يحل شهر رمضان الفضيل هذا العام مختلفاً عن الأعوام السابقة، كونه يواكب إجراءات احترازية عالمية غير مسبوقة، للحد من تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ما أثر في 10 عادات مرتبطة بالشهر الفضيل، منها ارتياد المساجد لصلاة التراويح، وأداء عمرة رمضان، وإقامة موائد الإفطار وإجراء الزيارات العائلية، ليبقى «رمضان 2020» حاضراً بروحانياته الدينية، دون كثير من عاداته المجتمعية.
وتتمثل أولى العادات الرمضانية العشر التي كانت تُتّبع خلال الشهر الفضيل في ارتياد المساجد عند كل صلاة، والبقاء فيها بعض الوقت لقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، بجانب الحرص على عدم تفويت صلاة التراويح في جماعة للاستمتاع بتلاوة الإمام وحلاوة صوته في أجواء تخلق مزيداً من الخشوع والراحة النفسية.
وتأتي زيارة مواقع مدفع الإفطار لسماع دويها وقت المغرب إيذاناً بإفطار الصائمين من أبرز العادات الرمضانية المتأثرة هذا العام نتيجة الإجراءات الاحترازية التي لا تسمح بأي تجمعات في أية مواقع، إذ ستكتفي المدافع بالانطلاق وحيدة ودون حضور جماهيري.
وتعد الخيام الرمضانية جزءاً أصيلاً من التقاليد الإماراتية، وهي تجسد روح العطاء والمشاركة الإنسانية، حيث يجتمع آلاف من الصائمين حول موائد الإفطار في أجواء تعكس قيم التضامن والمساواة، ويبادر العديد من الأفراد والمؤسسات مع اقتراب شهر رمضان المبارك إلى نصب الخيام لتصبح مراكز لإقامة أنشطة دينية واجتماعية على امتداد شهر رمضان الكريم.
كما تعمل هيئة الهلال الأحمر على نصب خيام في مختلف مناطق الدولة لإقامة ولائم إفطار الصائم.
ونظراً للإجراءات الاحترازية، سيكون رمضان 2020 من دون خيام أو موائد إفطار جماعي، على أن تكتفي المؤسسات الخيرية بتوزيع وجبات الإفطار على الأسر المحتاجة والعمالة في المناطق الصناعية.
ومن العادات الرمضانية التي حافظ عليها مواطنو الدولة والمقيمون فيها، ولائم الإفطار الأسرية، وهي زيارات يعتبرها الناس فرصة لمزيد من التقارب والتحاب وصلة الأرحام، في مجتمع عرف عنه التسامح والتآخي منذ القدم، كما أنها تمثل فرصة لاستعراض مهارات الطبخ وإعداد الأطعمة التراثية، لكنها هذا العام لن تخرج عن نطاق أفراد الأسرة لصعوبة تبادل الزيارات بسبب الإجراءات الاحترازية.
وجرت العادة أن تعج المقاهي بالساهرين بعد الإفطار، إذ تتفنن في اجتذابهم من خلال إجراء مسابقات وتقديم عروض ووضع شاشات كبيرة تسمح بمشاهدة برامج الفضائيات المتنوعة، لكن هذا الأمر بات معطلاً هذا العام، للدواعي الاحترازية ذاتها.
وينطبق ذلك على المجالس الرمضانية «الميلس» أو «الديوانية»، التي يحضرها الرجال في خيام مخصصة للزوار، لاسيما بين المواطنين وأبناء الأسر والقبائل الواحدة، حيث يستمتعون فيها بإلقاء الشعر والقصائد، وتلاوة القرآن.
وفي كل عام كانت الاستعدادات في الأسواق والمولات والمحال التجارية، تبدأ مبكراً للاحتفاء برمضان، حيث تمتلئ بشتى أنواع السلع والمواد الغذائية، بجانب ما تعرضه محال الملابس والهدايا من بضائع تخضع لخصومات كبيرة استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك، لكن الأمر سيكون مختلفاً هذا العام نظراً لمحدودية حركة الناس التزاماً بمواعيد التعقيم.
ورغم قرارات العودة المحدودة لفتح بعض مراكز التسوق والمتاجر الكبيرة وفق إجراءات وضوابط احترازية مشددة، فإن هذا العام سيكون بلا زحام، ولا مهرجانات للتسوق.
ويشتهر شهر رمضان في الدولة بسلسلة من المحاضرات والمسابقات والندوات والفعاليات الدينية التي تقام على مستوى إمارات الدولة، سواءً في المساجد أو في مراكز المؤتمرات المختلفة، لكن غالبية هذه الفعاليات ستقتصر هذا العام على إقامتها عبر المنصات والتطبيقات الذكية والدوائر المغلقة، أبرزها منصة الوعظ الذكية التي أطلقتها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف خلال شهر رمضان المبارك للحديث عن أحكام الصيام والعبادات.
وللمرة الأولى يمر شهر رمضان على المواطنين والمقيمين دون التوجه للأراضي المقدسة لأداء عمرة شهر رمضان، التي يؤديها ملايين المسلمين سنوياً، خصوصاً في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، ما كبّد حملات الحج والعمرة وشركات السياحة خسائر كبيرة.
مدفع رمضان
يعتبر مدفع رمضان في دولة الإمارات من أبرز التقاليد المميزة للشهر الفضيل، ويمكن أن يسمع صوت المدفع معلناً موعد الإفطار أو الإمساك، من بعد يقارب 10 كيلومترات.
ويطلق المدفع في مناطق متنوعة عبر الدولة، أبرزها جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي.
ويشكّل هذا التقليد أهمية كبرى، خصوصاً للأطفال، لاسيما أن صوت الدويّ يعني لهم المتعة والإثارة، فضلاً عن أنه يؤذن بالسماح لهم بتناول الحلويات وغيرها من وجبات الطعام المجهزة لهم.
الإمارات اليوم