ميساء راشد غدير
رغم الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في سبيل تحقيق العدالة للمقيمين والعاملين على أرضها إلا أن التنظيمات الحقوقية وما يتبعها من تنظيمات قلما أنصفت الدولة في هذا المجال، لاسيما إن كان الأمر يتعلق بحقوق العمال، فقد كانت تركز على السلبيات متجاهلة ما يتحقق على أرض الواقع من إيجابيات تحققها دولة الإمارات في حقوق العمال، ليس خوفاً من منظمات ترصد وتراقب، بل من منطلق اعتبارات حضارية وأخلاقية تؤمن بها وتحرص على تطبيقها في جميع تعاملاتها بل وتعتبرها منهجاً لها.
بالأمس أصدرت الخارجية الإماراتية تقريراً أشارت فيه إلى حقوق العمال في الإمارات، وقد سجلت فيه حقيقة ما يشكله هؤلاء العمال من القوى العاملة في دولة الإمارات وكيف يمثلون مصدراً مهماً للدخل في بلدانهم. فحسب إحصائيات البنك الدولي لعام 2012 حول العمال الأجانب ما يربو على 20 مليار دولار لبلدانهم، وكانت أكبر هذه التحويلات إلى دول أهمها الهند وباكستان ومصر والفلبين وسريلانكا وبنغلاديش، مما جعل من دولة الإمارات سادس أكبر مصدر للتحويلات النقدية في العالم.
الإشارة إلى تقرير وزارة الخارجية الذي نثق بأنه سيكون محل تمحيص الغرب، لابد أن تكون مراجعته دقيقة من قبل المنتقدين بصفة دورية لدولة الإمارات لاسيما في ملف العمالة حتى لا تنهال الاتهامات مجدداً على الإمارات التي منحت العمالة حقوقها وزيادة من خلال الإصلاحات التي أجرتها على قوانينها، ومن خلال الحقوق التي ضمنتها، ومن خلال التشريعات التي وضعتها والتي سعت من وراء ذلك جميعاً للارتقاء ببيئات العمل فيها إنسانياً ومهنياً، ليس خوفاً من الانتقاد الدولي والتهجم عليها من قبل المنظمات الحقوقية، بل من أجل تحسين بيئات العمل فيها، ومن أجل التنافسية، ومن أجل أن تبقى الأفضل بين دول تفوقها إمكانات وتاريخها أطول.
إذا كانت هناك حالات فردية لانتهاك حقوق العمالة أو عند وقوع ضرر على أي فئة عمالية فذلك لا يعني أن الدولة برمتها لا تراعي حقوقاً أو لا تضع اعتباراً لحقوق عمالة تعتمد عليها بصورة كبيرة في مشاريعها التنموية، فلكل قاعدة شواذ وهو ما ينبغي مراعاته.
فكثير من الانتقادات التي كانت توجه للإمارات في ملف حقوق العمالة كانت بسبب تجاوزات وأخطاء فردية وليس بسبب ممارسات حكومية، ومع ذلك فقد قطعت الدولة الطريق على أي متجاوز بشكل فردي بسنّ القوانين والتشريعات، وتوقيع الاتفاقيات الدولية الملزمة للجميع أفراداً ومؤسسات حتى أصبحت حقوق العمال ثقافة بين الجميع شملت الشباب المواطنين المتطوعين الذين حرصوا على تأمين أفضل سبل العيش للعمالة الوافدة بتوفير الملابس والدراجات الهوائية لهم، وهو ما يفترض مراعاته عند تقييم دولة الإمارات في هذا الجانب الحقوقي، وهو ما سننتظره وما نتمنى أن نسمع ونقرأ عنه!
البيان