إسماعيل حيدر
الحياة في مكان آخر، هكذا يبدو للمرتحل في اتجاه قلب صحراء دبي. ينظر المرء مليّاً وهو يخوض غمار ذلك الدرب البعيد، بينما تتماوج على الضفتين أمواج الرمال الذهبية، وأوراق الغاف والسدر والأكاسيا بخضرتها النقية التي غسلها المطر الأخير.
العينان لا تملّان من المشاهدة في هذه البرّية، أو »البرّ« كما يقول أهل البلاد. عند كل منعطف، نرى الإبل السارحة على هواها بين الكثبان، تأكل من نعم الخالق على الصحراء، من نباتات وأعشاب، تتحمّل رطوبة الأرض وأملاحها..
وحين نقترب من حدود محمية دبي الطبيعية الممتدة إلى حدود جبال حتا وصحراء المدام في الشارقة، تتجلى بصمات الإبداع الإنسانية، حيث السير على الدروب المتناغمة مع الأرض، والكثبان الرملية، تظهر الحرص على صون الطبيعة البكر من دون لمسات حديثة تنزع عنها هذا الجمال الفطري.في قلب هذه المحمية الفسيحة، تسرح المئات من الغزلان والمها، وتمارس الصقور هوايتها في الصيد، بينما الطيور والعصافير بألوانها وأشكالها المختلفة، تغرّد على مدار الوقت.
يمكن لزائر المكان في الليل كما في النهار، أن يشهد الجمال الإلهي في أبهى صوره، وكيف تتحول الرمال إلى لوحات تشكيلية، ويرى بأم العين معجزة الأشجار التي تغوص بجذورها في أعماق الرمل بحثاً عن غذائها، والفراشات المحلّقة فوق الأزهار، وأسراب النمل وهي ترسم مسالكها نحو بيوتها، حاملة مؤونة الأيام الآتية.
هناك، في »المها« حيث للسهر والمبيت نكهة أخرى، في منتجع مزدان بالخيال وعبقرية التصميم، تسرح الغزلان بين الفلل المصممة على شكل خيام عربية، اجتمعت فيها عناصر الرفاهية والهدوء الذي يفيض هدوءاً.
روح أخرى للصحراء في دبي. والعيش في قلب »المها« حياة مختلفة، يتناغم فيها إبداع الخالق مع سمو الفكر الإنساني.
– البيان