الهواتف المحمولة التالفة جزء من النفايات الإلكترونية، وكلما زاد عمر استخدامك لهاتفك بمقدار سنة واحدة، انخفضت انبعاثات CO2. وفي سبيل ذلك، برزت خلال العقد الأخير شركات صغيرة بألمانيا، تنتج هواتف يسهل على المستخدمين تصليحها، واستبدال مكوناتها. فما التأثير البيئي الذي ستحدثه تلك الهواتف الأضعف أداءً لكن الأكثر استدامة؟
بفضل تصميمها المعياري، تسمح الهواتف المسماة «فيرفون» باستبدال مكونات مثل شاشة العرض والبطارية ومنافذ «يو بي اس» والكاميرات بسهولة، فضلاً عن تصليحها وتخصيصها وفقاً لمتطلبات أصحابها.
وقد استقطبت الشركة متطوعين لمساعدة الناس على تصليح تلك الهواتف، ضمن شبكة مشاركة المهارات غير مدفوعة الأجر لمستخدمي «فيرفون»، حيث أوضح أحد المشاركين في هذا البرنامج ويدعى ليسي لـ«هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية»: «يمكن تفكيك «فيرفون 2» في أقل من دقيقتين وكانت هناك نماذج لم تكن هناك حتى حاجة لأي أدوات لإخراج الشاشة من أجل استبدالها بنفسك»، مشيراً إلى أنه يشجع الناس على محاولة تصليح هواتفهم الذكية بأنفسهم، موضحاً أن عمله يتعلق بنقل المعلومات والتخلص من الكوابح النفسية لكي يتجرأ الناس على فتح هواتفهم.
ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، تم إنتاج 53.6 مليون طناً من النفايات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم في عام 2019 بزيادة 21% في غضون خمس سنوات فقط، حيث شكلت الهواتف المحمولة جزءاً كبيراً من تلك النفايات. علاوة على ذلك، تم إعادة تدوير 17% فقط من النفايات الإلكترونية.
وتقول شركة فيرفون التي بدأت عملها في عام 2013: إنه من خلال تسهيل إصلاح الهواتف يمكن أن يكون لها عمر أطول وإمكانية توليد نفايات أقل، وبالتالي يكون لها تأثير إيجابي على البيئة.
وكانت قد بدأت الشركة عملها في عام 2013 بناء على مبادئ صنع منتجات قابلة لإعادة التدوير وطويلة الأمد وقابلة للتصليح، ويتراوح زبائنها من المبرمجين إلى المستهلكين، الذين يبحثون عن منتج أكثر استدامة.
وعن دور الشركة، يفيد المؤسس المشارك لشركة «فيرفون»، ميكيل باليستر، لـ«بي بي سي»: نحن نعلم أنه من خلال زيادة عمر الهاتف لمدة عامين على الأقل سنحصل على انخفاض بنسبة 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وحتى الآن باعت الشركة الهولندية حوالي 400000 جهاز، ما يعني أنها لاعب صغير جداً في سوق الهواتف الذكية.
ومع ذلك، فقد أحدثت «فيرفون» موجات داخل الصناعة لا سيما في ألمانيا، حيث حصلت على قدر كبير من الدعم، وقد منحت ألمانيا الشركة العديد من الشهادات والجوائز وأبرزها في عام 2016 جائزة البيئة الألمانية، ويعتقد باليستر أن هذه الإشادة الحكومية من الأسباب التي جعلت فيرفون تكتسب هذا العدد الكبير من المتابعين في ألمانيا مقارنة بالأسواق الأوروبية الأخرى، عدا عن أن الألمان ميالون لأن يكونوا أقل ارتباطاً بمكانة العلامات التجارية الكبرى.
بدوره، يقول انجو ستراوش، في هامبورغ، وهو أحد المتطوعين لمساعدة زملائه المستخدمين: إن العديد من الأشخاص يشيرون إلى خصوصية البيانات وسهولة استخدام الهاتف على فوائده البيئية. هذا في حين يعزو غيره شعبية الشركة في ألمانيا إلى القوة الشرائية للفرد في تلك البلاد الغنية، لكن شركة فيرفون تشير إلى أن أولويتها ليست النمو فقط، بل أنها ترغب في تغيير الطريقة التي تعمل بها الصناعة.
وفي سياق ذلك، يؤكد باليستر: لا نريد بالضرورة أن نصبح الأكبر في الصناعة، لكننا نريد أن نصبح الأكثر نفوذاً، مع التأكد من أن الشركات المصنعة الأخرى تعكس بعض المبادرات التي لدينا.
وعن الاتجاه المستقبلي، تفيد سغريد كاننغيسر المتخصصة في الممارسات الإعلامية والاستدامة في جامعة بريمن أن هناك بعض الأدلة على حدوث تحول في التفضيل في المجتمع الأوسع نطاقاً. وتشير إلى نمو مقاهي الإصلاح في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وكذلك إلى الإعلان الأخير الصادر عن المفوضية الأوروبية بشأن الحق في التصليح، مضيفة: المستهلكون والسياسيون وكذلك بعض الفاعلين في الاقتصاد يفهمون أن مجتمعاتنا وطريقة عيش الكثير من الناس يجب أن يصبحا أكثر استدامة.
ولقد لاحظ اللاعبون الكبار في الصناعة ذلك أيضاً. فأطلقت شركة «أبل» العملاقة العام الماضي مبادرة «تصليح الخدمة الذاتية»، مما يتيح للزبائن الوصول إلى قطع الغيار وأدوات «أبل». كما تقول الشركة: إن تصليح الخدمة الذاتية مخصصة للفنيين الأفراد الذين لديهم المعرفة والخبرة لتصليح الأجهزة الإلكترونية.
فكيف يختلف أحدث طراز من الهاتف «فيرفون 4» عن الهواتف المحمولة الأخرى؟
يعتبر كريس هول من موقع «بوكيت-لينت»: «إن فيرفون جهاز قوي متوسط المدى، ولكن نقطة البيع الفريدة هي الاستدامة بدلاً من الأداء المتميز في أي مجال آخر، والأمر المثير للإعجاب أنه يوفر بعض المقاومة للماء، لكنه ليس محمياً بنفس القدر مثل الهواتف الرئيسية، وهذا جانب سلبي بسيط بالنظر إلى أن هذا الجهاز متوسط المدى»، لكنه يشير إلى أن الهاتف «على هذا النحو في حين أنه يقدم أداء معقولاً فإنه لن يكون أبداً مركز قوة عندما يتعلق الأمر بالأداء المطلق».
يذكر أن شركة فيرفون ليست الشركة المصنعة الوحيدة للهواتف، التي تركز على الاستدامة، فقد قامت شركة «شيفت فونز» المملوكة عائلياً، والتي تتخذ من ألمانيا مقراً لها بتطوير هاتف ذكي معياري مستدام، وفي السنوات الست الماضية، تضاعفت مبيعات الشركة التي تأسست عام 2014 كل عام، لكنها تبقى شركة صغيرة، حيث باعت 70 ألف جهاز.
ويعتقد مؤسس «شيفت فونز» ورئيسها التنفيذي، صامويل والديك، أن التعاون بين الشركتين من شأنه تحسين قدرتهما على التأثير في منافسيهما الأكبر والبعث بإشارة لبقية السوق، مضيفاً: «الصناعة بأكملها تعمل ضدك، فإذا وحدّت قواك فسيكون لديك المزيد من الوحدات، وهذا من شأنه أن يغير الوضع كثيراً».
البيان