقرى ذات غالبية علوية ومسيحية» واقعة تحت سيطرة قوات نظام الرئيس بشار الأسد. وسيطرت القوات النظامية في الأيام الماضية على التلال المحيطة بالزارة، وتقدمت في اتجاه البلدة بهدف «تطهير» ريف حمص الغربي من المقاتلين.
بدورها، أكدت التنسيقيات المحلية والهيئة العامة للثورة سقوط أكثر من 20 قتيلاً مدنياً بمجزرة ارتكبتها القوات النظامية ومقاتلي «حزب الله» إثر اجتياحها الزارة بعد اشتباكات لأكثر من شهرين وحصار استمر نحو عام ونصف العام. وأفاد الناشطون الميدانيون بأن القصف تحول إلى مدينة قلعة الحصن القريبة حيث بدأت موجة نزوح واسعة وسط الأهالي خوفاً من المجازر. تشكل الزارة الواقعة على بعد 53 كيلومتراً غرب مدينة حمص مع 3 بلدات أخرى صغيرة وقلعة الحصن التاريخية، المساحة الوحيدة المتبقية في ريف حمص الغربي تحت سيطرة مسلحي المعارضة. ويسعى النظام من خلال استعادة هذه البلدات، إلى تأمين الطريق الدولية من دمشق إلى الساحل، مروراً بحمص.
وإلى الشمال من دمشق، تواصلت الاشتباكات بين القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني ومقاتلي «حزب الله» من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» وعدة كتائب إسلامية مقاتلة في محيط مدينة يبرود، آخر معاقل المقاتلين المعارضين في منطقة القلمون الاستراتيجية قرب الحدود مع لبنان. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية بأن القوات النظامية قامت «بتدمير مستودع للذخيرة والعبوات الناسفة والقضاء على أعداد من (الإرهابيين) في المنطقة الصناعية ودوار الصالحية وفي المداخل الشمالية والشرقية لمدينة يبرود».
دمشق تزيد وتيرة التخلص من «الكيماوي» وواشنطن لا تستبعد الوفاء بمهلة 30 يونيو
لاهاي، واشنطن (أ ف ب، رويترز) – أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أن سوريا تتخلص من ترسانتها الكيماوية بـ«وتيرة تصاعدية» بحيث تم اتلاف ثلث مخزونها أو نقل إلى خارج البلاد. في حين قالت وزارة الخارجية الأميركية إن المهلة المتاحة لدمشق للتخلص من الترسانة المحظورة بحلول 30 يونيو المقبل «مهددة لكن لا يزال من الممكن الوفاء بها» ولفت المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة التي تضم 41 دولة عضواً، في بيان إلى «الوتيرة التصاعدية» لنزع الأسلحة الكيماوية السورية، في ختام اجتماع استمر 4 أيام في مقر المنظمة بلاهاي.
وأضاف البيان أن المجلس «يسجل بإيجابية» التقدم الذي تحقق بالنسبة «إلى تفكيك البرنامج السوري للأسلحة الكيماوية». لكنه أشار أيضاً إلى «حالات تأخير تحصل وقد تم التعبير عن القلق حيالها». وقد تحققت البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة في الوقت الراهن من أن 29٪ من المخزون الكيماوي قد تم نقلها للتدمير خارج البلد، كما أوضحت المنظمة.

الاتحاد