أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية مشددا على أن الهوية الثقافية هي آخر حصن يحمي الإنسان من فوضى جامحة ليس لها حدود .

جاء ذلك خلال افتتاح سموه أعمال الدورة الثانية من “منتدى الاتصال الحكومي” الذي ينظمه مركز الشارقة الاعلامي بحضور كل من دولة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي وسمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة وكوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة وعمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدولة العربية وأندرو يونغ السفير الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة.

وقال صاحب السمو حاكم الشارقة ” إن الخصوصيات الثقافية لا يمكن أن تضمحل إلى الأبد فهي تلجأ إلى العيش في سبات شتوي كالنبات في أعماق اللاوعي وتنتظر أن يسمح لها المحيط بالانبعاث من جديد فلا يمكن دفن قيمة ثقافية إلى مالا نهاية “.

وأضاف “ينبغي في مواجهة هذا الزحف الفوضوي والذي لأن انتصر ستكون آثاره الهدامة أخطر وأدهى من آثار الموجة الاستعمارية في الماضي فالهوية الثقافية هي الدرع الواقي والحصن المنيع وضمان البقاء الوحيد”.

وأعرب صاحب السمو حاكم الشارقة عن سعادته بوجود كوكبة من أصحاب القرار والذين اتخذوا ضمائرهم مطية لقراراتهم ” كنا نراقبهم ونستمع إلى كلماتهم فكانت رقابنا تشرأب فخراً لتلك المواقف ولا أريد أن أعدد تلك المواقف فأنتم أدرى بهم في خلال السنوات السابقة “.

وقال صاحب السمو حاكم الشارقة إن الشارقة علمت التواصل الثقافي منذ أمد بعيد وأن أول لقاء في نهاية 1976 عندما عقدت الندوة الأفريقية العربية وقد اتخذت تلك الندوة قرارات منها التواصل الثقافي بين الدول الإفريقية والدول العربية .

وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة ” وقد تقرر إنشاء مركز ثقافي للتواصل وتشرفت بأن أكون أنا الرئيس الفخري لذلك المركز وخلال سنتين من البحث والتواصل مع المؤسسات الإفريقية في كل البلدان الأفريقية لإيجاد وسيلة من التواصل الثقافي خرجت بنتيجة أن الدول الأفريقية تعتمد في ثقافتها على قواعد السلوك الذي يميز المجموعات من غيرها في تلك الاتصالات والمعاهدات وذلك ما يسمى عند العلماء الانثوجرافي فلما تعمقت في تلك الاتصالات وجدت التأثير كبير من الدول الغربية أكثر منها على تلك الدول الإفريقية حيث كان الاستعمار الغربي قد ضرب أذنابه في تلك البلدان فكان علي أن أبحث التواصل مع الغرب بما يساعدني على التواصل مع الدول الإفريقية “.

وقال سموه ” ومن خلال دراسة الثقافة الأوروبية أو الغربية وجدت أن هناك أسلوباً آخر للثقافة يعتمد في ذاته على الإبداعات والتراث والمكاسب الثقافية والكتب والموسيقى والمسرح والأفلام إذن لم يكن لدي هنا في الشارقة أي وسيلة للتواصل ما لم أوجد تلك العناصر من الثقافة في بلدي وفعلاً في أبريل 1979 كان هناك لقاء بقاعة أفريقيا مع مجموعة من الشباب وكان الإعلان الذي أعلنته في ذلك اللقاء فقلت إنه قد آن الأوان لوقف ثورة الكونكريت في الدولة ليحل محلها ثورة الثقافة وقلت للشباب أن لدي خطة سأفاجىء بها الجميع وهي مشروع الشارقة الثقافي الذي بدأ في ذلك الوقت .. وبدأ التواصل مع الغرب وكنت واضعا أمام عيني مقولة غاندي” أنا لا أرغب بأن أسد كل نوافذ منزلي وأحيطه بأسوار من جميع الجهات بل أرغب أن تهب ثقافات البلاد كلها على منزي بأقصى قدر من الحرية ..لكنني أرفض أن تفقدني أي منها توازني وكنا كذلك لم نأخذ كل ما يأتي من الغرب وإنما كنا نضيف الإضافات التي نحتاج إليها وبذلك التواصل والتطور الثقافي بالشارقة كانت منظمة اليونيسكو على تواصل معنا تراقب حركتنا في كل تلك السنوات وقررت أن تكون الشارقة العاصمة الثقافية للعالم العربي في سنة 1997 للسنة الثالة من بعد مصر وتونس وكنا سعداء وشركاء مع اليونيسكو نتواصل ونظن أننا قد حققنا جزءا من ذلك التواصل مع العالم العربي” .

وأضاف سموه ” لكن في تلك الفترة وإذا بنا نستقبل ضربات موجعة الضربة الأولى كانت في معتقدي 11 سبتمبر وصراع الحضارات الإرهاب وتخطي اسوار الأمم المتحدة والإرادة الدولية بالافتراء والقتل والاحتلال..وكانت الشارقة قد اشتركت في متحف مترو بوليتان في نفس المكان الذي به الحدث وفي نفس الزمان الذي فيه الحدث وكانت الشارقة متواجدة بكل ثقلها لنثبت أننا لنم نتوارى بل بالعكس نكون متواجدين وكان خطيب ذلك الافتتاح يشيد بالشارقة في كلمة الافتتاح ..ولن تستمر تلك الضربة فقد خارت قوى من يقوم بالضرب واستمر التواصل مع المدن الغربية وكنا نقيم المهرجانات في كل بلد أوروبي ونعرض تراثنا ونعرض ما لدينا وكانت هناك رقصات وإنني كنت أشاهد وإنني كنت أحرص على أن أشارك أنا معهم وكان الأهالي من تلك البلدان تلبس مثل لباسنا والنساء يلبسن لباس نسائنا ويرقصون معنا بكل محبة وإخاء كان هذا نهجاً من أعظم النهج التي حققناها في ما يسمى بالتواصل.. لكن ونحن في تلك الفترة ونفخر بتلك الثقافة التي استطاعت أن توصلنا إلى اسماع الغرب وإلى مدنهم وإذا بالضربة الثانية وكانت في ثقافتي العولمة إلغاء الثقافة تخطي أسوار اليونيسكو وكنا في حيرة من أمرنا ولم يكن إلغاء تلك الثقافة قائماً على قرارات فارغة وإنما ربطت بالتبادل التجاري والتهديد تلغي ثقافتك أو تموت جوعاً معنى ذلك تحطم الأدوات التي كنت استعملها للتواصل الثقافي ولكن بريق أمل قد لاح من فرنسا وكان خطاب الاستثناء الثقافي وكانت الضربة التي جعلت العولمة تترنح وتبعدها دول أخرى فتنفسنا الصعداء وأتت بعد ذلك منظمة اليونيسكو لتأخذ مكانها ومسؤولياتها وكنا شركاء معها في مد الثقافة بالمحبة والآخاء..ووصلنا للثقافة إلى مرحلة سميتها العصر الجميل حيث كان لدينا من المرافد الفنية بكل أنواعها ومهرجانات المسارح والمكتبات ومعارض الكتب والمدارس من الابتدائي إلى الثانوي.. وكنا سعيدي الحظ وكان لقائي مع مجموعة الأدباء وكنت ألقي كلمة فيهم وذكرت لهم مسؤوليتهم تجاه أوطانهم وتجاه بلدهم ووصفت ذلك بالكاتب الملتزم أو الأديب الملتزم الذي يأخذ قضايا أمته وشعبه ..وأنا اتحدث على المنصة كانت أغاني تلوح صوراً كنت قرأتها صوراً للعصر الثقافي في فرنسا من بعد 1914 ولاحت أمامي صورة ” تريفورز ” ذلك اليهودي الذي زج بالسجن ظلماً من قبل استرازيه ذلك الضابط الذي افترى عليه بأنه جاسوس لألمانيا وقامت قيامة الأدباء والمثقفين وهي الصورة التي كنت أتمناها في بلدي في أي مكان في بلدي وإذا تلك المجموعة من المثقفين يتقدمهم ايميرزولا في مقالته الشهيرة إنني اتفق في تلك الصورة كنت أنظر إلى المستقبل ..

وقال سموه ” لكن أتت الضربة الثالثة وكانت في كياني الفوضى الخلاقة وتركت الجميع يترنح وأصبحنا نحن في العالم العربي ننظر إلى مواقع مثل مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا وإذا نحن نشاهد حلبات الديكة وهي تتصارع والآخرون يتفرجون حول كل حلبة من تلك الحلبات لولا لطف الله بنا لكانت تلك الحلبات أي حلبات صراع الديكة موجودة في كل حارة وفي كل بيت”.

وأضاف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ” من خلال مؤتمركم هذا ابعث لمثقفي العالم العربي زملائي في المهمة الذين يتساءلون وهم في حيرة من أمرهم : ابعث لهم بهذه الرسالة : عندما يشعر شخص أنه مهدد فهو يميل إلى اللجوء إلى منطقة يتعذر على الغازي الوصول إليها والثقافة هي أحسن ملجأ يمكن اللجوء إليها لأنها العنصر الأكثر خصوصية والأكثر التحاما بالإنسان”.

وقد ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كلمة خلال الافتتاح قال فيها ” أثر الاتصال على العالم في كثير من الخصوصيات وأصبح له تأثير مباشر على كل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلى جانب تأثيره على السياسات والحكومات”.

وأوضح أن السياسيين الذين يستطيعون استغلال الاتصال بشكل صحيح يستطيعون الحصول على أصوات الناخبين.. مشددا على أهمية تطوير أساليب تواصل الحكومات مع المواطنين خاصة في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها العالم والمنطقة على وجه الخصوص حيث قال ” إن تركيا تتكون من 81 مدينة وأن المسافة بين أقصى مدينتين تزيد على 2500 كيلو متر ووفقاً لمسؤلياتي ومنصبي أزور هذه المدن عدة مرات وقد زرت 70 مدينة خلال 45 يوماً خلال الحملة الانتخابية وفي كل منها ألتقي مع جموع من الشعب ورغم استخدامنا لوسائل الاتصال المتنوعة والحديثة إلا أن القول أو اللسان يظل هو الوسيلة الأولى في الاتصال” .

وأكد أردوغان أنه بصفته رئيساً لحزب ورئيساً للوزراء في تركيا إلا أنه لا يؤمن إطلاقاً بأن يتم التواصل عبر وسائل الاتصال فحسب فوسائل الاتصال وحدها لا تكفي لتحقيق الاتصال المتكامل كما أنه يجب أن يكون هناك نصيب من القلب والفؤاد في عملية الاتصال.

وأضاف أردوغان “كل اتصال يظل منقوصاً إذا غاب التواصل بالقلب فالقول لا ينبغي أن ينتقل من أذن إلى أذن ولكن من قلب إلى قلب ليكون أكثر تأثيراً حيث إن نجاح حكومتنا يعود إلى التركيز على عنصر القلب والفؤاد في التواصل مع الشعب كما أننا في حديثنا مع الدول المجاورة والأصدقاء في كل مكان حاولنا دائماً أن نعبر بقلوبنا مع استخدام الصدق والشفافية والإفصاح بالحق وذلك اتساقا مع قول الله تعالى “ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون”.

وشدد على أن ” قول الحق ورفع الصوت ضد الظلم يعد مسؤولية على الجميع ولذلك فإن تركيا ترفع صوتها أمام المشاكل العالمية وهو ما قد يزعج البعض ولكننا لم نستطع السكون أمام سقوط الأطفال والأبرياء في فلسطين وسوريا ولن نكون ساكتين أمام الذين يرتكبون جرائم ضد شعوبهم أو ما يفعله الديكتاتور السوري في شعبه وكذلك أمام ما يحدث في الصومال وماينمار وأفغانستان” .. مؤكداً أن عيوناً لا ترى ما يحدث في فلسطين وغزة والقدس هي عيون عمياء وإن ألسنة لا تتحدث عن المجازر والدماء في سوريا هي ألسنة بكماء وخرساء.

واختتم أردوغان كلمته بالقول ” إن كل اتصال يعتمد على التفريق اللغوي أو الديني أو العرقي أو المذهبي هو اتصال ناقص وإذا لم يكن هناك صدق في وسائل التواصل وإذا لم تنقل إلينا هذه الوسائل المحبة والصدق فإنها لن تقوم بدورها الحقيقي وتظل لعبة فقط ” .. مشددا كذلك على أنه “يجب ألا تتحكم الوسائل في ضمائرنا ويجب أن نزيد العنصر البشري في هذه الوسائل وأن نحرر الإنسان من عبودية الوسائل لخدمة الإنسان”.

وطالب أردوغان بأن يكون منتدى الاتصال الحكومي في الشارقة وسيلة للتواصل بمعانيه العميقة ومساهمة من القلب والفؤاد وأن يكون التواصل والاتصال وسيلة للتقريب بين الشعوب وبعضها وبين والحكومات متقدماً بالتهنئة والشكر لصاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي على إيجاد مثل هذا المنتدى.

من جانبه استعرض كوفي أنان خلال كلمته التجربة التي خاضها كأمين عام في أروقة الأمم المتحدة وذكر أن العالم يمر بمرحلة تغيير جذري وهناك العديد من المستجدات الكبيرة في العالم ولكن ما يثير القلق هو حجم التعقيدات في هذه المستجدات.

وأوضح “أن القادة السياسيين لم يفلحوا في فهم تحرك الشعوب وتبنوا وجهات نظر قصيرة المدى مما أدى إلى استفحال المشاكل وشعور المواطنين بأنهم مغيبون عن اتخاذ القرار في السنوات الأخيرة مما أدى إلى الرغبة في تغيير جذري وحركات شعبية أثيرت حول العالم للمجيء بحكومات أكثر فاعلية.

وشارك أنان الحضور خلاصة رؤيته لتطورات الأوضاع على الصعيدين الإقليمي والعالمي بالقول ” ما يحدث في العالم هو مؤشر على أهمية التواصل الفعال والحصول على ثقة المواطنين خاصة أن المواطنين الذين يؤمنون بأن الذين يمثلونهم يحملون نفس الرؤية بشأن المستقبل وسيكون هناك بينهم نوع من الثقة العميقة لإيمانهم بأن قادتهم يلتزمون ببناء مجتمع صحي يرتكز على ثلاث ركائز أساسية هي السلم والاستقرار والتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان”.

وحول دور الاتصال الفعال في إزالة الحواجز ووضع حلول جذرية للعديد من المشاكل والمعضلات التي تواجه المنطقة والعالم اليوم أكد أنان ان التفاعل ضروري من أجل توفير المعلومات لاتخاذ قرارات لها قوتها وهي سمة من سمات الديمقراطية فالاتصال بين الأفراد وبعضهم وبينهم وبين الحكومات يعجل بتسوية النزاعات والمشاكل ويسمح بوجود عالم أقل تعقيداً وأكثر تعدداً وذلك في إطار إشراك الجميع وحماية مصالح الأقليات.

وأعرب أنان في ختام كلمته عن تفاؤله بالرغم من أن التحولات في العالم العربي لم تتضح معالمها بعد لكنه أعرب عن ثقته في أنها تتجه إلى المستقبل القائم على الديمقراطية والثقة.

وكانت مراسم الافتتاح الرسمي للحفل الذي قدمه الإعلامي محمد خلف مدير إذاعة الشارقة قد بدأت بكلمة للشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي استهلها بالترحيب براعي المنتدى وضيوفه والمشاركين فيه قبل أن يتطرق إلى المهمة الرئيسية للمنتدى حيث قال ” لقد أخذت الشارقة على عاتقها مهمة تشكيل منصة حقيقية لتعزيز الحوار بين الحكومات والشعوب من خلال هذا المنتدى وذلك لمشاركة افضل الممارسات في الاتصال الحكومي وتعميم الفائدة والاستفادة من تجارب العالم أجمع في مجال الاتصال حتى يكون التواصل بين اداراتها أكثر فعالية فيكون خطابها أكثر تناغما”.

وأضاف الشيخ سلطان “نحن نجتمع اليوم من مختلف الجنسيات والثقافات واللغات والأديان لنتشارك الرؤى ونتخذ خطوات جدية نحو العمل والتغيير ولنتعلم من أفضل الممارسات في مجال الاتصال الحكومي من حول العالم فلنتحاور ونتشارك ونتواصل ونتعلم ونتعاون فالعالم اليوم بحاجة إلى الانفتاح والنقاش والتواصل والأهم من ذلك إلى التفاؤل فعملية الوصول إلى رضا الجمهور ليست مهمة سهلة يمكن تحقيقها بين ليلة وضحاها ونحن لا نملك عصا سحرية تستطيع تليين الصلب وتغيير المفاهيم المرتبطة بأساليب الحوار والتواصل بل نملك عزيمة قوية لتعميم أفضل الممارسات في قطاع الاتصال الحكومي التي باتت ضرورة نرى أهميتها في ظل التغيير الحاصل في كافة أرجاء العالم”.

واغتنم الشيخ سلطان الفرصة لمباشرة أولى خطوات مشاركة أفضل الممارسات خلال المنتدى واستعرض بإيجاز تجربة إمارة الشارقة في تطوير أساليب الاتصال الحكومي حيث قال “لقد وضعنا مهمة الارتقاء في معايير الاتصال الحكومي في إمارة الشارقة في محك التنفيذ نقودها برؤية واضحة أثمرت حتى اليوم عن بناء وحدة اتصال ستساهم في رفع مستوى التواصل بين كافة الدوائر الحكومية وجمهورها من مختلف أقطابه وإلى تدريب الكوادر البشرية في إدارات الاتصال الحكومي في امارة الشارقة لتعزيز ادائها وتطويره بأسلوب يواكب التغيرات الحاصلة في العالم وفي الاستثمار في الطاقات البشرية الشابة وتشجيعها على الانخراط في مجال الاتصال الحكومي فخيارنا هو توفير منصة لتطوير أساليب وقنوات التواصل مع الشعب ولا خيار أمامنا إلا العمل والتسابق مع الزمن لتحقيق المرجو”.

وشهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ودولة طيب رجب أردوغان رئيس الوزراء التركي وسمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة جلسة الحوار الأولى لليوم الأول لمنتدى الاتصال الحكومي الثاني والتي استعرض خلالها كل من معالي عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وأندرو يونغ السياسي والناشط في مجال حقوق الإنسان تجربتهما الشخصية والعملية .

وشهد الجلسة كذلك كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى جانب حشد من ضيوف المنتدى من كبار السياسيين والإعلاميين والمفكرين من مختلف دول العالم بالإضافة إلى مدراء الهيئات والدوائر الحكومية في دولة الإمارات والمنطقة وموظفي أقسام الاتصال في الدوائر الحكومية والإعلاميين وطلاب أقسام الاتصال في الجامعات.

وحول إذا ما كان يعتقد بأن العالم العربي يعيش اليوم أزمة تواصل بين الحكومات والجمهور ومن يتحمل المسؤولية الأكبر أوضح موسى ” العالم العربي ومن حوله الشرق الأوسط يتغير لأسباب من أهمها نقص التواصل بين الحكومات والشعوب وبين الشعب نفسه لأن النظم كانت قاسية وقسوتها كانت تؤثر في فاعلية التواصل وانتهى الأمر بثورات متكررة لأسباب متشابهة” .

وأشار موسى إلى أن التواصل أصبح اسهل ولم يعد تقليدياً كالسابق وأصبح استخدام التكنولوجيا الحديثة في الاتصال يتم بشكل مباشر بين المجتمعات ولم تعد للحكومات قادرة على قصر التواصل على طريق واحد كما كان في السابق”.

وعن تصوره لمستقبل المنطقة العربية بشكل عام وإذا ما كنا نخطو خطوات صحيحة تجاه التواصل الأفضل أم ما زالت خطواتنا وليدة بحاجة للكثير من الخبرة والصقل والتهذيب علّق موسى “هناك تغيير وهناك مرحلة جديدة تماماً نحو تغيير وإنهاء الديكتاتوريات التي عطلت التطور مع ضرورة معالجة بعض الإشكاليات مثل إشكالية العلاقة بين الدين والسياسة إلى جانب التعرف على درجة التغيير وسرعته ودور الشباب وكيفية التخلص من أمور روتينية استمرت لعقود .. مؤكداً أنه لا عوده لما كان مع ضرورة الحفاظ على التراث ..مشيداً في ذلك بما يفعله صاحب السمو حاكم الشارقة من الحفاظ على اللغة العربية والثقة العربية والتراث.

وأعرب موسى عن فخره بسلمية الثورة المصرية وحركات التغيير في تونس والدول العربية الأخرى لكنه أعرب عن قلقه من حالة الانشقاق والوضع الحالي السائد في دول الربيع العربي.

من جانبه قال أندور يونغ ” إننا نعيش في عوالم وليس عالما واحدا ولا أحد يتحدث لغة الآخر وهناك مشاكل كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا ناتجة عن الأزمة الاقتصادية .. معتبراً أن الثورة المصرية كانت سلمية في جوهرها وانطلاقها بعد صلاة الجمعة أرسل رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن التواصل يتم من خلال احترام القيم السائدة وقوة الجماهير”.

وعن اعتقاده بأن العالم يعيش حاليا أزمة ثقة بين الحكومات والجمهور قال يونغ ” لا يتعين علينا أن نجني ثمار التغيير بشكل سريع ولكن علينا أن نبدأ على الفور بإصلاحات فورية واستخدام وسائل الاتصال والتواصل التي تشعر الشعوب أنهم جزء من العالم وذلك إلى جانب بناء المصانع والمدارس ومد الطرق وأنابيب المياه العذبة”.

وبشأن اعتباره أن هناك فئات اجتماعية لم تصل بعد إلى درجة التمثيل الصحيح وبالتالي ما زالت تعاني الظلم أو عدم المساواة أوضح يونغ أن “الوظيفة والحرية تمثلان كرامة الإنسان وهي ما يجب أن يسعي المسؤولين إلى توفيره لرفع الظلم عن كافة فئات المجتمع”.

وتم استحداث جلسات الحوار في الدورة الثانية من منتدى الاتصال الحكومي 2013 لتكون واحدة من العلامات البارزة في جلسات المنتدى وذلك لأهمية تسليط الضوء على تجارب رائدة لشخصيات مرموقة في مجال العمل السياسي والاتصال الحكومي في العالم العربي وخارجه حيث يقوم المتحدثون من خلالها بمشاركة أفضل الممارسات على صعيد الاتصال الحكومي بالاستناد إلى الخبرات الشخصية لهم وتسليط الضوء على أهمية التواصل بين الحكومات والجمهور وسط كافة الظروف للوصول إلى أفضل الممارسات على صعيد التواصل.

ثم دعا الحضور للمأدبة التي أقامها صاحب السمو حاكم الشارقة على شرف المشاركين وضيوف المنتدى.

وحضر الافتتاح كل من معالي الشيخة لبنى القاسمي وزيرة التجارة الخارجية والشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني رئيس دائرة الطيران المدني في الشارقة والشيخ عصام بن صقر بن حميد القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم و الشيخ خالد بن عبد الله القاسمي رئيس دائرة الموانىء البحرية والجمارك في الشارقة والشيخ سلطان بن احمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الاعلامي والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” والشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون والشيخ محمد بن صقر القاسمي وكيل وزارة الصحة المساعد مدير منطقة الشارقة الطبية والشيخ محمد بن عبد الله آل ثاني مدير عام مركز الشارقة للإحصاء والشيخ خالد بن عصام القاسمي مدير عام دائرة الطيران المدني بالشارقة والشيخ سالم بن عبد الرحمن بن سالم القاسمي مدير مكتب سمو الحاكم.

كما حضر افتتاح منتدى الاتصال الحكومي بدورته الثانية معالي حميد محمد القطامي وزير التربية والتعليم ومعالي عبد الرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ومعالي عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الاردني الأسبق وسعادة محمد جمعة بن هندي رئيس المجلس الاستشاري وأعضاء المجلسين التنفيذي والاستشاري واسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي وعدد من السفراء والقناصل المعتمدين في دولة الإمارات العربية المتحدة وأعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء ومدراء الدوائر الحكومية في الدولة وحشد من الاعلاميين من مختلف دول العالم.

وشهدت فعاليات اليوم الافتتاحي نسبة حضور عالية حيث وصل عدد المشاركين إلى 2000 شخص ممن قاموا بالتسجيل عبر الموقع الالكتروني إلى جانب أكثر من 500 شخصية سياسية وإعلامية عربية وعالمية رفيعة المستوى ورؤساء وممثلي الدوائر والجهات الحكومية المختلفة في الدولة بالإضافة إلى حوالي 40 متحدثا من عدد من الدول الخليجية والعربية والاجنبية من بينهم جيم ماسينا مدير حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الانتخابية لعام 2012 وكولين هاريس المستشارة الصحفية السابقة لصاحب السمو الملكي أمير ويلز والأمير ويليام والأمير هاري وغوردون جوندرو المتحدث السابق لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض ومارتن لوثر كينغ الثالث الناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع ومها الخطيب وزيرة السياحة والآثار السابقة في المملكة الأردنية الهاشمية وعضو مجلس أعيان سابق.

ويضم المنتدى الذي يعقد على مدار يومين فعاليات رئيسية مقسمة إلى عدة جلسات حوارية وجلستي دراسة حالة وجلستي حوار خاص إلى جانب خطابين مؤثرين وتتمحور جلساته حول وجوب التغيير في أسس الاتصال الحكومي اليوم من “الحديث إلى الجمهور” إلى “التحدث مع الجمهور” وضرورة المرونة في هذه الأسس في ظل الحراك الذي يشهده العالم بشكل عام والعربي بشكل خاص.

يذكر أن العام 2012 شهد انطلاق الدورة الأولى من منتدى الاتصال الحكومي والذي ناقش العديد من القضايا التي شكلت نقلة نوعية في طبيعة المواضيع المطروحة في العالم العربي.

ويعد المنتدى الأول من نوعه في مناقشة قضايا الاتصال الحكومي وذلك في إطار سعي مركز الشارقة الإعلامي لبناء منظومة جديدة في طبيعة الاتصال الحكومي تستفيد منها المؤسسات الحكومية في دولة الامارات العربية المتحدة والمنطقة.

وام