أعلن المركز الوطني للأرصاد من خلال برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار التابع له اليوم عن انتهاء المرحلة الأولى من حملته البحثية المبتكرة لدراسة إمكانية تشكيل السحب الركامية الممطرة من خلال تسخين الطبقة المنخفضة من الغلاف الجوي باستخدام النفاثات العمودية وجسيمات الهباء الجوي المصنعة خصيصاً لهذا الغرض.
تأتي هذه الحملة تتويجاً لدراسات النمذجة العددية التي قام بها فريق المشروع على مدى السنوات الثلاث الماضية باستخدام التطبيقات النظرية والمخبرية، حيث تضمنت المرحلة الأولى تنفيذ حملة ميدانية في دولة الإمارات تم خلالها تركيب واختبار الأنظمة اللوجستية والهندسية، وذلك تمهيداً للمرحلة الثانية التي سيتم فيها إجراء العروض العلمية خلال الفترة من شهر نوفمبر إلى فبراير المقبلين.
وتم تنفيذ المرحلة الأولى خلال الفترة من 17 فبراير حتى 26 مارس في جبل جيس في رأس الخيمة وهو أعلى قمة جبلية في دولة الإمارات ويصل ارتفاعها إلى 1934 مترا فوق سطح البحر.
ويعمل على المشروع فريق بحثي يضم العديد من الخبراء المحليين والدوليين المتخصصين في إجراء البحوث العلمية المتقدمة وذلك تحت إشراف الدكتور علي أبشاييف، باحث أول بمركز أبحاث تفتيت البرد في روسيا، والحاصل على منحة الدورة الثالثة لبرنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار .. وتستفيد الحملة من خبرته الواسعة في تنفيذ الحملات الميدانية في جبال شمال القوقاز في آسيا الوسطى، وأوروبا الشرقية، وأمريكا الجنوبية.
ولتسهيل إجراء التجارب الميدانية وجمع بيانات هامة من الغلاف الجوي حول آلية تكون التيارات العمودية في المناطق الجبلية من دولة الإمارات، قام الفريق بتركيب واختبار مركب هندسي على جبل جيس يتألف من محرك نفاث متصل بأجهزة قياس علمية متقدمة تتكون من طائرة بدون طيار تستخدم لجمع بيانات الطقس، ومقياس إشعاع الميكروويف، وجهاز “ليدار” لقياس الرياح، والقاذفات للمواد الاسترطابية المختلطة، وجهاز التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء، وغيرها من الأجهزة والمعدات المتقدمة.
وأجرى الفريق سلسلة من الاختبارات الناجحة لنظام المحرك النفاث ولاحظوا تشكل تيار عمودي قوي على شكل دوامة يتراوح ارتفاعها ما بين 500 إلى 1000 متر فوق مستوى سطح الأرض، فيما ستركز المرحلة الثانية من الحملة على إجراء التجربة في أجواء عالية الرطوبة خلال فصل الشتاء تتوفر فيها الرطوبة اللازمة للمواد المحبة لها داخل هذه الدوامة ودراسة تأثير ذلك على تحفيز تكوين السحب.
وبهذه المناسبة، قال الدكتور عبدالله المندوس، مدير المركز الوطني للأرصاد رئيس الاتحاد الآسيوي للأرصاد الجوية : تأتي هذه الحملة في إطار التزامنا المستمر بقيادة الجهود الدولية الهادفة إلى معالجة أزمة شح المياه حول العالم، حيث يواصل برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار تقديم كافة أشكال الدعم للمشاريع الحاصلة على منحته من أجل إحراز المزيد من التقدم على صعيد أبحاث الاستمطار، وذلك من منطلق إدراكنا لأهمية المياه وقيمتها كمصدر رئيس للحياة على سطح الأرض، ولذا يحرص البرنامج على تسخير كافة إمكانياته وقدراته لإيجاد حلول جديدة ومبتكرة لتحديات أمن المياه من خلال تعزيز التعاون الدولي، الأمر الذي سيساهم في تحقيق التوازن بين الموارد المائية المتاحة وتزايد الطلب عليها لا سيما في المناطق التي تعاني من قلة الموارد المائية أو محدوديتها.
من جانبها، قالت علياء المزروعي، مدير برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار إن الدعم التقني واللوجستي الذي يقدمه برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار للدكتور علي أبشاييف وحملته البحثية يأتي في سياق الجهود الحثيثة التي يبذلها البرنامج من أجل النهوض بأبحاث علوم الاستمطار وتسريع وتيرة العمل نحو تطوير تقنيات جديدة في هذا الحقل المتنامي.
وهنأت المزروعي .. الدكتور أبشاييف وفريقه البحثي على إنجاز المرحلة الأولى من حملته البحثية بنجاح على الرغم من الصعوبات التي واجهوها بسبب الطروف الجوية المتقلبة فيه فضلاً عن الطبيعة المعقدة للأنظمة والأدوات التي قاموا باختبارها، مبدية ثقتها من أن هذا المشروع سيحقق نتائج إيجابية ملموسة على صعيد تعزيز هطول الأمطار وتوفير الموارد المائية المستدامة.
وقد تم تنفيذ الحملة بدعم من برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار وبمشاركة خبراء من المركز الوطني للأرصاد والعديد من المؤسسات البحثية والأكاديمية المحلية والدولية، ويدرس المشروع إمكانية تحفيز تيارات الحمل الحراري العمودية لتشكيل السحب الركامية الممطرة، ويستمد أساسه النظري من حرائق الغابات والحرائق الناجمة عن الأنشطة العسكرية التي قد تؤدي إلى تشكل تيارات الحمل الحراري العمودية، لتتحول إلى السحب الركامية وتحفز هطول الأمطار.
ويسعى المشروع إلى استحداث هذه الظاهرة باستخدام طرق أكثر صداقة للبيئة وقائمة على التقنيات المتطورة لتحفيز تشكيل السحب الركامية .. كما تتحقق الدراسة من إمكانية التسخين السطحي للغلاف الجوي باستخدام النفاثات العمودية المحلية وجسيمات الهباء الجوي الصديق للبيئة لتحفيز تيارات الحمل الحراري العمودية، وبالتالي تشكيل السحب الركامية.
البيان