لأكثر من عامين، كان فيروس كورونا الموضوع الأكثر تداولاً، ومع إسقاط إجراءات الإغلاق أصبح البحث عن تذكرة طيران أمراً بالغ الصعوبة، ليظهر مصطلح جديد يعرف بـ«السفر الانتقامي».

فعلى الرغم من ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، يختار محبو السفر تحمل التكاليف المرتفعة بعد توقف دام فترة طويلة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة دلتا إيرلاينز، إد باستيان، في مؤتمر لصناعة الطيران الأسبوع الماضي، إن الطلب فاق التوقعات، مشيراً إلى أن الأسعار هذا الصيف قد تكون أعلى بنسبة 30 في المئة عن مستوياتها قبل الوباء.

وأضاف أن الطلب لم يفرق بين فئات المسافرين أو أهدافهم، إذ شهدت الصناعة طلباً مرتفعاً سواء للأعمال أو السفر الدولي، وغيرها.

الحركة العالمية
وأوضح تقرير لوكالة بلومبرغ، أن ارتفاع أسعار تذاكر السفر يختلف حسب المنطقة، إذ تضاعف سعر تذكرة الطيران من هونغ كونغ إلى لندن بنحو 5 مرات عن مستويات ما قبل الوباء، وبلغ سعر التذكرة 5360 دولاراً، في حين بلغ سعر تذكرة الطيران بين نيويورك ولندن 2000 دولار.

كما شهدت الأسعار جنوناً، خصوصاً للمسافرين من سنغافورة إلى برلين، إذ بلغ سعر تذكرة العودة إلى العاصمة الألمانية أكثر من 3600 دولار.

ووجدت دراسة أجراها معهد ماستركارد للاقتصاد أن تكلفة الطيران من سنغافورة كانت في المتوسط أعلى بنسبة 27 في المئة في أبريل مقارنة بعام 2019، بينما كانت الرحلات الجوية من أستراليا أعلى بنسبة 20 في المئة.

وتشير الدراسات إلى أسباب عدة لارتفاع الأسعار، ولا تخضع جميعها لسيطرة شركات الطيران.

فعلى الرغم من تخفيف معظم الدول لقيود السفر الدولي، فإن شركات الطيران مازالت تحذر من إعادة جميع طائراتها المتوقفة عن العمل.

وهو ما ينطبق بشكل خاص على الطائرات العملاقة مثل طائرات A380 العملاقة من شركة إيرباص وطائرات بوينغ 747-8 الأقدم، حيث تتجه شركات الطيران إلى طرز أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مثل A350s و787 دريملاينر.

كما قلصت شركات الطيران عدد خطوطها الجوية خلال وباء كورونا، وهو ما يدفع المسافرين لحجز رحلات طيران تتضمن أكثر من رحلة ترانزيت للوصول إلى وجهاتهم البعيدة، بينما كان من الممكن قبل ذلك السفر مباشرة.

ومع وجود عدد أقل من الطائرات في السماء، هناك عدد أقل من المقاعد لتلبية الانتعاش في الطلب، والذي بدوره أدى إلى ارتفاع الأسعار.

ارتفاع أسعار الوقود
على الجانب الآخر، أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى تفاقم الارتفاع المضطرد في أسعار النفط الخام خلال الأشهر الـ18 الماضية.

ويمثل وقود الطائرات الآن ما يصل إلى 38 في المئة من متوسط تكاليف شركة الطيران، ارتفاعاً من 27 في المئة في السنوات التي سبقت عام 2019.

وبالنسبة لبعض شركات الطيران المنخفضة التكلفة، يمكن أن تصل إلى 50 في المئة.

وقال محللون في شركة سيتي غروب في مارس إن بعض المستثمرين يعتقدون أن شركات الطيران قد تسعى إلى زيادة رسوم الوقود كوسيلة للتكيف.

وقال المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي، ويلي والش، الشهر الماضي، إن بعض المسافرين يستغلون ميزانيات العطلات المؤجلة ويقومون بالترقية إلى مقصورات طائرات أكثر تكلفة للرحلات الترفيهية.

نقص الموظفين
كما فقد مئات الآلاف من الطيارين، والمضيفات، والعاملين على الأرض وغيرهم من عمال الطيران وظائفهم خلال العامين الماضيين. مع انتعاش السفر، تجد الصناعة نفسها الآن غير قادرة على التوظيف بالسرعة الكافية للسماح بعمليات سلسة عند مستويات ما قبل الوباء.

ويتطلع مطار شانغي في سنغافورة – الذي يتم التصويت عليه بانتظام كأفضل مطار في العالم – لتوظيف أكثر من 6600 شخص. وجد العديد من العمال الذين تم التخلي عنهم وظائف أخرى أقل تقلباً، وليسوا على استعداد للعودة إلى صناعة دورية.

وللتدليل على ذلك، عرض المطار مكافأة انضمام قدرها 25000 دولار سنغافوري لضباط الشرطة المساعدين، وهي وظيفة تدفع بحد أقصى 3700 دولار سنغافوري شهرياً.

وفي الولايات المتحدة، لا تستطيع شركات الطيران الإقليمية الأصغر الطيران بكامل طاقتها لأن شركات الطيران الأكبر استأجرت عدداً كبيراً جداً من الطيارين. تم إلغاء المئات من الرحلات الجوية في المملكة المتحدة، مما أدى إلى إلغاء خطط العطلات وأدى إلى تأخيرات طويلة ومشاهد للركاب الذين ينامون في المطارات. في أوروبا، واجهت المطارات الرئيسية تأخيرات وإلغاءات بعد فشلها في تعيين عدد كافٍ من الموظفين. وقد عطل ذلك جداول شركات الطيران وزاد من التكاليف.

إصلاح الميزانيات
الطيران صناعة كثيفة رأس المال ذات هوامش ضئيلة تاريخياً، وجعل «كوفيد» مناخ التشغيل هذا أكثر صعوبة، فقد خسرت شركات الطيران على مستوى العالم أكثر من 200 مليار دولار في السنوات الثلاث حتى عام 2022.

وتوفر الأسعار المرتفعة لشركات النقل مساراً للتعافي من الخسائر والعودة إلى وضع التعادل.

البيان