على مدى عقود طويلة، توارثت العائلات تقاليد زواج خطها المجتمع منذ زمن البادية. وبعد مرور كل تلك السنوات، لا تزال الكثير من طقوس الزفاف في المنطقة محافظةً على موروثها التقليدي الأصيل رغم ما فرضه نمط الحياة العصرية من تغييرات.
وتظل طقوس ليلة العرس وليلة الحناء ومكسار العروس باقيةً ولم تندثر عند الكثير من العائلات في العديد من مناطق الدولة.
ويعد المهر من الشروط الأساسية لقيام أي زواج، فقد جرت العادة لدى بعض العائلات أن يكون المهر في شكل مبلغ كبير من المال يدفعه المعرس إلى والد العروس أو بتقديم مجموعة من الأغنام أو الجمال، أو إهداء حلي من الذهب من طبلة أو مرية، وتجهيز العروس بكل ما يلزمها من ذهب وثياب وعطور وشيل وغيرها.
وعادةً ما توضع الزهبة في غرفة العروس وسط صندوق يطلق عليه اسم “المندوس”، حيث تجد فيه المخاوير والمزارية ودهن العود والزعفران والعنبر والنيل الهندي وبو قفص.
كما أن المعرس مطالب أيضاً بتقديم “مير العرس” لأهل العروس وهو عبارة عن أغنام وسكر وشاي، ومواد غذائية كالأرز والطحين.
وجرت العادة ألا يقدم “المير” في أي يوم، بل يجب فعل ذلك يوم الأربعاء عصراً وسط أجواء احتفالية من الغناء والتصفيق، ويسير الموكب إلى أن يصل إلى بيت العروس حيث يستعد الجميع لاستقبال ضيوفهم من خلال تحضير أطيب الولائم وأشهاها.
تزهيب العروس
وهو تقليد عريق يقضي بإلباس العروس مجموعةً كبيرةً من الحلي والذهب حيث يوضع على رأسها وأذنيها مثلاً الكواشي والطاسة والشغاب والشفاق بينما يحلّى الصدر بالمرية والمرتعشة وأم مفروقة. وتزين اليدان بحلي حب الهيل وأم المشاخص وأبو شوك أما فيما يتعلق بالخصر وبالأصابع، فعادةً ما يتم ترصيعها بحزام من الذهب وقطع متميزة من الخواتم المرامي والجبيرة والشاهد وغيرها.
وعادةً ما تبدأ العروس استعداداتها بشكل مبكر، فقبل 40 يوماً من موعد الزفاف تقوم الأم أو إحدى القريبات أو “الماشطة” بإعداد قناع “الورس” وهو عبارة على نبات عشبي يعرف بتأثيره الإيجابي على البشرة لما يضفيه عليها من نعومة، كما يتم دهن الشعر بالمحلب ويتم تغطية العروس بشيلة أو خمار أسود شفاف.
الحناء
عادةً ما تحنى العروس في ليلتي الأربعاء والخميس في القدمين واليدين وتقوم “الحناية” برسم النقوش بالكف على شكل “كشتبا” ويحنى المعرس “الغمسة”.
المكسار
نوع قديم من القماش يستعمل في أشرعة السفن يصنع به خيمة تجتمع تحتها مجموعة من النسوة من أهل العروس لعرض الزهبة والهدايا أمام المدعوات وحظي هذا التقليد باهتمام كبير قديما حيث كانت التحضيرات تستلزم أسبوعاً كاملاً تجتمع خلالها نساء الحي تحت المكسار من أجل تجهيز لوازم العروس من ملابس وبهارات ومستحضرات تجميلية وأدوات منزلية.
ويقوم أهل العروس باستضافة المعرس سبعة أيام بلياليها تقام خلالها احتفالات الزواج قبل أن تتم مراسم الزفة إلى منزل الزوج ليلة الجمعة بعد عقد القران.
وتبرز خلال هذه المناسبة أواصر الروابط والتضامن التي يتسم بها المجتمع الإماراتي حيث يقوم الأهل والأصدقاء بالمساعدة في إتمام مراسم الزواج وكل ما يسبقه من تحضيرات علاوةً على ما يقدمونه من هدايا وذبائح وتسمى “العينية”. ولا تزال الكثير من العائلات تحرص على مصاهرة الأقارب لإيمانها الراسخ بأهمية النسب في توطيد الروابط الأسرية وتمتين الصلة بينها.
واتسمت الأعراس الإماراتية بعروضها الفنية المميزة ومن أشهرها رقصة العيالة التي عادةً ما تؤدى خلال احتفالات أهل العروس وفيها يصطف ما يقارب من سبعين مؤديا في صفين متقابلين يقومون بالرقص والغناء الجماعي على نغمات الدفوف والطارات والطوس.
أما في موكب الزفة، فتقام رقصات أخرى على مثل الليوا والمالد والمناهيل.
وكانت الأعراس في الإمارات فرصةً فريدةً لتناول أشهى مأكولات المطبخ الإماراتي الأصيل حيث جرت العادة أن يتم تقديم طبق الهريس. كما يحظى الضيوف بمأكولات مثل الفقاع والمرقوق والخبيص والحلوى المصنوعة من النشاء والذي يتم تحضيره بلباب البر مع السمن والسكر حتى يغلى ويقدم قبل ليلة الزفاف.
وفي الماضي أيضا كانت العروس الإماراتية تسكن مع أسرة زوجها في بيت واحد حيث تعد لها غرفة خاصة تكون مجهزةً بصندوق لوضع الثياب ومرآة ومبخرة وبعض العطور. أما في فصل الصيف فيخصص لها عريش يتكون من جريد النخل وسعفه ويكون عادةً مفروشاً ومزينا بالحصير ومجهزاً بسرير من الخشب.
البيان