أطلقت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ووزارة الخارجية ومعهد مصدر مساء أول من أمس، خارطة الإمارات للطاقة المتجددة حتى عام 2030، وذلك بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بحضور معالي الدكتور سلطان الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لقطاع الطاقة في شركة المبادلة للتنمية، والدكتور عدنان أمين مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، والدكتور ثاني أحمد الزيودي المندوب الدائم للإمارات لدى إيرينا، والدكتور أحمد بالهول الرئيس التنفيذي لشركة مصدر.
واستندت الخارطة إلى دراسة متعمقة أجرتها وكالة إيرينا ووزارة الخارجية خلصت إلى أنه بإمكان الإمارات رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 10% من إجمالي إمدادات الطاقة في الدولة ما سيمكنها من توفير ما يقرب من 1.9 مليار دولار (7 مليارات درهم) سنوياً بحلول العام 2030. وشددت على أن الطاقة المتجددة خيار استراتيجي للدولة يفوق في مزاياه الطاقة التقليدية المعتمدة أساساً على الوقود الأحفوري والغاز، مشيرة إلى أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في قطاع الطاقة المتجددة وأن مشاريع أبوظبي ودبي ستمكن الدولة من مضاعفة حصة الطاقة المتجددة في الإمارات بحلول عام 2017 وذلك قبل موعدها بنحو 13 عاماً (2030).
وأكد عدنان أمين مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الأهمية المتنامية التي توليها دول العالم للطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن حصة الطاقة المتجددة ارتفعت عالمياً خلال العام الماضي إلى 18%. ومن المتوقع أن تواصل ارتفاعها لتصل إلى 36% بحلول عام 2030 بسبب مزاياها العديدة، خصوصاً أنها أنظف أنواع الطاقة فضلاً عن أنها تخلق وظائف كثيرة. وهناك دول كثيرة في العالم تتجه حالياً بقوة لزيادة حصتها من الطاقة المتجددة منها الدنمارك، حيث بلغت حصة مزيج الطاقة لديها 62% والبرازيل 56%. كما تسعى الصين إلى نسبة 25% وكذلك الهند.
ونوه بأن الدراسة التي أعدتها وكالة إيرينا حول زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة شملت 3 دول وهي الإمارات والصين وأميركا، مشيراً إلى أن تجربة الإمارات في الطاقة المتجددة متميزة للغاية، حيث أطلقت مشاريع كثيرة لتنويع مصادر طاقتها واقتصادها، فضلاً عن أنها تحتضن المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
وذكر أن الإمارات ستنجح في رفع مساهمة الطاقة المتجددة لتصل إلى 10% من إجمالي إمدادات الطاقة في الدولة و25% تقريباً من القطاع. وقال: بفضل استراتيجية الابتكار والتنويع، وصلت الإمارات إلى مرحلة مهمة في مسيرة التحول التي بدأنا نشهدها بالفعل في المشهد العالمي للطاقة.
واستعرض الدكتور ثاني أحمد الزيودي المندوب الدائم للإمارات لدى «إيرينا» ومدير إدارة شؤون الطاقة والتغير المناخي في وزارة الخارجية، نتائج دراسة خارطة الإمارات للطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن الدراسة تم إعدادها خلال 10 أشهر ووفرت الدولة لها كل الإحصائيات والدعم اللازم.
وأكد أن أهمية الدراسة تنبع من كونها تحدد بدقة معالم واضحة لخارطة الطاقة المتجددة في الإمارات ونصيب كل قطاع، مشيراً إلى أن الإمارات لن تنجح فقط في مضاعفة حصتها من مساهمة الطاقة المتجددة في احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2030 كما تستهدف دراسة الخارطة بل ستحقق هذا الهدف بحلول عام 2017، خصوصاً بعد أن أعلنت حكومة دبي عن مشاريع كبيرة في الطاقة الشمسية عبر مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.
وشدد على أن الطاقة المتجددة مهمة جداً للإمارات وذلك رغم انخفاض سعر الغاز الذي تحصل عليه الإمارات عبر مشروع دولفين والذي لا يتعدى دولارين لكل مليون وحدة حرارية (إم بي تي يو). لذا، لا ينبغي أن نقلل دعمنا للطاقة المتجددة بدعوى أن أسعار الغاز الطبيعي حالياً منخفضة إلى جانب تراجع أسعار النفط. وبكل تأكيد فإن الطاقة المتجددة فعالة جداً للدولة في ظل ما تتمتع به من طاقة شمسية هائلة ينبغي استغلالها فضلاً عن أننا لو رفعنا نسبة مساهمة الطاقة إلى نحو 10% من احتياجاتنا من الطاقة فإننا سنخفض استهلاكنا من الغاز الطبيعي بنسبة 16% ومن النفط بنسبة 8.5%.
كما أن أسعار النفط والغاز لن تظل منخفضة كما هي الآن بل هناك دلائل تؤكد ارتفاعها مرة أخرى، فضلاً عن أن هناك تطورات تكنولوجية وتطبيقات كثيرة في قطاع الطاقة المتجددة تدفعنا للاستفادة منها في تقليل التكلفة الإجمالية ولا ينبغي أن ننسى أن الطاقة المتجددة نظيفة وصديقة للبيئة عكس الوقود الأحفوري.
وأوضح الزيودي أن الطلب على الطاقة بكل أشكالها في الإمارات في تزايد مستمر وفي كل القطاعات الاقتصادية خصوصاً الصناعة، مشيراً إلى أن الدولة بدأت مشاريع قوية للطاقة البديلة خصوصاً الشمسية. وفي عام 2010 تم توفير 23 جيجاوات من الطاقة المتجددة ومن المقرر أن ترتفع إلى 40 جيجاوات بحلول عام 2020.
وذكر أن الدراسة تؤكد على الطاقة الشمسية وفوائدها الكبيرة للإمارات، موضحاً أنه يمكن توفير هذه الطاقة للعديد من القطاعات الاقتصادية وعلى سبيل المثال الصناعة بنسبة 5.5% والمباني بنسبة 29% والنقل بنسبة 1%. وأوضح أن الدراسة تطمح أن تشكل الطاقة المتجددة نسبة 25% من احتياجات الإمارات من الطاقة بحلول عام 2030، مشيراً إلى أن نصيب الطاقة الأحفورية يصل إلى 57% والطاقة النووية 18% والطاقة المتجددة 25% وتتوزع نسبة الطاقة المتجددة على الطاقة الشمسية والطاقة المستغلة من أسطح المنازل والطاقة الحرارية الفولتية وغيرها.
وأكد الدكتور ثاني أحمد الزيودي أن الإمارات اتخذت خطوات جادة في قطاع الطاقة المتجددة، حيث قطعت شوطاً كبيراً في تنويع مصادر الطاقة. وقال «نحن نستثمر على نطاق واسع ونسعى لتطوير تقنيات منافسة لتحقيق المزيج الأمثل من مصادر الطاقة، وقد أظهرت الدراسة أن مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن تحقق مزايا مالية واضحة إلى جانب مزايا أخرى مثل أمن الطاقة، انبعاثات الكربون، وتوفير فرص العمل».
وتم عقد تنظيم جلسة نقاشية أدارتها الدكتورة ربيعة فروخي مديرة مركز المعرفة في وكالة إيرينا وشارك فيها دولف غيلين مدير مركز الابتكار في إيرينا والدكتور سغوريس سغوريدس بمعهد مصدر وهاتس راينش بإدارة الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية.
ونوه دولف غيلين بأنه لا ينبغي النظر إلى التكلفة المرتفعة للطاقة المتجددة في دولة مثل الإمارات لأن هذه التكلفة لديها أقل من دول أخرى بسبب وجود طاقة شمسية هائلة لديها غير مستغلة، وما زالت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في الإمارات صغيرة مقارنة باحتياجاتها من الطاقة بصفة عامة ومن المهم أن تتخذ الإمارات خطوات إجرائية ملموسة لزيادة حصتها من الطاقة المتجددة سنوياً. وشدد على أن الطاقة المتجددة جذابة جداً للإمارات فضلاً عن أن تكلفة الطاقة المتجددة ستكون أقل من تكلفتها في المستقبل بسبب تطور التقنيات.
وأوضح هاتس راينش أن الغاز في الإمارات منخفض السعر إلا أن الأضرار البيئية الناتجة عن حرق الغاز مقلقة للغاية فضلاً عن مشاريع الغاز تحتاج إلى بنية تحتية وإمدادات ضخمة تحتاج الكثير من الأموال، كما أن أسعار النفط والغاز لن تستمر كما هي منخفضة عالمياً بل ستتجه نحو الارتفاع بلا شك.
وأكد الدكتور سغوريس سغوريدس ضرورة مضاعفة مشاريع الطاقة الشمسية في الإمارات، لافتاً إلى أهمية استبدال سخانات المباني السكنية بسخانات تعتمد على الطاقة الشمسية. وقال: قد تكون بعض هذه المشاريع مكلفة حالياً إلا أنها ستكون مستقبلاً أقل بكثير مما هي عليه حالياً وينبغي أن ننتهز الفرصة. وشدد على ضرورة تطبيق استراتيجية ثابتة لرفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 25% بحلول عام 2030 وبناء قدرات وطنية في هذا المجال.
أظهر تقرير خارطة الطاقة المتجددة للإمارات أن طاقة الشمس والرياح قد تكونان الآن من أقل مصادر الطاقة الجديدة كلفة وأكثرها تنافسية في الدولة. وتضمن تقرير الخارطة الذي حمل عنوان «آفاق الطاقة المتجددة: الإمارات» أول مقارنة عامة في الدولة بين تكاليف وإمكانيات مختلف أنواع تكنولوجيا الطاقة.
وقام معهد مصدر بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ووزارة الخارجية بإعداد هذا التقرير بالاستفادة من الخبرات المحلية والجهود الكبيرة التي بذلت في الدولة في دراسة مصادر الطاقة وتقييم كفاءتها. وقام باحثو المعهد بتطبيق نموذج الطاقة الخاص بوكالة «إيرينا» على المستوى المحلي واستخلاص النتائج التي تمكنهم من تحديد عدد من خيارات الطاقة المتجددة المناسبة للمنطقة وتوضيح تكاليف كل منها.
وبحسب التقرير، تشمل الدوافع الرئيسية التي تعزز من الجاذبية المالية للطاقة المتجددة في الدولة، الانخفاض الكبير في تكاليف الطاقة المتجددة، وارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي نتيجة تراجع الإنتاج المحلي الأمر الذي دفع دولة الإمارات للتحول إلى مصادر الطاقة المستوردة ذات التكاليف العالية. وعلى سبيل المثال، انخفضت تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنسبة 80% منذ عام 2008، بينما ارتفعت تكاليف إمدادات الغاز الجديدة في الإمارات من ما دون 2.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية عام 2010 إلى 6-8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية للإنتاج المحلي، و10-18 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية لتلك المستوردة حالياً، حتى بعد الانخفاض الأخير في أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال.
وأظهر التقرير أن طاقة الشمس وطاقة الرياح والطاقة المستخرجة من النفايات تعد أفضل المصادر لتوليد الطاقة عندما تزيد تكلفة الغاز على 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، ما يجعلها قادرة على المنافسة بقوة في الإمارات، حيث يعتمد كامل إمدادات الطاقة تقريباً على الغاز الطبيعي.
وكشف التقرير أيضاً عن أن تكلفة الطاقة الشمسية مؤهلة لمزيد من الانخفاض، ففي يناير الماضي، تمت ترسية مناقصة المرحلة الثانية من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي على أقل العطاءات قيمة والتي بلغت 6 سنتات لكل كيلوواط ساعة ضمن عقد ثابت لمدة 25 عاماً، ما يمثل أدنى سعر للطاقة الشمسية في العالم حتى الآن.
وأكد الدكتور فريد موفنزداه، رئيس معهد مصدر، أن هذا التقرير يتسم بأهمية خاصة لكونه يتضمن معلومات مهمة توفر لصناع القرار والمستثمرين عرضاً موضوعياً للتكاليف، ما يؤكد بأن مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية، سيكون لها دور أكبر بكثير في وقت أقرب مما كنا نتوقع في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط».
ويشير التقرير إلى أن طاقة الشمس وطاقة الرياح لا تزال تواجه تحدي الانقطاعات، ما يستلزم الاستعانة بالغاز الطبيعي لتغطية فترات الانقطاع في الإنتاج. ومع ذلك، فإن الوفورات المحققة جراء توليد الطاقة الشمسية خلال النهار، بدلاً من استهلاك الغاز، تعد كبيرة إلى درجة تبرر رفع إنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية في الإمارات من 40 ميجاواط حالياً إلى 17500 ميجاواط بحلول العام 2030.
يمثل تقرير الطاقة المتجددة في الإمارات واحداً من أول ثلاثة تحليلات في الدولة يتم إعدادها ضمن مشروع لخارطة الطريق حتى 2030، وهي خارطة طريق عالمية صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا». ويعمل التقرير على تقييم مقدرة العالم على تحقيق أهداف مبادرة الأمم المتحدة «الطاقة المستدامة للجميع» بشأن مضاعفة الحصة العالمية لمصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
ويبين المشروع كيف يمكن زيادة حصة الطاقة المتجددة في قطاعات الطاقة والصناعة والمباني والنقل. كما يتطرق إلى الفوائد الصحية والبيئية التي يمكن أن تصل، في حالة الإمارات، إلى تحقيق وفورات سنوية صافية إضافية بمقدار 1 إلى 3.7 مليارات دولار بحلول العام 2030.
شهدت مصادر الطاقة المتجددة تطوراً ملحوظاً من مجرد حل تكنولوجي محدود إلى مكون رئيسي في مزيج الطاقة، حيث أصبحت تسهم بالقسم الأكبر من إمدادات الطاقة العالمية التي تمت إضافتها على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما أن الانخفاض الكبير الذي نشهده حالياً في تكاليف التكنولوجيا يوفر فرصة فعلية لتحقيق مستقبل مستدام للطاقة، حتى بالنسبة إلى الدول المنتجة للنفط والغاز بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
البيان