أكدت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، أن مبادرة الصلاة من أجل الإنسانية التي من المقرر أن تقام يوم الخميس المقبل، الموافق 14 مايو الجاري، نجحت في توحيد العالم بأطيافه كافة تحت مظلة الأخوة الإنسانية للدعاء والصلاة والتضرع من أجل خلاص الإنسانية من فيروس كورونا المستجد «كوفيد -19».

جاء ذلك، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ، عبر تقنية الاتصال المرئي للإعلان عن تفاصيل المبادرة، بمشاركة المستشار محمد عبد السلام الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، والمونسنيور يؤانس لحظي جيد السكرتير الشخصي لقداسة بابا الفاتيكان، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وإيرينا بوكوفا الأمين العام السابق لليونسكو، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وعدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

وكشفت اللجنة عن إطلاق الموقع الرسمي لمبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية» الذي سيمثل قناة تواصل فاعلة لجميع المشاركين في هذه المبادرة، وسيكون بمثابة التوثيق الرقمي للبيانات والفعاليات ومشاركات الناس من جميع أنحاء العالم، التي تسبق المبادرة وتواكبها، وكذلك ليكون النواة لأرشفة جميع المبادرات والفعاليات والأنشطة والأحداث المستقبلية الخاصة باللجنة العليا للأخوة الإنسانية.

وأشادت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بالتفاعل العالمي، والترحيب الدولي الواسع الذي شهدته المبادرة من القادة والزعماء ورجال الدين والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام والمشاهير، الذين عبروا عن دعمهم ومشاركاتهم في الدعاء والصلاة والتضرع.

وبدأ المؤتمر بكلمة للمستشار محمد عبد السلام الذي قال خلالها، إن أنظار العالم أجمع توجهت في الرابع من فبراير عام 2019 إلى أبوظبي عاصمة دولة الإمارات، حيث كان اجتماع قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وخلفه تراث القديس فرنسيس، وجهوده في التعرف على الآخر، وبناء جسور المحبة والسلام، مع أخيه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومن خلفه أكثر من 1080 عاماً كان، ولا يزال، الأزهر فيها قبلة العلم، وشعاع التنوير والوسطية والسلام للعالم أجمع، وفي ظهر القامتين الدينيتين الأبرز في العالم كان أبناء حكيم العرب الشيخ زايد آل نهيان – رحمه الله- وأبناء رفاقه حكام الإمارات، الذين ارتكزوا على تراث أبيهم خالد الذكرى، الذي زرع بذور التسامح والتعايش والإنسانية وتعمير الإنسان قبل البنيان على هذه الأرض الطيبة.

وأضاف الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية: «في هذا اللقاء التاريخي وقع الرمزان «وثيقة الأخوة الإنسانية» والتي تعد أهم الوثائق الإنسانية في العصر الحديث، واستلهاماً لمبادئ وثيقة الأخوة، وسعياً لتطبيقها بشكل عملي على أرض الواقع، أطلقت اللجنة دعوة لجميع الناس في العالم لأن يتوجهوا إلى الله بالصلاة والدعاء في 14 مايو الجاري، وهي دعوة لاقت ترحيباً دولياً واسعاً من جانب عدد كبير من القيادات والمؤسسات الدينية والسياسية والشعبية حول العالم، يتقدمهم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب شخصيات سياسية،من بينها قادة وملوك ورؤساء ورؤساء وزراء، ووزراء حاليون وسابقون، ومفتون، وقيادات دينية، وشخصيات سياسية وإعلامية وشعبية مؤثرة، ومؤسسات تعليمية مرموقة».

وقال المستشار محمد عبد السلام: إن هذ الدعم والترحيب بالمبادرة، لهو دليل واضح على أننا قادرون – خاصة في مواجهة التحديات المشتركة – على تنحية خلافاتنا، للاتحاد تحت مظلة أخوتنا الإنسانية.. وهذا الإيمان بإمكاناتنا الإنسانية المشتركة كان بمثابة المحرك لنا، نحن أعضاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، للمضي قدماً للإعلان عن الدعوة للصلاة والدعاء والصوم وعمل الخير من أجل تخليص الإنسانية جمعاء من هذا الوباء وتبعاته المختلفة.

وأضاف: «لقد بدا الأمر وكأنه حلم؛ أن يتحد البشر جميعاً حول نداء إنساني متعلق بخطر داهم الجميع، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وذاق مراراته الطفل والجد، والرجل والمرأة، ولم يفرق بين إنسان وآخر.. استهدف البشرية كلها، فأصاب وقتل الكثير، وألزم الجميع بيوتهم، في مشهد لم يتوقعه أكثر المتشائمين».
وأشار إلى أن المنح تأتي في طي المحن؛ فقد أسفر المشهد العالمي في المقابل عن حالة استثنائية من التلاحم العالمي، بالتضامن وإرسال شحنات الأدوية والمعدات الطبية، وتبادل الناس عبر العالم الدعوات لبعضهم بشغف، خاصة حين وصلت بلدانهم لذروة انتشار الوباء، في حالة إنسانية أنست الجميع خلافاتهم، وأكدت أننا كلنا واحد.. ومصيرنا واحد.. ولا سبيل للخروج من هذه الجائحة إلا باتحادنا، متضرعين إلى الله تعالى بأن يرفع هذا الوباء عن الجميع؛ استجابة لنداء يحمل المحبة والسلام لجميع الناس… نداء الأخوة الإنسانية.
ونوه إلى أن هذا النداء هو دعوة روحية تستهدف تحريك الطاقات الإيجابية في جميع البشر حول العالم، التي لا يخلو منها أي إيمان بعقيدة.. وأن المشاركة هنا تعني التوجه إلى الله الخالق، كل حسب عقيدته وطقوسه الدينية المتوافقة مع معتقده، فيشترك الجميع في التضرع إلى الله بالدعاء، بأن يرفع عن البشرية كلها هذا الوباء، وأن يوفق الأطباء والعلماء في الوصول إلى دواء أو لقاح لهذا الفيروس الخطير.. إنها لحظة تاريخية لوحدة العائلة البشرية حول المشتركات الإنسانية، مع احترام كل عضو في هذه العائلة لعقيدة الآخر.
من جانبه، قال المونسنيور يؤانس لحظي جيد: إن هذه الدعوة تأمل في توحيد جميع الرجال والنساء في الدعاء لله كي يرفع عن البشرية هذه الجائحة.. لافتاً إلى أنها المرة الأولى التي تتجمع فيها البشرية جمعاء من أجل هدف واحد أن نصلي معاً، كل بحسب إيمانه ودينه، للتأكيد على أن الإيمان بالله يوحد ولا يقسم.
وأضاف السكرتير الشخصي لقداسة بابا الفاتيكان: في الواقع، لا يفرق الفيروس بين الأغنياء والفقراء، بين الغرب والشرق، بين الدول الغنية والنامية… نحن متشابهون ومتساوون، نحن إخوة في الخطر وفي مجابهته.
وذكر أن دعوة اللجنة العليا تتكلم أيضاً عن العلم وتطلب من الجميع الصلاة، كي يلهم الله العلماء والباحثين ليكتشفوا قريباً لقاحاً، وهنا تأكيد على أنه لا يوجد تناقض بين الإيمان والعلم، بل تكامل، فالعلم بدون إيمان يبقى بدون أفق، والإيمان بدون علم يبقى بدون دعم، وهذا أيضاً من أهم دروس «كوفيد- 19».
من جهتها، قالت إيرينا بوكوفا: إن العالم يواجه أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية، مع عواقب سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة.. مضيفة أن «كوفيد – 19» وصل إلى كل دولة، مع ما يقرب من 4 ملايين حالة مؤكدة وأكثر من 270 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، وحتى الآن لم نصل إلى ذروة المرض في أفقر دول العالم، ولا يستطيع أحد التوقع، ونحتاج من 3 إلى 6 أشهر أخرى لذلك.
وأضافت الأمين العام السابق لليونسكو، أن أربعة مليارات شخص يعيشون في حالة حظر، والتوقعات للاقتصاد العالمي تزداد سوءاً، يوماً بعد يوم، مما يتسبب في حالة بطالة هائلة واضطرابات على جميع المستويات، والأنظمة الصحية في العديد من البلدان تتعرض لضغوط شديدة.
وأشارت إلى أن عدم اليقين الاقتصادي، الذي أثاره «كوفيد- 19» سيكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار في عام 2020، وفقاً لآخر تقديرات الأونكتاد.. مضيفة أن منظمة العمل الدولية تقدر أن 1.25 مليار شخص، إما سيصبحون عاطلين عن العمل، أو سيشهدون انخفاضاً في دخلهم، وذلك في جميع أنحاء العالم. وقالت: إن منظمة الأغذية والزراعة نبهت إلى ضرورة ضمان سلسلة الإمدادات الغذائية والإنتاج والتهديد للأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، وفقاً لتوقعات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، كما يمكن أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الشديد في جميع أنحاء العالم تقريباً من 135 مليوناً إلى 265 مليوناً.
وذكرت أن العالم يحتاج إلى قيادة، حتى تتمكن البشرية من المرور بأوقات عصيبة بأمل وتعاطف ورعاية لكل فرد، هذه هي القيادة التي أظهرها قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر بدعوة العالم للصلاة من أجل السلام في 14 مايو الجاري.

الاتحاد