أمام علبة معدنية كانت في يوم من الأيام مخصصة للزيت، تجمع أولاد أبو محمود في منزلهم المكشوف يحاولون الحصول على بعض الدفء من ألسنة النار المتراقصة داخل هذه العلبة، إنه البرد يجمع ما يفرقه الصيف.
قبل ساعات جمع أبو محمود كمية من الأوراق والكرتون وبعض الأغصان التي عثر عليها من جولته اليومية، ووضعها في هذه العلبة من أجل تدفئة منزلهم، لمواجهة موجة البرد التي طالت دمشق وريفها مؤخراً.
هذا العام هو الخامس الذي يمر على عائلة أبو محمود وعائلته في دمشق، بعدما تهجر من ريف حلب، واستقر في منطقة صحنايا القريبة من العاصمة.
ولأنه لا يملك دخلاً كافياً حصل على شقة صغيرة في قبو لأحد الأبنية تفتقر لكثير من الخدمات وأولها النوافذ والأبواب، التي استبدلها بستائر من النايلون.
مواجهة الأمراض
يوضح أبو محمود الذي نشر صوره على الفيسبوك.. وتواصلت معه «البيان»، بأن ضيق الحال لم يساعدهم في تأمين مدفأة تعمل على المازوت.
فكان الحل أمامهم الاعتماد على الحرامات وأساليب التدفئة البدائية، ويشرح بأنهم في كل شتاء يتعرضون لعدة أمراض فعلبتهم المعدنية لا تنشر الدفء الحقيقي في الغرفة .
كما أن الرائحة المنبعثة منها تؤثر على تنفسهم، وتتسبب بمشاكل لأطفاله الصغار.
وفي دمشق نفسها، لم يكن حال أحمد أفضل، رغم أنه مازال يقيم في منزله ولم يتهجر، فراتبه لا يساعده في تأمين مصاريف التدفئة الكافية لأفراد أسرته، لهذا قرر بيع مخصصاته من المازوت في السوق الحرة، والاستفادة من هذا المبلغ في دفع جزء من تكاليف التدفئة بالكهرباء أو الغاز في حال توفره. حلول جديدة
مع كل فصل شتاء جديد يبتكر السوريون حلولاً فريدة لمواجهة أزمة البرد والصقيع، وكان آخرها مدفأة قشر الفستق، التي انتشرت في ريف إدلب الشمالي.
ويقول أبو فريد وهو أب لثلاثة أطفال، إنه نتيجة لانقطاع مادة المازوت بحثوا عن بديل للتدفئة، فكان الحل مدفأة قشر الفستق. ويشرح النازح ذو السنوات الخمسين، أن وسيلة التدفئة هذه صحيّة ولا تنبعث منها أي روائح أو دخان.
كما أنها أقل كلفة من المازوت، فهنا يبلغ سعر الطن الواحد منها وغالبيته مستورد من تركيا 175 دولاراً، وهو يكفي لموسم الشتاء بأكمله.
كما أن هذا القشر لا يوضع في المدفأة التقليدية وإنما في مدفأة من نوع خاص لها أسطوانة طويلة، تُضرم فيها النيران، مثبتة على لوح مرتفع قليلاً عن الأرض.
وملتصقة بصندوق مستطيل الشكل مصنوع من الألمنيوم، توضع فيه قشور الفستق ويكون موصولاً ببطارية سيارة، وتتراوح كلفتها بين 100 و130 دولاراً، بينما يكفي طنّ القشور الواحد، في حين أن برميل المازوت الذي قارب ثمنه 130 دولاراً قد لا يكفي لأكثر من شهر.
وجّه ناشطون وسكان في شمال سوريا نداءات استغاثة لمساعدة ملايين النازحين، لمواجهة الشتاء والعواصف المطرية التي تضرب المنطقة. وقالوا: إن المنطقة من دون مساعدات دولية ستدخل في كارثة إنسانية.
وتحدثت مصادر عن وجود نحو 2.9 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدة هذا الشتاء، بتأكيد أن مخيمات النازحين في شمال سوريا تتعرض إلى عواصف مطرية تتسبب بأضرار بالغة، وأدت إلى تشرد الكثير من العائلات، وغرق الخيم ، كما تعاني منطقة شمال سوريا عموماً، شرقها وغربها، من نقص المحروقات.
البيان