أعلنت الأمم المتحدة تأجيل انطلاق محادثات السلام اليمنية في الكويت الذي كان مقررا أمس الاثنين في مسعى لإنهاء الصراع في اليمن المستمر منذ أكثر من عام.

وحتى مساء أمس، لم يغادر وفد المتمردين اليمنيين إلى المحادثات العاصمة صنعاء إلى الكويت، حيث كان وفد الحكومة الشرعية قد وصل في موعده المحدد. وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، في بيان نشر على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك،: «نظراً لبعض المستجدات في الساعات الأخيرة، طرأ تأخير على موعد انطلاق مشاورات السلام اليمنية – اليمنية التي كانت مقررة اليوم (أمس) في الكويت». وأضاف:«نعمل على تخطي تحديات الساعات الأخيرة، ونطلب من الوفود إظهار حسن النية والحضور إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي».
وذكر أن «الساعات القليلة المقبلة حاسمة»، مطالبا جميع الأطراف بـ«تحمل مسؤولياتهم الوطنية والعمل على حلول توافقية وشاملة». وألمح المبعوث الأممي إلى مسؤولية وفد المتمردين اليمنيين، المكون من ممثلين عن جماعة الحوثي المتمردة وحزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عن تأخير انطلاق محادثات السلام، وقال:«أشكر وفد حكومة اليمن الذي وصل إلى الكويت، وأتمنى من ممثلي أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام ألا يضيعوا هذه الفرصة التي قد تجنب اليمن خسارة المزيد من الأرواح ومن المفترض أن تضع حلا لدوامة العنف في البلاد». كما عبر عن امتنانه لحكومة دولة الكويت على استعدادها لاستضافة المشاورات «وعلى ما قدمته من مستوى عال من الحرفية في الإعداد للمحادثات التي قال إنها ستركز على «إطار عملي يمهد للعودة إلى مسار سلمي ومنظم بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني».
من جانبه، اتهم رئيس الوفد الحكومي المشارك في المحادثات اليمنية، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، الانقلابيين بالمماطلة في الوصول إلى الكويت، معتبرا ذلك «تحديا للمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ومساعي إحلال السلام وتطلعات الشعب اليمني في السلام وتحقيق الأمن والاستقرار». وقال المخلافي لدى لقائه بمعية أعضاء الوفد الحكومي مبعوث الأمم المتحدة، أمس الاثنين في الكويت،:«وصل الوفد الحكومي بكامل أعضائه إلى الكويت حسب المواعيد المتفق عليها سابقاً بينما لم يصل وفد الحوثي- صالح ومازال يماطل في الوصول، وينتهك اتفاق وقف إطلاق النار». وأضاف:«ستبذل الحكومة اليمنية كافة الجهود من أجل تحقيق الأمن والسلام في اليمن»، مؤكدا جاهزية الوفد الحكومي للبدء في المشاورات «في إطار التزام الحكومة ورغبتها الجادة في إحلال السلام ووقف نزف الدم اليمني وفقا للمرجعيات والأسس المتفق عليه».

وقال عضو الوفد الحكومي في محادثات السلام، عثمان مجلي، لـ«سكاي نيوز عربية» الإخبارية:«سنتعاون مع مبعوث الأمم المتحدة لإنجاح محادثات السلام والعمل على تنفيذ القرار الدولي 2216» الذي يلزم المتمردين الحوثيين وحلفائهم الانسحاب من المدن، لا سيما العاصمة صنعاء، ونزع السلاح واستئناف العملية السياسية الانتقالية المتعثرة منذ مطلع 2014 وتنظمها المبادرة الخليجية منذ أواخر 2011. وذكر أن الحوثيين بتخلفهم عن الذهاب إلى الكويت لاستئناف المحادثات المتمردين الحوثيين «يؤكدون عدم احترامهم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي». وعزا المتحدث باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، تخلف وفد الانقلابيين عن الوصول إلى الكويت إلى خلافات بين جماعة الحوثيين وحليفها الرئيس المخلوع علي صالح. وقال:«لن يطول انتظارنا لوفد الانقلابيين إلى ما لا نهاية»، حسب وسائل إعلام محلية.

وفي صنعاء، امتنع المتمردون الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة صالح- حتى مساء الاثنين- عن التصريح رسميا بأسباب تخلف وفديهما عن الذهاب إلى الكويت، إلا أن وسائل إعلام موالية تحدثت عن ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل الجاري.

وعلمت «الاتحاد» من مصادر مطلعة في حزب المؤتمر الشعبي العام بوجود خلافات بين الحزب والجماعة الحوثية التي تهيمن على مفاصل السلطة في العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014. وقالت المصادر إن اجتماعاً لمسؤولين رفيعين من الجانبين عقد الليلة قبل الماضية بصنعاء «ولم يفض إلى شيء»، مشيرة إلى استياء متنام داخل أروقة حزب «المؤتمر» من ممارسات الحوثيين خصوصا بعد إبرامهم مؤخراً اتفاقيات جانبية مع السعودية، قائدة التحالف العربي، والحكومة الشرعية التي تعمل من الرياض. وأضافت:«هناك مطالب صريحة من قيادات مؤتمرية بارزة تطالب بفك الارتباط بجماعة الحوثيين».
ميدانياً، واصلت مليشيات الحوثي وصالح أمس، ولليوم الثامن على التوالي، خرق الهدنة العسكرية في العديد من مناطق الصراع في البلاد. وبعد ساعات على إعلان تثبيت وقف إطلاق النار في مناطق المواجهات بمحافظة مأرب (شرق)، شن المتمردون الحوثيون وقوات صالح في وقت مبكر الاثنين هجوما واسعا على مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبل هيلان المطل على بلدة صرواح غرب محافظة مأرب المحررة معظم مناطقها في أكتوبر. وذكر مصدر في المقاومة الشعبية في مأرب لـ«الاتحاد»، أن مليشيات الحوثي وصالح هاجمت العديد من مواقع قوات الشرعية في جبل هيلان بعد ساعات على إعلان تثبيت وقف إطلاق النار من اللجنة المحلية المكلفة بالإشراف على الهدنة في مأرب، مشيرا إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة عسكريين على الأقل بينهم عقيد في الجيش الوطني.
وأكد المصدر تمكن قوات الشرعية من «كسر الهجوم»، فيما تحدثت وكالة محلية مملوكة للمخلوع صالح عن استعادة ثلاثة مواقع عسكرية في جبل هيلان. وذكر المركز الإعلامي التابع للمقاومة في مأرب أن المليشيات الانقلابية أرسلت تعزيزات عسكرية ضمت عشرات الجنود إلى صرواح في الأيام الثلاثة الماضية. كما واصلت المليشيات خرق الهدنة وهاجمت مواقع لقوات الشرعية في بلدة نهم شمال شرق العاصمة صنعاء. وأكدت مصادر في المقاومة بصنعاء إحباط قوات الجيش الوطني والمقاومة محاولة تسلل فاشلة لمتمردي الحوثي وصالح للوصول إلى جبال «قرود» في منطقة ملح غرب نهم، التي تبعد 40 كيلومترا عن العاصمة وتشهد معارك منذ ديسمبر. واستحدثت المليشيات أمس مزيدا من نقاط التفتيش في محافظة عمران شمال البلاد.

وفي تعز ثالث مدن البلاد، رصدت المقاومة الشعبية سلسلة خروقات جديدة ارتكبتها مليشيات الحوثي وصالح أمس في المدينة جنوب غرب اليمن. وتمثلت الخروقات في هجمات مدفعية وصاروخية استهدفت مواقع قوات الشرعية وتجمعات سكنية في المدينة المنكوبة . وقتل مدني، أمس الاثنين، بعد تعرضه للقنص في شارع الأربعين من قبل مليشيات الحوثي وصالح المتمركزة في الجهيم شرق تعز. وقال رئيس عمليات المجلس العسكري في تعز، العقيد عبدالعزيز المجيدي، إن مليشيات الحوثي وصالح لم تلتزم الاتفاق المعلن السبت الماضي، مضيفا في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن المليشيا «ما تزال تواصل عملياتها العسكرية من خلال القصف المتعمد على الأحياء السكنية والمواقع التابعة للجيش والمقاومة وتواصل خرقها الهدنة». وقال:«بعد يومين على توقيع اتفاقية تثبيت وقف إطلاق النار، لم نلمس من ذلك شيئا على أرض الواقع، وكما عودتنا هذه المليشيا دائماً أنها من تبادر في خرق الهدنة»، مؤكدا أنها تواصل كذلك الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية في خطوة تصعيدية .

كما قصفت مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية فجر أمس عددا من مدن وقرى محافظة البيضاء وسط البلاد. وقال مصدر محلي إن هذه المليشيات «تحاول استغلال الهدنة من خلال تعزيزاتها العسكرية بغية التقدم في بعض المواقع العسكرية والدخول نحو المدنية من الجهة الشرقية الشمالية»، مشيرا إلى مقاتلي المقاومة الشعبية «تصدوا لزحف المليشيا التي تحاول وبكل قدرتها استغلال فترة الهدنة وتحقيق انتصارات على ارض الواقع». وأبلغت «الاتحاد» مصادر محلية بحملات اختطاف نفذها الحوثيون في محافظتي إب وريمة طالت العديد من المدنيين الأبرياء.

الاتحاد