ناقش منتدى الإمارات للسياسات العامة في يومه الأول عددا من الموضوعات الهامة الرامية إلى تعزيز مرونة الحكومات في المستقبل من خلال عدة جلسات وورش عمل حضرها نخبة من المسؤولين والخبراء من جميع أنحاء العالم.
في جلسة حوارية أدارها فادي سالم مدير قسم الأبحاث والاستشارات في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تحت عنوان “التصميم من أجل النجاح: دراسة المرونة في القطاع العام” وجمعت سعادة هدى الهاشمي مساعد المدير العام للاستراتيجية والابتكار في مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وتورستن أنديرسون نائب المدير العام لسلطة الأعمال الدنماركية، وأوين سيرفس المدير السابق والمؤسس المشارك لفريق التوجهات السلوكية -المملكة المتحدة، تناول المتحدثون موضوع الحكومة المرنة مستعرضين أهم مكوناتها وقدرتها على تمهيد طريق الدول نحو استشراف المستقبل.
وأشار المتحدثون إلى الضرورة الملحة لتعزيز المرونة ضمن أي حكومة، كونها تفتح آفاقاً أوسع لطموحات الدول وتمكنها من مواكبة المتغيرات، وتوجهها بما فيه خير المجتمع ورفاه الدول، علاوة على دورها في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والمستقبلية في التنمية المستدامة وتوظيف التقنيات الحديثة وصقل مهارات الكوادر البشرية وتلبية الاحتياجات الاجتماعية والوطنية، والتأقلم مع أية متغيرات طارئة في عالم باتت التغييرات المتسارعة أبرز معالمه.
وأجمع المتحدثون على أهمية القوانين والسياسات والممارسات المرنة في شتى المجالات والقطاعات، ودور المبادرات المبتكرة لتحقيق المرونة في القطاع العام، منوهين إلى ريادة دولة الإمارات في إطلاق مثل هذه المبادرات، على غرار المسرعات الحكومية وغيرها، وجهود حكومتها الرشيدة في تعزيز الابتكار الذي بات هدفاً رئيسياً لمختلف القطاعات والمجالات في الدولة.
و استعرض أوين سيرفس المدير السابق والمؤسس المشارك لفريق التوجهات السلوكية في المملكة المتحدة خلال جلسته الخاصة “المبادئ الأساسية لكيفية معالجة المعلومات لدى الأفراد: النظام السريع والنظام البطيء”..
وأوضح أن النظام السريع يمثله الأنشطة اللاواعية والقرارات التي يتخذها الأفراد يومياً، في حين أن النظام البطيء هو الأنشطة والقرارات التي تحتاج إلى انتباه وتفكير دقيق.. كما شرح أن عملية صنع السياسات تحدث بالنظام البطيء حيث يتم دراسة القضايا بعناية من خلال نهج متكامل للتوصل إلى سياسات مرنة بما يكفي لمواجهة جميع التحديات.
و خلال ورشة عمل بعنوان “الذكاء العاطفي: المستوى التالي من التطور في الوعي الإنساني” استعرض كل من الدكتور فيجاي بيريرا الأستاذ المشارك في إدارة الموارد البشرية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا ودايزي أندرادي مساعد باحث في قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة، كيف يمكن للذكاء العاطفي والذكاء الاصطناعي أن يقودان ويشجعان على تطوير بيئة عمل عالمية وصحية. واستعرضت ورشة العمل جوانب الذكاء العاطفي التي يمكن أن تسهم في التصميم الفعال لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكذلك تأثير تنفيذ الذكاء الاصطناعي على الحالات العاطفية والنفسية للموظفين والعملاء والمستخدمين الآخرين.
و عقدت الجلسة الحوارية الثانية خلال المنتدى تحت عنوان “الثورة الصناعية الرابعة والاستعداد للمستقبل” أدارها البروفسور دنيس جوسيدج مستشارة أبحاث السياسات الاقتصادية في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، بحضور مارتن كافيتس مستشار الشؤون الرقمية في حكومة إستونيا، والدكتور سعيد المطروشي الأمين العام للمجلس التنفيذي بعجمان وماسيمو فالسيوني الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد لائتمان الصادرات وسيد أحمد بن روان أستاذ في الإدارة الاستراتيجية والتنظيم بجامعة مينيسوتا الأمريكية.
واستهل المتحدثون الجلسة باستعراض تعاقب الثورات الصناعية وصولاً إلى الثورة الصناعية الرابعة، وأكدوا على دور التقنيات الحديثة وأهمية تبنيها في شتى مجالات العمل الحكومي وميادين القطاع الخاص للنهوض بشتى مجالات الحياة، ومواكبة المتغيرات الحاصلة في المشهد العالمي اليوم وصولاً إلى استشراف المستقبل.
وتناول المتحدثون المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة، ودورها السباق في إنشاء مؤسسات حكومية معنية بالذكاء الاصطناعي والمستقبل وغيرها من التقنيات الصاعدة التي تمثل محاور رئيسية لتحقيق الأهداف على مختلف الصعد وامتلاك الإمكانات اللازمة للاستعداد للمستقبل.
وأجمع المتحدثون على أن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل البشر في المستقبل، وإنما سيمثل دعماً لهم وسيفتح لأجيال اليوم والمستقبل آفاقاً أكثر رحابة للتعلم واكتساب المهارات اللازمة للتعامل معه، علاوة على ما يقدمه من فرص مهنية تتمثل في خبراء الذكاء الاصطناعي والمتمرسين في انترنت الأشياء ومنصات البلوك تشين، والمعنيين بتطبيقه في ميادين مثل التعليم والصحة والطاقة وغيرها من القطاعات الحيوية التي سيمثل دخول الذكاء الاصطناعي إليها إلى جانب المهارات البشرية نقلة نوعية نحو الأفضل.
و تحدث معالي سوني ليونغ الرئيس التنفيذي لـ سيفل سيرفيس كوليج في المملكة المتحدة، عن رأيه في التغييرات الإيجابية في الهياكل الحكومية والتحول الرقمي الذي تشهده المملكة المتحدة والتحديات التي تواجهها، وذلك في جلسة “دروس من المملكة المتحدة” خلال المنتدى. حيث سلط الضوء على دمج نحو 2000 موقعاً إلكترونياً مرتبطاً بالخدمات الحكومية في عام 2012 إلى موقع إلكتروني موحد، وعمل على إعداد ذلك الموقع مكتب الخدمة الرقمية الحكومية /Government Digital Service/في المملكة المتحدة.
و خلال جلسة حوارية تفاعلية تحت عنوان “الحوكمة المتمركزة على الإنسان وقوة التصميم” جمعت ثلاث شخصيات من مؤسسة بالموود وهم: ريم الزرعوني المدير العام للعمليات وميتش سينكلير الرئيس التفيذي الإبداعي وفولكر روس .
وتحدت المشاركون في الجلسة عن مفهوم التصميم وأهميته في مختلف مفاصل الحياة باعتباره محفزاً للإبداع، لاسيما وأنه قابل للتطبيق أينما رغبنا، بدءاً بتصميم السياسات والممارسات وأنماط حياتنا ومفاهيم التعليم والرعاية الصحية وغيرها.
وشهد اليوم الأول من المنتدى إطلاق عدد من الإصدارات والتقارير والكتب الصادرة من كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، كما تم إطلاق النسخة الثانية من مجلة دبي للسياسات /Dubai Policy Review/ في نسختها الثانية، وهي مجلة تعرض الفكر الريادي في مجال السياسات التي تنشرها الكلية للنهوض بمستقبل السياسة العامة وجودة الحكومة.
وام