على الرغم من أن مدينة البوكمال الحدودية بين سوريا والعراق تقع على ضفاف نهر الفرات، إلا أن المفارقة أن هذه المدينة وأريافها الواسعة تعاني من قلة المياه وغياب مؤسسات المياه، هذه المدينة التي كانت على مدى عقود من المدن الغنية بالمياه والزراعة والتجارة أيضاً، أصبحت من أكثر المدن تضرراً وحاجة إلى الرعاية والاهتمام.

غابت الرعاية عن هذه المدينة نتيجة ظروف الحرب، وانتهت معظم المرافق الصحية والحكومية وظهرت الأوبئة بالتزامن مع الاحتياجات المائية على المستوى الزراعي وعلى المستوى الإنساني، إلا أن المظاهر بدأت تطفو على السحط بشكل واضح في الآونة الأخيرة.

ويقول سكان محليون، إن الأوبئة بدأت تنتشر بشكل واضح في القرى والمدن بسبب التلوث الحاصل في المياه خصوصاً في فصل الصيف، بسبب الاعتماد على طرق تقليدية بدائية في تجميد المياه في ظل غياب الكهرباء عن مناطق واسعة في هذه المناطق.

التلوث في المياه جلب المزيد من الأوبئة، الأمر الذي دفع العديد من الأطباء للبحث والتقصي، وكانت النتيجة أن السبب هو تلوث المياه بسبب تراجع منسوب مياه نهر الفرات، بالإضافة إلى غياب الجانب الرقابي.

سيطرة ميليشياوية

معاناة أهالي البوكمال في المدينة والأرياف (حوالي 20 ألف نسمة)، سببها عدم القدرة على ضخ المياه من مصفاة المدينة، بالإضافة إلى سيطرة قوات ذات طابع ميليشياوي على المرافق العامة للمنطقة من دون خبرة أو أدنى حد من المعرفة، حيث تقوم مكاتب خاصة ميليشياوية بإدارة شؤون المنطقة في حين يعاني أهالي المنطقة.

ويقول أحد سكان مدينة البوكمال، وقد تحفظ على ذكر اسمه، إن الوضع الإنساني بالغ الصعوبة، حيث تفتقر المنطقة لكل أنواع الرعاية بسبب توغل الميليشيات، وقد تفاقم العطش بسبب تراجع مياه نهر الفرات، وغياب الكوادر الطبية، ما سبب العديد من الأمراض المعدية بين الأهالي.

بينما يقول حامد العويس (أبو إبراهيم)، أحد الناشطين الذين يعيشون خارج البوكمال، إن المدينة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فضلاً عن غياب المياه والخدمات الصحية، إلا أن المشكلة الأكبر غياب فرص العمل، وتوفر الدخل للأهالي الذين فقدوا العمل بالزراعة منذ سنين.

ويتابع، إن مدينة البوكمال على ضفاف النهر إلا أنها تعاني من العطش والجوع والأمراض الجرثومية وهي في مرحلة خطيرة بعيدة عن أي نوع من الاهتمام.

وتمتد مأساة العطش على طول 40 كيلومتراً على طرفي النهر، بينما تكاد الحالة الزراعية أن تختفي من هذه المناطق في الوقت الذي أحوج ما يكونون إلى الزراعة والماء، بينما أدت هذه الحالة إلى هجرة آلاف الشباب من هذه المناطق وتحولت إلى تصحر إنساني.

البيان