أطلقت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات مبادرة “الثقافة عن قرب” على المنصات الرقمية بهدف تشجيع أفراد المجتمع على مشاركة المحتوى الثقافي والفني على منصات التواصل الاجتماعي، بعد إغلاق المتاحف والمعارض والصالات الفنية في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا “كوفيد -19”.
وحققت المبادرة منذ إطلاقها تفاعلاً كبيراً من عدد من الفنانين والمثقفين ووصلت المشاركات إلى الآلاف في شتى صنوف الآداب والفنون، وحظيت المبادرة بدعم من هيئة دبي للثقافة والفنون، هيئة الشارقة للمتاحف، ومتحف اللوفر أبوظبي، وقصر الحصن، ومؤسسة بارجيل للفنون.
وشاركت نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في المجلس الثقافي عن بعد مع الشيخ سلطان بن سعود القاسمي مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، حيث تناول الحوار المبادرات الثقافية الرقمية التي أطلقت في الدولة خلال الفترة الماضية ودورها في استمرار المشهد الثقافي في العالم الافتراضي.

مبادرات نوعية
وقالت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة: “استطاع القطاع الثقافي التكيف مع المتغيرات الطارئة التي حدثت في الفترة الأخيرة من خلال استثمار المحتوى الثقافي الرقمي في الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع عبر مبادرات نوعية على المنصات الرقمية. أسهمت الثقافة عن قرب في تعريفنا على الكثير من المحتوى الثقافي والفني والمعرفي، كما استثمرت الموهوبين أوقاتهم، وشاركوا مجموعة من إبداعاتهم أثناء فترة بقائهم في المنازل”.
وأشارت الكعبي أن المحتوى الفني إيجابي بطبعه، يجذب مجتمع شرائح المجتمع، ونحتاج إلى بث الإيجابية والطمأنينة في نفوس مجتمعنا من خلال الثقافة والفنون التي تنير دروب الحياة، وتسمو بجمالها الإنسانية جمعاء، موضحة أن الثقافة عن قرب توفر مساحة إبداعية افتراضية تلهم المجتمع وتمد جسور التواصل بين أفراده في ظل التزام الجميع بسياسة التباعد الاجتماعي.
وأضافت نورة الكعبي: “خطت المؤسسات الإبداعية في الدولة خطوة متقدمة إلى الإمام بإطلاق مبادرات رقمية توصل الرسالة الفنية إلى أكبر عدد من الجمهور حول العالم مثل السركال أفنيو، وآرت دبي ومكتبات الشارقة، بما يعكس حيوية المشهد الثقافي وقدرته على العطاء والإبداع في أصعب الظروف. باتت التقنيات الحديثة المحفز الأول والوسيلة المثلى لتعزيز الحوار الثقافي والإبداعي، وتشجيع التواصل بين الفنانين وعشاق الإبداع حول العالم”. وأوضحت: أن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ستعمل على بث حلقات مباشرة على منصاتها الرقمية في مجالات الموسيقى، والمسرح، والشعر إضافة إلى زيارات لعدد من الصالات الفنية الخاص برود الفن في الدولة بينهم الفنان التشكيلي محمد أحمد إبراهيم، والفنان محمد كاظم، والفنانة نجاة مكي.
وتعرض الوزارة على قناتها بمنصة “يوتيوب” حلقة فنية لم تعرض من قبل بقيادة الفنان وعازف العود العراقي نصير شمة سفير اليونسكو للسلام، وأقيم العرض الفني في شهر يونيو من العام الماضي في قلعة أربيل التاريخية المدرجة على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، بمشاركة عدد من الموسيقيين العالميين قدموا عرضاً باسم “صناع السلام”، سيتم عرض الحفل الفني يوم غد الجمعة 3 إبريل الساعة 8 مساءً بتوقيت الإمارات.

أفضل جليس
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس اللجنة الاستشارية للشارقة عاصمة عالمية للكتاب، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات: “أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة على جاهزيتها في توفير بنية تحتية ثقافية قوية مكونة من جميع أطياف المجتمع لكل ما يتعلق بالكتاب والثقافة، مما ساهم بالظهور السريع للعديد من المبادرات لتشجيع المواطنين والمقيمين للاستعانة بالكتاب كأفضل جليس وخير ونيس في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.”
وأضافت الشيخة بدور القاسمي: “وتعكس مبادرة “الثقافة عن قرب” التي أطلقتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة اهتمام الدولة بتسهيل الوصول إلى المحتوى الثقافي من الجميع، وتعزيز القيم والمفاهيم الثقافية في المجتمع.  وهذا الحراك الثقافي، الذي انتقل بسرعة إلى الفضاء الرقمي، يعزز دور دولة الامارات العربية المتحدة في بناء جسور تواصل مع كافة الثقافات المختلفة عبر العالم خاصة وأن التكنولوجيا الحديثة بكافة أدواتها العصرية سهلت عملية التفاعل الثقافي ومنحتنا فرصة كبيرة للسلام والتفاهم بين شعوب العالم المختلفة.”

إثراء ثقافي
وقال الشيخ سلطان سعود القاسمي مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون في الشارقة ومحاضر زائر في كلية بوسطن الجامعية: “مبادرة الثقافة عن قرب هي أسلوب تفاعل جديد مع المحتويات المتعددة للفنون الجميلة في الإمارات. هناك الكثير من الاعمال الفنية التي لم تعرض للعامة وتوجد في البيوت في المنازل وأخرى في المكاتب أو في المستودعات والآن بإمكاننا أن نعرضها لغيرنا لكي نقوم بإثراء ثقافتنا ومجتمعنا. هي أيضاً وسيلة للتوثيق وأرشفة الأعمال المتوافرة في الإمارات لكي نتمكن من الرجوع لها حينما نشاء ومشاركتها مع الغير. اكتشفنا العديد من الأعمال الفنية الجديدة التي لم نعلم عنها من قبل وأيضاً الاهتمامات المتفرقة لشخصيات متنوعة في الدولة.”

منصة مبتكرة
وأشادت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة” بمبادرة “الثقافة عن قرب” التي أطلقتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، مؤكدةً أن “دبي للثقافة” ستواصل دعمها لهذه المبادرة التي من شأنها أن تثري ثقافة أفراد المجتمع، خصوصاً أثناء التزامهم بالبقاء في بيوتهم، فضلاً عن توفيرها منصة مبتكرة لتفاعل المبدعين من شتى أنحاء العالم عبر تقديمهم أعمالاً إبداعية ذات طابع إنساني. وقالت: “من واجبنا الإسهام مع غيرنا في العمل على أن نبقيَ الثقافة في متناول جميع أفراد المجتمع وقريبة منهم، كقرب أفراد الأسرة الواحدة من بعضهم بعضاً هذه الأيام. وهذا ما ترمي إليه مبادرة “الثقافة عن قرب” التي نوليها دعماً غير محدود، مسخّرين لها جميع منصاتنا المتنوعة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي”.
وألمحت بدري إلى المردود الإيجابي الكبير الذي تلعبه المبادرات والحملات الوطنية على المجتمع، ومنها حملة “خلك في البيت” التي حظيت بتجاوب منقطع النظير بين سكان الإمارات، والتي تتكامل معها مبادرة “الثقافة عن قرب”. قائلةً: “مجتمعنا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى هذا النوع من المبادرات التي توظف تقنيات التواصل الحديثة بطريقة هادفة ومسؤولة؛ لتمنح آفاقاً رحبة أمام النتاجات الثقافية والإبداعية القيِّمة بكل صنوفها؛ مسهمة بذلك في رفد المخزون الثقافي والجمالي والروحي عند أفراد المجتمع، وتحفيز المبدعين، في الوقت ذاته، على مواصلة عطاءاتهم الإبداعية والثقافية والحفاظ على العلاقة التبادلية مع جمهورهم بصرف النظر عن صعوبة هذه المرحلة العابرة”.

آليات تواصل
قالت منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف: “إن الهيئة حريصة على تعزيز علاقتها بمختلف أفراد المجتمع الإماراتي، وتنويع أساليب التواصل معهم في ظل الخيارات التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة، لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع، مشددة على أن التحدي الذي نعيشه جميعاً، يعتبر فرصة لإعادة النظر في آليات التواصل، وابتكار سبل جديدة ترتقي بأدوات التواصل، بهدف الاستمرار في بناء مجتمع مرن يستند إلى أدوات تواصل ذات معايير عالية، تستجيب للمستجدات والتطورات”.
واستطردت عطايا: “أن الظروف العالمية المستجدة اقتضت اتخاذ العديد من التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية، تضمنت التزام الناس منازلهم، وإطلاق مبادرة التعليم عن بعد، وإغلاق المتاحف وغيرها من المؤسسات الثقافية أبوابها استجابة للتوجهات، وحرصاً على أمن وسلامة أفراد المجتمع الإماراتي، موضحة أن الهيئة تسعى الى مواصلة مسؤوليتها بإبقاء الجمهور مطلعاً ومتواصلاً مع المحتوى الثقافي، ومشاركاً فاعلاً في الأنشطة الثقافية، باستغلال ما توفره التكنولوجيا الحديثة، لا سيما في هاشتاغ #الثقافة عن قرب، الذي يحفز كافة مؤسسات القطاع الثقافي لدعم بعضها البعض في ظل الدعم المستمر الذي تقدمه الدولة لها مضيفة أنه يتوجب على جميع المؤسسات الثقافية دعم كافة المبادرات سواء التي تطلقها الدولة أو تطلقها المؤسسات ذاتها، مؤكدة أن دور هيئة الشارقة للمتاحف كمنصة تثقيفية وتعليمية لا يتوقف، وأن مكانتها كجهة ثقافية داعمة لجميع المبادرات والتوجهات التي تطلقها الدولة راسخة.

 

 

البيان