نورة السويدي
لم يخب ظن القيادة الرشيدة والمجتمع الواعي في ابنة الإمارات حين رشحها للانخراط في صميم العمل المجتمعي في شتى المجالات وأتاح لها الفرص لتثبت شخصيتها أولاً، ثم لتعبر عن مدى إيمانها بضرورة خدمة الوطن ورد الجميل وتقديم الولاء له عطاءً وتميزاً وإنجازاً بل وتضحية إذا تطلب الأمر ذلك، ومن هنا فمنذ ربع قرن تنبهت المرأة الإماراتية لمجال اجتماعي يغلب فيه الرجال، حيث دخلت المجال العسكري من خلال مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية لتقول للمجتمع نحن مع إخوتنا الرجال شركاء في التنمية والتضحية، وشركاء في العمل للوطن والذود عن حياضه.
نفخر نحن فتيات الإمارات بأننا كنا على قدر المسؤولية الاجتماعية والتي يشيد بها العالم أجمع من حيث سرعة تجاوب ابنة الإمارات مع متطلبات الحضارة والنهضة والتنمية، وتشهد على ذلك أعداد الخريجات الجامعيات حملة الشهادات العليا، والأعداد الكبيرة من سيدات الأعمال والعاملات في الحقل الدبلوماسي والمجتمعي بشتى أبوابه، والحضور العسكري والتسابق لخدمة الوطن وهو ما برهنت عليه المرأة الإماراتية حين سارعت إلى التسجيل في ميدان الخدمة العسكرية مع أن القانون لم يلزمهن بالدخول فيه إلا تطوعاً.
نعم؛ لم يخب ظن قيادتنا الرشيدة بنا، وهو وسام نفتخر به، وإشادة أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة حين قالت: «إننا نشعر بالفخر والاعتزاز بأن المرأة الإماراتية كانت بفضل دعم القيادة الرشيدة الحكيمة، في مختلف مراحل مسيرة تقدمها، سباقة في نكران الذات والولاء للوطن بالانخراط في القوات المسلحة، والاستعداد للتضحية والفداء مما جعل منها نموذجاً ريادياً في المنطقة في استحقاق هذا الشرف».. هذه الإشادة ستبقى نبراساً نستضيء به في ميدان العمل الاجتماعي متسلحات بالثقة بالنفس والقدرة على العطاء وخدمة الوطن في أي مجال يطلب حضور ابنة الإمارات فيه.
لم تغفل أم الإمارات عن هذا الإنجاز النسوي الإماراتي فقد باركت مشكورة هذا العطاء وقررت تخصيص «يوم المرأة الإماراتية»، للاحتفاء بالمرأة الإماراتية المنضوية في صفوف القوات المسلحة تقديراً وتثميناً لدورها البطولي وتضحياتها.
لفتة كريمة من سموها وهي صاحبة الفضل في بناء فكر المرأة الإماراتية الناضج ولا ننسى ولن ننسى أنها وضعت الركائز الأولى لنهضة المرأة الإماراتية، حيث سهلت السبيل لخروجها من ظلمة الأمية إلى ميدان التعليم والسير في نهجه وتشجيعها على تحصيل الدرجات العليا فيه لأنها تعلم أن العلم مفتاح النهضة والوعي بالحقوق والواجبات، وبالعلم تدرك المرأة معنى الولاء للوطن وقيمة العيش في ظلاله، ولذلك كانت سموها مدرسة تربوية في هذا الشأن، والراعي الحقيقي لحضور ابنة الإمارات محلياً وعربياً وعالمياً.
لقد حطمت المرأة الإماراتية كل الرهانات الخاسرة التي أحاطت بدايات فكرة دخولها للعمل الاجتماعي، ولا شك أن هناك في كل مجتمع من يراهنون على الفشل لأي مشروع نهضوي، وليتهم إن لم يساندوه اكتفوا بالصمت حياله، ولكن المرأة الإماراتية ورغم هذه الضغوطات الاجتماعية الصعبة في مجتمع البداوة لمن يعرف ذلك إلا أنها كانت على قدر ثقة القيادة فيها، وأثبتت صدق رهانها على ذاتها، فقدمت نموذجاً ناصعاً للمرأة القادرة على سلوك طريق النهضة والعلم والحضارة وخدمة المجتمع دون أن تتنازل عن ثوابتها ومبادئها الأصيلة، ونجحت في إتمام معادلة التناغم المبدع بين الأصالة والمعاصرة في فترة وجيزة وحجزت مكانها المجتمعي الذي لا يمكن أن يشغله غيرها، وهي اليوم مع ذلك جندي من جنود الوطن، وبعد أن أثبتت ذاتها أمام المجتمع ها هي اليوم تنكر ذاتها أمام ولائها للوطن كما وصفتها بذلك سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، لتبقى أمينة على حضورها الإنساني تؤدي شيئاً ولو قليلاً من رد جميل الوطن العزيز، مع يقيننا أنه مهما قدمت ابنة الإمارات للوطن فلن تكافئه العطاء.
– البيان