د.موزة أحمد راشد العبار
إن القيم هي المبادئ والمقاييس التي تعتبر مهمة لنا ولغيرنا، ونطالب بتحقيقها ونؤكد عليها. وتعتبر أيضاً توقعات سلوكية إيجابية، وتفصيلات أقرها جزء كبير من أفراد المجتمع، ومن أمثلة هذه القيم: الصدق، الأمانة، العدالة، العفة، العطاء، واحترام الآخرين.
ونحن نبني قيمنا من خبراتنا وتجاربنا، ومن انتمائنا الذي نعيش فيه، ومن الثقافة التي تسود حياتنا، كما نستمد هذه القيم من: الأسرة، والمدرسة، والأبوين، والأقارب، والأصدقاء، والمعلمين، والمربين، ووسائل الإعلام المختلفة.
وتستقر هذه القيم والمعايير في العقل الباطن. وتعكس القيم أهدافنا واهتماماتنا وحاجاتنا والنظام الاجتماعي والثقافة التي تنشأ فيها، بما تتضمنه من نواح دينية واقتصادية وعلمية.
ويرى علماء النفس، أن «القيم» شيء مهم في حياة أي إنسان، بحكم أنها توجه وترشد السلوك الإنساني، فالقيمة مبدأ مجرد وعام للسلوك، يشعر الإنسان نحوه بالارتباط الانفعالي القوي، كما أنها توفر مستوى للحكم على الأفعال والأهداف الخاصة بالإنسان.
كما يراها علماء النفس التحليلي، مثل: سومورز Sommors وفلوجل Flugel، أنها مرتبطة بالأنا الأعلى Supergo (الضمير). ولذلك، هي تتحكم في تصرفات وسلوك الأفراد والجماعات، نحو الأفعال المقبولة للمجتمع الذي ينتمي له الأفراد، أو عكس ذلك.
ومثال لما سبق ذكره: السيدة المحترمة الإماراتية صاحبة «الفيديو الشهير مع الفنانة»، التي كانت قيمها الأخلاقية الأصيلة هي ما وجّه ردة فعلها تجاه ما رأته من مشهد مخزٍ وفاضح من جانب تلك الفنانة.
السيدة الإماراتية التي أبت قيمها الاجتماعية والأخلاقية الأصيلة، أن ترى بأم عينها سيدة عربية مسلمة تترنح ذهاباً وإياباً في محل ملابس وفي مكان عام وأمام المارة، صغاراً وكباراً، نساء ورجالاً بملابس فاضحة خادشة للحياء..!
كما أنها أبت قيمها النبيلة أن تصورها شبه عارية! بل صورتها مستترة، ولحسن حظ تلك الفنانة، أنها كانت ترتدي فستاناً طويلاً عندما انتشر الفيديو كانتشار النار في الهشيم.. إذاً، ما نستطيع قوله إنه، ومن المؤكد، أن القيم عندما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأنا الأعلى، كما يراها «علماء النفس التحليلي» من أمثال: sommors ،flugel، هي من تتحكم بتصرفاتنا وردود أفعالنا نحو الأفعال غير المقبولة والمألوفة ويرفضها المجتمع رفضاً قاطعاً.
باعتقادي، والكثيرون الكثيرون يتفقون معي، أن الأمر الذي عايشناه مع ردود الأفعال الناجمة عن غضب المجتمع والشارع الإماراتي أو المصري، سواء بسواء، إزاء الحادثة… أن هذه السيدة الإماراتية صاحبة الفيديو «مفخرة» لكل سيدات الوطن العربي المسلمات الحريصات على قيمهن العربية الأصيلة. وهي مثال يحتذى به في كل بيت عربي مسلم محافظ على قيمه وتقاليده الاجتماعية العربية العريقة.
لقد شقت المرأة الإماراتية طريقها نحو النهضة والتقدم، في ظل نهضة الاتحاد وراعية نهضة وتقدم المرأة «أم الإمارات»، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة العليا لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حفظها الله، الحراك النسائي العام،على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ أربعة عقود. فأصبحت «المرأة الإماراتية» شريكاً للرجل، تعمل في كافة التخصصات والمهن التعليمية والاجتماعية والتربوية والإعلامية والطبية والعسكرية.
وأستاذة في الجامعة، وعضواً برلمانياً وسفيرة تمثل بلادها خارج الحدود.
استطاعت «الإماراتية» أن تحصد مؤخراً المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر «احترام المرأة»، وذلك في نتائج تقرير عالمي جديد مختص بقياس التطور الاجتماعي في مختلف دول العالم، يقوده فريق من الخبراء العالميين.
وجاء التقرير بتوصية من مجلس الأجندة الدولي التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، ليقيس مدى التطور الاجتماعي في الدول، كونه مقياساً جديداً مكملاً لتقارير التطور الاقتصادي.
وبهذه المناسبة، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن المرأة في الإمارات كريمة ومحترمة ومقدرة، لأن ديننا هو الإسلام، ومؤسس دولتنا هو زايد، ووراء نهضتنا قيم عربية أصيلة، مشيراً سموه إلى أن الإمارات احترمت المرأة، فأصبحت مساهمتها تفوق الرجل في الكثير من القطاعات، لأن المرأة إذا توافرت لها الظروف والبيئة المناسبة، فإن عطاءها يتجاوز كل التوقعات.
وفي محاضرة بعنوان «بناء الدولة والتمكين الاقتصادي للمرأة»، ألقتها في مجلس الفريق أول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، بقصر البطين في أبوظبي، بحضور سمو الشيخ حامد بن زايد رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، أشادت دينا حبيب باول رئيسة برنامج الشراكة الدولية ورئيسة مؤسسة غولدمان ساكس، بدور دولة الإمارات في تمكين المرأة من تبوؤ مكانتها وتعزيزها، وإتاحة الفرصة لها تعليمياً واجتماعياً، مؤكدة أن ابنة الإمارات «محل اعتزاز وافتخار قادة العالم».
وأضافت أن «الرئيس الأميركي، خلال لقاءاتنا معه، وفي خطاباته دائماً، كان يضرب المثل بابنة الإمارات، ويقول إن نساء الإمارات قويات، ونموذج جيد في مجال المشاركة الفاعلة في سوق العمل، وفي مسيرة التطوير ونهضة وتنمية وتقدم دولة الإمارات».
إن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان دائماً يؤكد أهمية مكانة المرأة، وعمل بكل جد واجتهاد على أن تأخذ مكانتها في المجتمع، إلى أن أصبحت الإماراتية تشارك بفعالية في مسيرة التنمية والبناء، وها هي اليوم محل اعتزاز وافتخار قادة العالم، ويضرب بها المثل. نعم هذه هي الإماراتية، ولا مزايدة على ذلك.
– البيان