بيّن فضيلة الدكتور أحمد الحداد كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، أنه يجوز للمزكي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد وجوبها، لاسيما عند الحاجة الماسة كما في ظرفنا هذا الذي انقطع الناس فيه عن أعمالهم بسبب ظروف «كورونا».

مشيراً إلى أن هذا التقديم يحقق مقاصد شرعية وإنسانية في ظل هذه الجائحة ويضاعف أجر الفريضة لأنها تعطى في رمضان، وفي ظل انتشار جائحة صحية.وأكد الدكتور الحداد، في حوار مع «البيان» حول بعض أحكام فريضة الزكاة في ظل تداعيات جائحة «كورونا» التي ترخي ظلالها على جمع مناحي الحياة لاسيما الاقتصادية منها، أكد أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الدولة، تتحرى مستحقي الزكاة، وتعنى بإيصالها إليهم. وتالياً نص الحوار:

ما حكم تعجيل الزكاة في ظل هذه الظروف الاستثنائية قبل ميعاد وجوبها؟

يجوز للمزكي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد وجوبها، كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، لما روى أبو داود والترمذي من حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك.

وروى أبو داود من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام».

وسبب الجواز: «أن الزكاة تجب بسببين وهما بلوغ النصاب وتمام الحول، ومن القواعد الشرعية أن ما وجب بسببين جاز تقديمه عند وجود أحدهما، وهو هنا بلوغ النصاب، فجاز أن تقدم، كما في تقديم الكفارة على الحنث في اليمين، لاسيما عند الحاجة الماسة كما في ظرفنا هذا الذي انقطع الناس فيه عن أعمالهم بسبب وباء «كورونا».

حيث إن الناس بحاجة ماسة لسد عوزهم في الغذاء والدواء والنفقات الأخرى، فتقديمها يحقق لمستحقيها المقصود الشرعي الذي من أجله فرضت لهم، وتحقيق مقصودها للمزكي في تعجيل براءة ذمته، كما أنها في هذا الظرف فيها إغاثة للملهوفين وتفريج الكرب عن المكروبين وكونها في رمضان فكل ذلك يجعل أجرها مضاعفاً وثوابها عند الله تعالى كبير.

مخارح

لمن نعطي الزكاة، ومن الأولى بها في ظل التصدي لـ «كورونا»؟

يتعين أن يكون إخراجها للمستحقين من أصنافها الـ 8 مباشرة، أو إلى المؤسسات المعنية بجمعها وإيصالها لمستحقيها، كصندوق الزكاة في أبوظبي أو في دبي، أوصندوق التضامن المجتمعي ضد الكورونا أو للجمعيات المرخصة، فإن هذه المؤسسات تتحرى المستحقين، وتعنى بإيصالها إليهم، فينبغي أن تكون محل ثقة المزكين والمتصدقين، وهي مع ذلك في عناية الرقابة والحوكمة اللازمة.

ما الزكاة الأفضل في هذه الأحوال؟ هل المال فقط؟ خصوصاً أن هناك مزكين يخرجون زكاتهم من الزراعة والمواشي والإبل؟

الزكاة واجبة في الأموال النقدية وعروض التجارة والمواشي من الإبل والغنم والبقر، وفي الحبوب والثمار، والمتواجد لدينا من الحبوب والثمار هو ثمر النخل، فتخرج زكاة كل نوع من هذه الأنواع عند بلوغ نصابه وأن يكون الحول قد حال عليه، إلا النخل فعند حصاده.

ويخرج من النقود وعروض التجارة نقد، إذا كان المال قد بلغ نصاباً وحال عليه الحول بواقع 2.5%، وأما الأصناف الأخرى فلها أنصبتها المختلفة ومقاديرها المعروفة، وتخرج من نوعها، أو بقيمتها السوقية إذا لم يخرج من جنس الغنم أو الإبل أو البقر أو التمر، وتعطى لأصنافها الـ 8 أو من وجد منهم.

حالات

هل يجوز إخراج الزكاة خارج الدولة في هذه الظروف؟

الأصل في الزكاة أن تخرج في البلد لفقرائه كما قال صلى الله عليه وسلم: «تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» أي المسلمين من أهل البلد، ولا تخرج من البلد إلا إذا استغنى أهل البلد فتخرج للأقرب فالأقرب عن طريق المؤسسات الرسمية.

هل الزكاة تدخل في إطعام الطعام؟ وماذا لو ذهبت لغير المسلم أو لغير الفقير؟

إخراج الزكاة كوجبات طعام أو قيمة الوجبات هو خاص بإخراجها لحملة «الـ 10 ملايين وجبة» أو للجمعيات التي تكفلت بإطعام الفقراء الملازمين بيوتهم بسبب الحجر الصحي، فهذه الجمعيات معنية بإيصالها لمن يستفيدون منها فعلاً وتحقق مقصود الزكاة للغني والفقير.

أما إذا كان سيخرج الزكاة من تحق عليه بنفسه لقريبه الفقير أو غيره من مستحقيها، فعليه أن ينظر إلى مصلحة الفقير، فهل هو محتاج لطعام كوجبات أو ما يسمى بالمير الرمضاني، فيخرجها كذلك.

فإن لم يتبين له ذلك فليخرجها نقداً لأن المستحق هو أدرى بحاجة نفسه، فقد تكون عليه مستلزمات مهمة من سداد دين أو فواتير أو أجهزة ضرورية، مع توفر الغذاء لديه، فمصلحته عندئذ أن يأخذها نقداً، وإذا أخرجت نقداً لهذه المؤسسات ليطعم بها الفقراء المنقطعين فإنه لا مانع أن يطعم بها غير المسلم تأليفاً لقلبه، إذ لا يمكن أن يطعم المسلم ويترك غيره.

البيان