محمود علام

أدهشتني نبرة صوت الفنان عبد العزيز الحداد وهو يحادثني من بلده الكويت فقد بدت فرحته ظاهرة في كلماته المعبرة عن نجاح فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الكويت للمونودراما التي التي انتهت قبل أيام.

وللدهشة أسباب أهمها أن حديثه تناول بفخر واعتزاز وامتنان وتقدير دور إدارة مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما قبل أن يتطرق إلى الحديث عن نجاحات الدورة التي حملت اسمه شخصيا باعتبار أن الحداد هو أول من قدم أعمالا مونودرامية متميزة في ساحات المسرح الكويتي الذي يعد أبرز مسارح الخليج العربي.
فالحداد ،وبعفوية وصدق الفنان، بادرني مبتهجا بالإشارة إلى مشاركة إدارة مهرجان الفجيرة في حفل افتتاح أول دورة لمونودراما الكويت وقال بسرور حقيقي :” لقد حضر إلى مهرجاننا محمد سعيد الضنحاني والمهندس محمد سيف الأفخم ضمن ضيوف
الدورة الأولى لمهرجاننا الوليد ليكون ذلك أكبر دعم للخطوة التي خطاها الفنان جمال اللهو نحو تأسيس قاعدة للاهتمام بمسرح المونودراما في الكويت”.
وهنا ،أدركت سر السعادة في صوت الحداد وسر الدهشة التي انتابتني عبر ما مضى من حديث ، فالضنحاني هو رئيس مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما ، والأفخم هو مدير المهرجان علاوة على شغله لمنصب الأمين العام للهيئة العالمية للمسرح ، وهما بهذه الصفة يشكلان معا أكبر داعم للمهرجان الوليد على أرض الكويت، خصوصا وأن منظميه من الإخوة الكويتين قد استرشدوا بما لدى إدارة مهرجان الفجيرة من خبرات إدارية وفنية وتنظيمية خلال وجودهم في الدورة السادسة لمهرجان الفجيرة في يناير الماضي حيث تم الإعلان عن مهرجان الكويت في أوساط أهل الفن والأدب والثقافة العرب والأجانب ضيوف الفجيرة.

ورغم الفارق الواضح بين مهرجاني الفجيرة والكويت للمونودراما في التوجه والتنظيم ، فالأول دولي والثاني محلي، إلا أن المنطلقات واحدة والأهداف مشتركة بين الإثنين حيث الهدف ذاته عند الطرفين ألا وهو توجيه الاهتمام إلى فن المونودراما باعتباره إبداعا يعبر عن أجواء إنسانية على خشبة مسرح يوقظ الفكر وينشط الاحساس.

ويبدو أن مشاركة شخصيتين ثقافيتين بحجم الضنحاني والافخم باعتبارهما معا من خبراء المهرجانات الفنية وبخاصة في مجال مسرح الموندراما ، هذه المشاركة التي نقلت الخبرة لمهرجان وليد قد جعلت الفنانين المشاركين في فعالياته يدركون أهمية هذه الفعاليات وبالتالي الحرص على استمرار المشاركة التي يتبعها بالتأكيد الاستعداد بأعمال جديدة ومتميزة في مسرح المونودراما لتقديمها ضمن الدورات المقبلة للمهرجان الذي حظيت دورته الأولى بمشاركة خبراء الفجيرة في إدارة أول وأقدم وأشهر مهرجانات المونودراما في الخليج والوطن العربي والذي يحتل أيضا مكانة مرموقة على أجندة المسرح العالمي والهيئة العالمية للمسرح ومنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم “اليونيسكو”.

وفي لقاء عابر في إحدى الفعاليات ، التقيت الصديقين المتلازمين الضنحاني والأفخم ، أدام الله روابط الود بينهما، فنقلت لهما بشكل مختصر انطباعات الفنان الكويتي عبد العزيز الحداد فما كان من الضنحاني إلا أن قال بثقة : قبل أن يكون انطلاق مهرجان الكويت تعبيرا عن نجاح الفجيرة ، قبل 11سنة ، في إطلاق مهرجانها المونودرامي وبالتالي امتلاك الخبرات التنظيمية التي نقلناها لأشقائنا يجب أن لا ننسى أن للكويت الشقيقة مكانة إعزاز في نفوسنا نحن أهل الإمارات عامة وأهل الفجيرة خاصة ، وها نحن نشارك اليوم في مسيرة التواصل الثقافي التي بدأتها الكويت في ستينيات القرن الماضي ، ليس ردا لجميل فقط ، بل لأننا حريصون على أن يكون الفن ومعه الثقافة هما وسيلتنا الأهم للانفتاح على العالم ، وأيضا قاعدة الانطلاق نحو المستقبل لكل الشعوب العربية.

أما المهندس الأفخم فكانت له ملاحظات التقطتها عين خبير هو أيضا الأمين العام للهيئة العالمية للمسرح ، وهي إشارات تؤكد نجاح مسيرة مهرجان الكويت ، الذي هو كما أشرنا قبلا، مهرجان محلي حتى الآن.
أولى هذه الملاحظات تتعلق بنوعية المشاركين في الأعمال المقدمة في مهرجان الكويت فهم من فئة الشباب الذي يمثلون مستقبل المسرح ونجومه في الغد القريب ، أما الملاحظة الثانية فهي حول نجاح إدارة المهرجان في اختيار مكان العروض المشاركة إذ كانت جميعا في مقر معهد الفنون المسرحية أي في المصنع الذي يخرج كل عام عشرات المتخصصين في فنون المسرح والتمثيل ، وهو ما جعل الكثيرين شهودا على حدث فني يدخل في إطار اهتماماتهم ويعزز في الوقت ذاته خبراتهم ومهاراتهم.
وتعليقا على ما التقطته عيناه قال لي الأفخم : إن ذلك في حد ذاته يعد مكسبا كبيرا يصب في صالح برامج الهيئة العالمية للمسرح التي يتولى أمانتها العامة كأول عربي يشغل هذا المنصب العالمي.
ولعلي بعد مادار من حوارات وأحاديث بين جميع من وردت أسماؤهم في هذه السطور أدركت وبشكل قاطع ومفرح سبب فرحة الفنان عبد العزيز الحداد وهو في حضرة خبراء الفجيرة ومن هذه الفرحة ، ومعها الدهشة التي صاحبتني في البداية ، اخترت عنوان هذا المقال ليكون كلمة حق تقال في هذا المجال خصوصا وقد كنت شاهدا منذ زمن بعيد على كيف تصنع إمارة الفجيرة خبراتها الذاتية وكيف تؤهل لمستقبلها الواعد عدته من الرجال.