يتدارس الفلسطينيون خيارات التعامل مع الخطة الأمريكية للسلام، آخذين في الاعتبار دروس التجارب الماضية، وعدم خوض تجربة جديدة بلا جدوى، على كافة الصعد، السياسية والميدانية، رغم أن ردود الفعل الأولية على الخطة المسامة صفقة القرن، حملت لهجة حادة من المسؤولين الفلسطينيين.

يرى الكثيرون أنّ خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، لم يكن اعتيادياً، بل فتح أبواب الاحتمالات، ويحمل مؤشرات على بداية مرحلة جديدة، تكون فيها كل الاحتمالات واردة، بما في ذلك حل السلطة الفلسطينية، وتوسيع رقعة المواجهات على الأرض.

وفق خبراء ومحللين سياسيين، فإنّ الرئيس عباس، كان حازماً وحاسماً في إعلان الموقف الفلسطيني، برفض التعاطي مع الخطة الأميركية، باعتبارها تنتقص من الحق الفلسطيني، بإعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، من خلال تأكيد ترامب على أن القدس ستظل العاصمة الأبدية وغير المقسّمة لدولة الاحتلال.

تصعيد سياسي

ويرى المحلل السياسي طلال عوكل، أنّ خطاب أبو مازن يُنبئ عن حراك سياسي ودبلوماسي، سيتزامن مع تصعيد الهبّات الجماهيرية على الأرض، لافتاً إلى أنّ الرئيس عباس تحدث بكامل الثقة، بأن الشعب الفلسطيني سيقف خلفه بكل خطوة تصعيدية سيتم اتخاذها، في سياق الرد على خطة ترامب. وقال عوكل في تصريحات لـ «البيان»، إنّ عباس تحدث بسقف كامل، حول العلاقة مع كل من أميركا وإسرائيل، وظهر بلغة سياسية غاضبة، وفتح الباب مشرعاً على احتمالات التصعيد، عندما جدد التأكيد على أن القدس ليست للبيع، لافتاً إلى أن الانحياز الأميركي لدولة الاحتلال، وممارسات الأخيرة على الأرض، هي التي أفضت إلى هذا التوجه لدى الرئيس الفلسطيني.

حراك مرتقب

من جهته، رجّح المحلل السياسي أكرم عطا الله، أن ينعكس الخطاب الساخن للرئيس عباس على الشارع الفلسطيني، بحيث تلتهب الأوضاع في مناطق التماس بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، لا سيّما أن هناك التحاماً جماهيرياً مع قرار القيادة الفلسطينية، برفض الصفقة الأميركية، وعدم الرضوخ لشروطها.

وقال عطا الله: «من غير المستبعد، أن يكُثر الحراك الفلسطيني الجماهيري في الأيام المقبلة، والأوضاع ذاهبة إلى مزيد من التصعيد، خصوصاً مع تهديد القيادة الفلسطينية بحل نفسها، وحديثها الدائم عن نقلة واضحة في التصدي للخطة الأميركية». وحفل خطاب الرئيس عباس برسائل مهمة، بالتأكيد على رفض صفقة القرن، وعدم القبول بأن تكون الولايات المتحدة هي الراعي الوحيد لعملية السلام، والبدء بكل الإجراءات التي تتطلب تغيير الدور الوظيفي للسلطة، والعودة إلى الشارع.

ويرى مراقبون، أنّ خطاب عبّاس يرسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة، أساسها بناء استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال.

البيان