تمكن هاميش هاردينغ، رئيس مجلس إدارة شركة «أكشن أفييشن»، والمقيم في دبي منذ سنوات طويلة، من الوصول إلى أعمق نقطة على وجه الأرض من خلال غوصه برفقة المستكشف الشهير فيكتور فيسكوفو، وذلك في رحلة هدفت إلى استكشاف أنواع وفصائل بحرية جديدة على عمق 11 كيلومتراً تحت مستوى سطح البحر، أي ما يعادل 13 ضعف ارتفاع برج خليفة. وتهدف الرحلة إلى دراسة النباتات والكائنات البحرية في هذا العمق، بالإضافة إلى البحث عن أدلة حول إمكانية وجود التلوث البشري في هذا العمق.
هاردينغ الذي تحدث عن هذه المغامرة لـ«الإمارات اليوم» قال: «كنت دائماً محملاً برغبة الوصول الى أعمق نقطة تحت وجه الأرض، وقد زرت القطب الجنوبي، فالاستكشاف والمغامرة هما من الأمور التي أحبها، وكان الوصول الى أعمق نقطة من الرحلات التي أطمح إليها كون الرحلة الأولى الى تلك النقطة كانت عام 1960، وقد تم النجاح بالوصول اليها 18 مرة فقط». وحول أعمق نقطة تحت وجه الأرض، أضاف: «تعدّ منطقة تشالنجر ديب في المحيط الهادئ بيئة قاسية للغاية، وهي بانتظار استكشافها ودراستها على مستوى أوسع، ولطالما ألهمتني إقامتي في الإمارات روح المغامرة والاستكشاف، إذ يمنحك هذا البلد شعوراً بأن أي شيء ممكن التحقيق، وأنا فخور بتمثيل دولة الإمارات كأول شخص من الشرق الأوسط يغوص إلى أدنى نقطة على وجه الأرض». وأكد أنه يقيم في الإمارات منذ عام 1993، وهو سعيد للعيش في دبي، كونها تقدم للناس الفرصة للمغامرة والحلم وتطوير حياتهم. وأشار الى أن هذه النقطة تقع على عمق 11 كيلومتراً في العمق، وهي تعادل 13 ضعفاً من ارتفاع برج خليفة، ولكن باتجاه العمق، وتُعد نقطة جاذبة لأن الكل يطمح للوصول إلى القمر، ولكن لا نجد الاندفاع نفسه للوصول إلى الأعماق.
وبالحديث عن تفاصيل الرحلة، قال هاردينغ: «أقلعنا بسفينة، وقد استغرقنا ما يقارب أربع ساعات للوصول إلى النقطة التي أبحرنا فيها إلى العمق، واستغرق الوصول إلى الأعماق عبر الغواصة التي صممت خصيصاً لهذه الرحلة، ما يقارب أربع ساعات وكذلك أربع ساعات أخرى للعودة الى سطح المياه، ما يعني أن القيادة في الرحلة وصلت الى 12 ساعة، وخلال هذا الوقت تم تحقيق رقمين قياسيين في «غينيس»، الأول هو أطول مدة تمت تمضيتها في أعمق نقطة على وجه الأرض، وهي أربع ساعات و15 دقيقة، والرقم الثاني هو السفر الى أطول مسافة في الأعماق خلال التحدي مع الأعماق».
وهدفت الرحلة بحسب هاردينغ إلى دراسة النباتات في هذه النقطة العميقة، وطبيعة الكائنات، إلى جانب قياس مدى وصول نسبة التلوث إلى هذا العمق، لأن البلاستيك تنتشر بقاياه في الماء، والسمك يأكلها، ولهذا أردنا ان نستكشف هذا الأثر وتحليله، منوهاً بأن النتائج الخاصة بالرحلة تتطلب أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كي تكون جاهزة. ولفت هاردينغ الى أنه تم أخذ عينات من المياه، لوضعها في المختبر، وكذلك اصطياد بعض الكائنات التي كان من الصعب الحصول عليها بسبب الظلام الذي يخيم على الأعماق، وذلك بالاستعانة بالذراع الروبوتية للغواصة من أجل جمع العينات التي ستتم دراستها.
وعن أبرز التحديات خلال الرحلة، قال هاردينغ إن «العودة الى السطح تكون هي الهم الأساسي بعد الانتهاء من المهمة، والأهم العودة إلى السطح على قيد الحياة، وهذا مدعوم بالكثير من عوامل السلامة، لأنه دائماً هناك حلول للعودة الى سطح المياه حتى وإن واجهت الغواصة مجموعة من الأضرار»، موضحاً أن المستكشف الذي دعمه هو فيكتور فيسكوفو، وهو معروف في عالم المغامرات، كما شاركه ابنه جايلز البالغ من العمر 13 عاماً، الذي بقي على متن اليخت لتوثيق رحلة والده على حسابه على «إنستغرام».
وتحدث هاردينغ عن التغير في الضغط في الأعماق، مشيراً الى أنه يؤدي إلى انكماش الأشياء، مؤكداً أن الغواصة صممت لشخصين بحيث تتحمل ضغطاً مقداره 100 ألف طن في أعماق المحيط، أي ما يعادل 50 طائرة جامبو، وهو أعلى بـ1200 مرة من الضغط الجوي القياسي على مستوى سطح البحر، لافتاً إلى أن الرحلة تتطلب المعرفة والخبرة في الغوص بالطبع، ولكن البقاء على اللياقة بشكل عام يعتبر مهماً في هذه المغامرات.
أرقام قياسية
18 شخصاً فقط هم الذين نجحوا في الغوص إلى أعمق نقطة على وجه الأرض، مقارنة بـ24 رائد فضاء داروا حول القمر أو هبطوا على سطحه، والآلاف ممن نجحوا في تسلق قمة جبل إفرست، أعلى مكان على وجه الأرض. وشهد عام 1960 نزول أول غواصة إلى قاع المحيط، حيث قضت هناك 20 دقيقة فقط قبل أن تصعد إلى السطح. أما عام 2012، فقد شهد أول نزول فردي قام به مخرج هوليوود جيمس كاميرون على متن غواصة غمر عميق (DSV ) إلى هذه النقطة، وقضى ساعتين و34 دقيقة على عمق 10.908 أمتار تحت مستوى سطح البحر. أما مهمة هاردينغ فتمت على متن غواصة الغمر العميق (DSV Limiting Factor)، وهي أول غواصة قادرة على خوض رحلات متكررة إلى عمق المحيط والتجول في الأعماق لفترات طويلة من الزمن، وقد حقق رقماً قياسياً بالبقاء أكثر من أربع ساعات في العمق.
الامارات اليوم