شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث للغة العربية الذي يعقد تحت رعاية سموه في فندق البستان روتانا بدبي، بمشاركة أكثر من 500 متحدث وألف مشارك من دولة الإمارات وأنحاء الوطن العربي.

وكان سموه قد استقبل، على هامش المؤتمر، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، عدداً من الوزراء والعلماء والخبراء المشاركين في المؤتمر الذي انطلق بعد ظهر أمس، تحت شعار «الاستثمار في اللغة العربية ومستقبلها الوطني والعربي والدولي».

وقد رحب سموه بالضيوف وتمنى لهم النجاح في أعمال مؤتمرهم وتقديم المزيد من المقترحات والحلول من أجل اللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي نزل على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين بلسان عربي.

ودعا سموه النخب العربية وذوي الاختصاص والباحثين في مجال اللغة العربية إلى التنسيق فيما بينهم وترسيخ جسور التواصل بين الهيئات والجهات المختصة والجامعات ووزارات التربية والتعليم العالي والثقافة في الوطن العربي لوضع أسس وآليات علمية وعملية لتعميم ونشر اللغة العربية في أوساط الأجيال الصاعدة والشباب وتشجيعهم بأساليب سلسلة وحضارية للإقبال على تعلم وفهم لغتهم العربية الأم، والتمسك بها والحفاظ عليها، مع التأكيد على أهمية الترجمة والتدريب وتنظيم الندوات وورش العمل المتخصصة للشباب العربي.

إشادة بالمبادرة الوطنية

من جهتهم، أعرب المشاركون عن اعتزازهم بتوجه زعيم عربي نحو حماية اللغة العربية وتنميتها ونشرها وحفظها من خلال اهتمام سموه بهذه اللغة القرآنية مشيدين بمبادرات سموه الوطنية والقومية خاصة وآخرها «جائزة محمد بن راشد للغة العربية» العالمية التي جاءت من منطلق حرص صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على لغة الضاد وحمايتها، وتحفيز الشباب وشرائح أخرى في المجتمعات العربية على الاهتمام بلغتهم التي ترمز إلى هويتهم القومية والإسلامية، وفي الوقت عينه كي تتواكب وروح ومتطلبات العصر والتكنولوجيا حتى يسهل على الأجيال المتلاحقة في الوطن العربي استخدامها وفهمها والتمسك بها بل والتفاخر بها «كلغة أم».

الحضور

حضر اللقاء معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون، ومعالي محمد إبراهيم الشيباني مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، وعبدالغفار حسين الكاتب والصحافي، وخليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي، إلى جانب عدد من المسؤولين والمهتمين باللغة، والمثقفين والقيادات التربوية والتعليمية في الدولة ومن عدد من الدول العربية الذين يشاركون في أعمال المؤتمر الذي ينظمه المجلس الدولي للغة العربية ومقره بيروت. ولدى وصول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، قاعة المؤتمر عزفت الموسيقى بالسلام الوطني.

ثم ألقى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع كلمة في المناسبة، شكر فيها باسم المؤتمر صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، واعتزازه بحرص سموه الكبير على تعزيز مكانة ودور اللغة العربية في عالم متعدد اللغات والثقافات، ورعاية سموه للمؤتمر وكل الندوات والأنشطة المتصلة بتفخيم وحماية لغتنا العربية الجميلة، التي تعني لنا كأمة عربية الهوية والتاريخ والثقافة والعزة والانتماء.

وأشار معاليه إلى جائزة محمد بن راشد للغة العربية التي وصفها بمبعث فخر واعتزاز لكل عربي كونها تساهم بشكل فاعل في تكوين المستقبل الوطني والعربي والدولي للغة الضاد وهذا هو محور جلسات المؤتمر.

تحيات رئيس الدولة

ونقل معاليه تحيات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى المؤتمرين وترحيب سموه بهم على أرض الإمارات الطيبة مؤكداً حرص سموه على أن تكون اللغة العربية هي الأساس المتين للنهضة الوطنية والقومية الناجحة، ويوصينا سموه باستخدام هذه اللغة الأم الاستخدام الأمثل باعتبار ما تمثله من قوة هائلة في صياغة هويتنا الوطنية والعربية، والتعبير عن وجدان الأمة وتشكيل حاضرها وتحديد مسيرتها في المستقبل.

المجلس الدولي للغة

وتحدث آخرون في الجلسة الافتتاحية في مقدمتهم الأستاذ الدكتور علي عبدالله موسى المنسق العام للمجلس الدولي للغة العربية الذي استهل كلمته بآي من الذكر الحكيم «وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين» صدق الله العظيم .

وخاطب المتحدث الحضور بالقول «نجتمع اليوم على شرف صاحبة الجلالة «اللغة العربية» وهى لغة كونية تتجاوز الوطنية والإقليمية والعالمية، هذه اللغة التي عرفت كل العلوم وفي طليعتها علوم الرياضيات والجبر واللوغارتمات التي تعتمد عليها التطبيقات العلمية والرياضية».

وأشار المتحدث إلى أن الاستثمار في اللغة الوطنية وهو شعار المؤتمر يعني الاستثمار في الإنسان والأجيال القادمة، وضمان وحدتها وتمسكها بقيمها وثوابتها ومكتسباتها ومرجعياتها وتاريخها ومنحها الفرصة للمنافسة في جميع الميادين مع محافظتها على هويتها ويعني أيضاً الاستثمار في الجودة والإتقان والإبداع والابتكار في كل ما يتعلق باللغة العربية من وظائف وأعمال تعتمد على المهارات والقدرات والتفكير.

وشكر الدكتور علي عبدالله موسى صاحب السمو راعي المؤتمر باسم صاحبة الجلالة «اللغة العربية» وباسم جميع الهيئات والمنظمات المنظمة للمؤتمر الثالث في دبي والشكر موصول لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الرشيدة وشعبها العربي الأصيل ولكافة الباحثين والمنظمات المشاركة ولكل من ساهم في إنجاح أعمال وتنظيم هذا الحدث العربي الفريد.

حماية اللغة

ونوه المنسق العام للمجلس الدولي للغة العربية بجائزة محمد بن راشد للغة العربية العالمية، مهنئاً اللغة العربية على هذه المكرمة، مؤكداً أن لغتنا العزيزة ستحتفظ بمبادرة سموه وحرصه ورعايته لها عبر التاريخ بهذا الفضل الكبير والسبق العظيم في خدمتها وحمايتها ودعمها مضيفا «وما هؤلاء المئات من الباحثين الذين سوف تسجل أقلامهم هذه الأعمال الخيرة لكم يا صاحب السمو إلا شهود على ما تقدمونه للغة الضاد وهذه شهادة للتاريخ على أفعالكم ونجاحكم وإنجازاتكم ومن يكتمها فإنه آثم قلبه رعاكم الله يا صاحب السمو ووفقكم لما يحب ويرضى وجزاكم عنا وعن اللغة العربية خير الجزاء».

وكان لمكتب التربية لدول الخليج العربية كلمة ممثلاً بسعادة الدكتور علي عبدالله القرني الذي أسهب في التطرق إلى خصال ومناقب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الإنسانية والوطنية والقومية، قائلاً «حين ينبري رجل عربي يعربي مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لدعم اللغة العربية، فإن ذلك يفتح لنا نافذة أمل زاهية تطل على انتشال لغتنا وبعث أمجادها .. مثلما يعطينا نحن في مكتب التربية العربي لدول الخليج دفعة بل دافعاً لتوظيف جهودنا وجهود سموه في مسيرة المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج الذي يقع على مشارف دبي الزاهية هناك في شارقة الثقافة واللغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة التي صارت نموذجاً ناجحاً في مختلف الميادين، خاصة في ميدان العلم والحضارة الإنسانية الحديثة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وحكومته الرشيدة ورجال الإمارات الميامين». وكان للدكتور عارف الشيخ من دولة الإمارات وقفة في المؤتمر من خلال كلمة وقصيدة شعرية مطولة تناولت جائزة «محمد بن راشد آل مكتوم للغة العربية» العالمية.

وقال الدكتور الشيخ مخاطباً صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والحضور «من دبي مدينة الجوائز أطلقتم يا صاحب السمو جائزة عالمية جديدة للغة العربية، والهدف منها خدمة لغة القرآن الكريم وقبل هذا أنشأتم جوائز وجوائز، منها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وغيرها فإذا كانت تلك خدمة للقرآن الكريم وأهله وهم حملة كتاب الله حفظاً وتلاوة، فإن هذه الجائزة خدمة للغة العربية وأهلها، واللغة العربية هي وعاء القرآن الكريم، ولغة الآباء والأجداد إذن

لا تلمني في هواها أنا لا أهوى سواها

لست وحدي افتديها كلنا اليوم فداها

لغـة الأجـداد هـذي رفـع اللـه لواهـا

كلمـا مـر زمـــان زادهــا عــزا وجـاهـا

ونوه الدكتور الشيخ بقصيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نشرها في عام 2007 تحت عنوان «اللغة الخالدة»، وكانت مؤلفة من ثلاثة وخمسين بيتاً من الشعر، وهذه كانت البداية لانطلاقة الدعوة للحفاظ على لغتنا وهويتنا العربية.

ورفعت الجلسة في ختام كلمات المتحدثين، وغادر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم القاعة بمثل ما استقبل به من حفاوة وثناء واعتزاز بمواقفه ومبادراته التي تحفظ للغة العربية احترامها ومكانتها وأهميتها في المجتمعات العربية وحتى الدولية.

وودع سموه المشاركين في المؤتمر، متمنياً لهم التوفيق في التوصل إلى ما يبتغونه من مؤتمرهم من فائدة وانعكاسات إيجابية على لغتنا العزيزة وعلى الساعين لتمكينها وتطويرها، بحيث تسمو على أي محاولة إهمال أو نسيان أو تجاهل من أي جهة أو إنسان كان.

الاتحاد