بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم، الذي يوافق يوم غدٍ الاثنين، والذي أقرّته منظمة اليونيسكو في مؤتمرها العام في 17 نوفمبر عام 1999، أكد عدد من المسؤولين الثقافيين والمبدعين لـ«البيان» أن الإمارات من أُولَى الدول، التي تعنى بالمبادرات التي تصون «اللغة الأم»، وتحافظ على الهوية العربية وقيمها، وتعمل على ترسيخ أهميتها في أذهان الأجيال القادمة، وتعزز مكانة «لغة الضاد» في المجتمع المحلي والعالمي، عبر إطلاقها مبادرات متنوعة.

وقال الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «إن اليوم العالمي للغة الأم يرتبط بالهوية، لأن اللغة وعاء ثقافي يحفظ ذاكرة الأمة، ويسجل مقومات بقائها. ومن غير اللغة تتمزق الهوية ويتعذر التواصل بين الشعوب، كما أن للهوية سمات تميز كل فرد عن الآخر، وكل أمة عن الأخرى، فإن الاحتفاء باللغة الأم هو احتفاء بتفرد كل أمة وخصوصيتها وتعدديتها، فلكل أمة لغتها الخاصة التي تميزها».

لغة راسخة

وأكد الدكتور علي بن تميم أن اللغة العربية اليوم ليست في مأزق، كما يحب بعضهم أن يقول، فهي لغة راسخة قوية أبعادها مكتملة، يتحدث بها أكثر من 420 مليون نسمة، وإذا ربطناها بالبعد الديني فإن عدد مستخدميها يصل لملياري مستخدم.

وتابع: انطلاقاً من أهمية العربية أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة عدة مبادرات هامة وفعالة، تسهم في تعزيز مكانتها في العالم، ومنها قمة اللغة العربية، التي انعقدت مؤخراً تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في مركز دبي للمعارض في «إكسبو 2020 دبي»، تحت شعار «حوار المجتمعات وتواصل الحضارات»، والتي نظمتها وزارة الثقافة والشباب بالشراكة مع مركز أبوظبي للغة العربية، وحضرها العديد من المسؤولين والوزراء العرب.

جهود النشر

وأضاف بن تميم: عززت القمة جهود نشر اللغة العربية وحضورها عالمياً، بوصفها لغة معرفة وثقافة وإبداع وتسهم في رسم معالم حاضرها ومستقبلها، كما تشكل مرجعية دولية للغة العربية ورسم مستقبل العربية.

وناقشت القمة قضايا اللغة العربية في مجالاتها وموضوعاتها المختلفة من أجل إثراء الحوار وتقديم تجارب مميزة، إلى جانب مناقشة أهم قضايا اللغة العربية ومستقبلها.

وأشار إلى أن مركز أبوظبي للغة العربية يدرك أن المعيار البارز في تقدم الأمم ونهضتها واستمرارية وجودها يتمثل في صونه لغتها وتطويرها. كما يعي المركز المعوقات، التي تواجه اللغة الأم، ولهذا يحتفي بكل الجهود التي تبين واقع الحال، من أجل السير نحو تحول إيجابي فاعل. كما في الجهد الكبير، الذي تقدمه وزارة الثقافة والشباب الإماراتية في التقرير النوعي الخاص بحال اللغة العربية.

وأكد أن العناية باللغة الأم ودراستها من مختلف وجوهها هو حرص على التواصل مع اللغات الأخرى معرفياً وجمالياً واستشهد الدكتور علي بن تميم ببيت شعر الأخطل:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا

تراث عريق

وقال الروائي العراقي شاكر نوري: إن المؤسسات الحكومية والأهلية في الإمارات تعتني باللغة العربية وأصولها وفصاحتها، وما تحمله من تراث عريق، رغم أن بيئة العمل فيها تتطلب وجود لغات أجنبية، لتكتمل عمليات البناء والتنمية.

وأضاف: «لو تتبعنا القوانين والتشريعات التي سنتها الإمارات، نجدها تركز على اللغة العربية وتنميتها وتقويتها، لأنها نابعة من بلد عربي أصيل ترعرت فيه اللغة العربية بكل أصولها النحوية والفقهية، وحافظت عليه الإمارات عبر القرون سواء في مؤسساتها أو مدارسها أو تواصلها في المحافل الدولية».

لغة قوية

وضرب نوري عدة أمثلة عن مبادرات ومشاريع الإمارات في صون اللغة العربية ومنها: مشروع «كلمة»، الذي يتميز بدعمه وعمله على نقل ثقافات العالم للقارئ العربي، من خلال ترجمة العديد من المؤلفات العالمية من مختلف اللغات إلى العربية، تحت مظلة استراتيجية بعيدة النظر، مؤداها أن الثقافات تتّصل وتتنوع وتتكامل، وأن العربية لغة قوية وحاضرة ومؤثرة في تواصلها مع لغات وثقافات العالم، وإنشاء مجمع اللغة العربية بالشارقة، فضلاً عن انتشار المراكز والمؤسسات والمكتبات، التي تشجع على اللغة العربية، وترسيخ مكانتها في أذهان الأجيال المستقبلية.

البيان