اختار «الحوثيون» الذين يحتلون صنعاء التصعيد والمواجهة بإعلانهم الرئيس عبدربه منصور هادي «مطلوبا للعدالة» وتهديد كل من يتعامل معه من موظفين ومسؤولين وبعثات دبلوماسية بالمساءلة القانونية، وذلك بعد ساعات على إبلاغه رئيس البرلمان يحيى الراعي بتراجعه عن الاستقالة التي قدمها في 22 يناير الماضي إثر اقتحام المتمردين مقر إقامته والقصور الرئاسية، آملا من النواب التعاون معه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة تطبيع الأوضاع الأمنية والاقتصادية في جميع المحافظات وإنجاز ما جاءت به مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتطبيقها على الأرض.
ووجه هادي الذي تمكن من كسر الإقامة الجبرية في صنعاء والنزوح إلى عدن، تعميما لقيادة وزارة الدفاع وجميع فصائل القوات المسلحة وقادة المناطق العسكرية السبع بانتقال غرفة عمليات القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى عدن. وتضمن التعميم الصادر باسم «رئاسة الجمهورية- غرفة عمليات 22 مايو عدن» منع تنفيذ أي عمليات قتالية أو تحركات أو تنقلات أو استبدالات إلا بقرار رئيس الجمهورية. وحث التعميم الذي خاطب جميع قادة القوى والمناطق وقوات الاحتياط والعمليات الخاصة والوحدات المستقلة على تنفيذ مهامها وواجباتها الروتينية لحفظ الأمن والاستقرار في قطاعات المسؤولية«.
وأصدر محافظ عدن عبدالعزيز بن حبتور، قرارا أعفى بموجبه مدير جهاز المخابرات بالمحافظة وعين نائبه قائما بأعمال الجهاز. فيما علمت »الاتحاد« من مصادر في السلطة المحلية أن سفارات وبعثات أجنبية قدمت طلبات بافتتاح مقار لها في عدن بعد أن أغلقت دول عربية وأجنبية سفاراتها في صنعاء، بسبب استيلاء الحوثيين على مقاليد السلطة هناك.
وأحكمت القوات العسكرية والمليشيات الموالية لها سيطرتها على القصور الرئاسية والمنشآت الحيوية في عدن، وقال حسين الوحيشي مسؤول اللجان الشعبية الموالية للرئيس لـ »الاتحاد« إنه تم استبدال 150 جنديا من أفراد الجيش والحرس الرئاسي المكلفين بحماية القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق بعناصر أخرى من الحرس الرئاسي واللجان الشعبية.
وأضاف الوحيشي »إن هؤلاء الجنود تمردوا ورفضوا تنفيذ التوجيهات وكاد الأمر يصل إلى مواجهة مسلحة، لكنهم أخيرا انصاعوا للأوامر«، مشيرا إلى أنه تم السماح للجنود بمغادرة القصر الرئاسي بأسلحتهم الشخصية والعودة إلى منازلهم فيما تم نقل جزء منهم إلى معسكر صبر في محافظة لحج المجاورة. فيما ذكر مصدر صحفي في عدن أن غالبية الجنود المسرحين »شماليين« يعتقد أنهم موالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ونفى الوحيشي الأنباء التي تحدثت عن اندلاع مواجهات مع الجنود المسرحين، مؤكدا في الوقت ذاته أن اللجان الشعبية سيطرت على منزل نائب الرئيس اليمني الأسبق وآخر رؤساء الجنوب علي سالم البيض، الذي صادره الزعيم القبلي الشمالي الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، بعد الحرب الأهلية صيف 1994 التي انتهت بانتصار قوات صالح، وفرار البيض إلى الخارج.
وفي المقابل، أعلن »الحوثيون«، الرئيس هادي مطلوبا للعدالة، وتوعدوا بمعاقبة كل من يتعامل معه من قيادات وموظفي الدولة. وقال بيان صادر عما يسمى »اللجنة الثورية العليا« في صنعاء »إنها تتابع التحركات المشبوهة للمدعو هادي، الفاقد للشرعية لأي تصرف كرئيس للجمهورية اليمنية، وأنه بتصرفاته الطائشة والمتخبطة أضر بالشعب اليمني وأمنه واستقراره واقتصاده وحياته«. وأضاف »أن اللجنة تحذر كل من يتعامل معه بصفته رئيس الدولة وينفذ أوامره من كافة موظفي الدولة ومسؤوليها وبعثاتها الدبلوماسية، فإنهم سيتعرضون للمساءلة القانونية، وتدعو كافة الدول الشقيقة والصديقة لاحترام خيارات الشعب اليمني وقراراته، وعدم التعامل مع هادي، باعتباره لم يعد ذا صفة في أي موقع رسمي، بل هو مخل بالمسؤولية ومطلوب للعدالة«.
إلى ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة مساء أمس بين مسلحين حوثيين وقوات عسكرية موالية لمصلحة بالقرب من مقر قيادة القوات الخاصة التي كان يقودها نجل الرئيس السابق، العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح في منطقة الصباحة المطلة على غرب صنعاء. وقال مصدر عسكري »إن الاشتباكات اندلعت بعد أن حاول الحوثيون اقتحام البوابة الرئيسية للمقر.
من جهته، قال الشيخ محمد ناجي الشايف زعيم قبيلة بكيل كبرى قبائل اليمن النائب البارز في البرلمان والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، «إن هادي هو الرئيس الشرعي للبلاد»، وأضاف في موقف مغاير لحزبه الذي طالب متحدثه الرسمي مؤخرا هادي باحترام قرار استقالته «لم يكن هناك داع لأن يرسل هادي رسالة إلى رئيس البرلمان لإشعار النواب بقرار تراجعه عن الاستقالة لأن بيانه الذي اصدره من عدن يبطل قرار الاستقالة إضافة إلى أن مجلس النواب لم ينعقد لمناقشة الاستقالة».
وأوضح الشايف لـ «الاتحاد» «إن بقاء انتقال هادي إلى عدن سيسهم بشكل كبير في الدفع باتجاه استكمال العملية الانتقالية وإنجاح الحوار السياسي الذي يدور في صنعاء منذ أسابيع برعاية مبعوث الأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر». لافتا إلى أنه يؤيد انتقال جلسات الحوار من العاصمة إلى مكان آخر في أي محافظة يمنية إذا كان ذلك سيعمل على إنجاح المحادثات«. وأضاف »يجب على المؤتمر أن يساند هادي ويدعم نجاح الحوار، وسأتحفظ على أي قرار يتخذه الحزب يعارض هذا التوجه«، مؤكدا أن »أي طرف لن يستطيع أن يحكم اليمن منفردا«.
وفي القاهرة، أكد وزير الشؤون القانونية في الحكومة اليمنية المستقيلة محمد المخلافي أهمية مواصلة الحوار بين القوى السياسية في اليمن من أجل الخروج من الأزمة الراهنة، وقال عقب لقائه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي »هناك حوار لا يزال مستمرا في صنعاء يضم 13 مكونا سياسيا واجتماعيا ويجري حاليا التفاوض لتوسيع الشراكة في السلطة. أما إعلان بعض الأحزاب السياسية الذهاب إلى عدن للقاء هادي فجاء كمبادرة حتى لا تنقطع الصلة بين اليمنيين الموجودين في صنعاء وعدن».
الاتحاد