علي أبو الريش
قبل شهر على حلول شهر رمضان أو أكثر، واللاهثون ينصبون مضاربهم في المولات والمحلات التجارية. بحثاً وجمعاً لزاد الشهر الكريم، أكوام من المواد الاستهلاكية، تنفث أنفاسها بقوة، من حقائب السيارات الخاصة وسيارات النقل، لأن الناس قبل هذا الشهر يعيشون حالة الهلع المريع، ومن يرى المشهد يظن أننا أعلنا حالة الطوارئ العامة، وخوف الناس من نفاد الأكل والشرب يجعلهم يفعلون هذا، ويمارسون حركة النمل في جلب الطعام إلى الجحور.
بعد أيام سنسمع عن أصوات تعلو نبرتها، وتطالب بتخفيف الأسعار، وسنسمع الاحتجاج والارتجاج يأتي من كل حدب، ولا يعلم المستهلك «الكريم» أن سلوكه الاستهلاكي الغريب والعجيب، هو الذي يفتح شهية الذين يرفعون الميزان ولا يزنون بالقسطاس، لا يعلم هذا الهلع، أن ركضه ولهاثه سبب أساسي في هذا الخلل التجاري، وأن الهلع يسبب الجشع، وأن الفزع بعد ذلك لا يمنع من وجود البقع السوداء في العلاقة ما بين البائع والمستهلك.. لا يعلم هؤلاء أننا والحمد لله في بلد خير وكل ما يريده الإنسان متاح في أي وقت وفي أي مكان وما جزعه هذا إلا نتيجة لأوهام تاريخية وثقافية جعلت من الشهر الكريم، حالة استنفار للبعض، ولوعة لا مبرر لها.. لا يعلم هذا المستهلك أن ما يقوم به من سلوك إنما يتنافى مع الدين ومع قيم شهر الخيرات ويخالف العادات والتقاليد.. فالإمارات، فاض خيرها، ووصل إلى أصقاع العالم شرقاً وغرباً وعمّت فضائلها على القريب والغريب من دون حدود أو سدود.
الإمارات، تفترش الخير سجادة من مخمل، لينعم الفقير قبل الغني، فلماذا كل هذا الهبوط الاضطراري على أماكن البيع والشراء، لماذا كل هذا التدافع الهستيري، على المحلات التجارية التي باتت تمثل حشراً ونشراً، مهيباً وغريباً، وعجيباً، ومريباً، ويصيب الرأس بالدوار، حتى نشاهد مثل هذا الطوفان البشري المخيف.. فحلول الشهر الكريم، لم يأت بصورة مباغتة، حتى يصير كل هذا الاندفاع، وإنما مواقيت الشهر معروفة سنوياً، لذا من الأوفر للناس جميعاً أن يتريثوا وأن يتسامحوا مع جيوبهم، وأن يرفقوا بأنفسهم، والخير فضيل، وكل ما يتمناه الإنسان في بلادنا متوفر وبين الأيادي.. الله يهديكم بس..
– الاتحاد