تنتشر حمى الخنازير الإفريقية، “بوتيرة مقلقة” في أوروبا، لا سيما في شرق القارة، حيث أثار تفشي المرض وهو داء غير مؤذٍ للإنسان لكنه شديد العدوى بين الحيوانات، مخاوف من انتشار الفيروس على نطاق أوسع.
وقال غريغوريو توريس، رئيس القسم العلمي في المنظمة العالمية لصحة الحيوان، ردا على أسئلة وكالة فرانس برس “إن عدد الحالات والمناطق المتأثرة حديثاً بالمرض يتزايد على الرغم من الجهود المبذولة لمكافحته، وتواجه البلدان صعوبة كبيرة في السيطرة على المرض والقضاء عليه”.
منذ بداية العام، ظهرت 285 بؤرة تفشٍ لحمى الخنازير الإفريقية في المزارع الأوروبية، مع تسجيل المنظمة العالمية لصحة الحيوان ما يقرب من 71 ألف حالة حتى الأول من سبتمبر.
وينتشر الفيروس بشكل أساسي في الجزء الشرقي من القارة، في رومانيا (197 بؤرة) ومولدوفا وغرب روسيا، حيث تم اكتشاف خمس بؤر تفشٍ جديدة في المزارع الأسبوع الماضي.
وظهر المرض أيضاً في في إيطاليا، في مزرعة في منطقة العاصمة روما في أوائل يونيو، وفي ألمانيا في مايو ثم في يوليو، مع تفشي المرض مرتين في ولايتي مكلنبورغ-بوميرانيا الغربية وساكسونيا السفلى (شمال). وذُبح ما يقرب من 2800 من حيوانات المزرعة.
على الرغم من قربهما الجغرافي عن مراكز تفشي المرض، أفلتت فرنسا وهولندا حتى الآن من هذه العدوى.
وبسبب عدم وجود علاجات، تحمل حمى الخنازير الإفريقية آثار قاتلة بشكل عام على الحيوانات، وتدفع عادة بأصحاب المزارع إلى ذبح الحيوانات وقائياً لمنع تفشي العدوى.
وبهذا المعنى، تشكل هذه الحمى تهديداً دائماً على صناعة لحوم الخنازير في أوروبا، “وهي المُصدِّر الأول عالمياً للحوم الخنازير ومنتجاتها في العالم، إذ تصدّر القارة ما يقرب من 5 ملايين طن سنوياً”، كما أكدت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية في نهاية شهر يوليو.
في مواجهة معدل انتشار وصف بأنه “مقلق”، أطلقت الوكالة حملة تواصل هي الثالثة لها هذا الصيف مع سلطات 18 دولة أوروبية، لنشر الوعي بين المربين والأطباء البيطريين والصيادين حول طريقة انتشار المرض.
وتراقب المنظمة العالمية لصحة الحيوان، المسؤولة عن تنسيق جهود البلدان لمكافحة هذا النوع من الأوبئة، الوضع خصوصاً في أوكرانيا، حيث ظهرت بؤرتان لهذه الحمى في مواقع لتربية الماشية في يونيو، ثم بؤرة ثالثة في يوليو.
ولفت توريس إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير تسبب في نزوح أعداد كبيرة من السكان، وأجبر الرعاة على التخلي عن حيواناتهم كما قطع الطرق أمام الأطباء البيطريين، الأمر الذي يشجع على انتشار الأمراض.
أغذية ملوثة
تُصيب حمى الخنازير الإفريقية المتوطنة في إفريقيا جنوب الصحراء، الخنازير بأجناسها المختلفة. ولا ينتقل الفيروس إلى البشر، ويمكن أن يعيش لأكثر من شهرين في اللحوم الطازجة والمقددة المتأتية من الحيوانات المصابة.
وعادة ما يفتك الفيروس سريعاً في المزرعة التي ينتشر فيها، ويتعين على السلطات البيطرية ضمان الحجر الصحي الصارم وإعدام الحيوانات.
ووصلت حمى الخنازير الإفريقية إلى أوروبا في الستينيات ثم قُضي عليها، وعادت إلى هناك عام 2007 عبر جورجيا، حسب المنظمة العالمية لصحة الحيوان. وتصف المنظمة الناشطة في كل القارات، هذا الفيروس بأنه “تهديد عالمي”، إذ اكتُشفت 564 بؤرة له منذ يناير.
وظهرت الأكثرية الساحقة من الحالات المبلغ عنها البالغ عددها 78 ألفاً في أوروبا، ثم بدرجة أقل في آسيا.
ويمكن لهذا الفيروس شديد العدوى أن ينتقل من بلد إلى آخر عن طريق “المواد الغذائية المصابة أو بواسطة ناقل ملوث، مثل شطيرة السلامي” على سبيل المثال، بحسب غريغوريو توريس.
ويمكن للفيروس أن يعيش بالفعل لأسابيع كاملة في عبوات سندويتشات ملوثة، وإذا رُميت هذه العبوة، على سبيل المثال، في منطقة خدمة الطريق السريع، فيمكن أن تستنشقها الخنازير البرية، التي تنشرها أثناء تنقلاتها، على البنية التحتية مثل سكك الحديدية أو في محطات الخدمة.
ومن بين الدول الـ39 المتضررة منذ عام 2020، نجح بعضها في القضاء على الفيروس إثر بذل جهود كبيرة، مثل بلجيكا أو تشيكيا.
وأعلنت فيتنام، مطلع يونيو، أنها نجحت للمرة الأولى في تطوير لقاح ضد حمى الخنازير الإفريقية، بالشراكة مع باحثين أميركيين. وستحصر البلاد هذا اللقاح في بادئ الأمر بسوقها المحلية.
وقال غريغوريو توريس “ستكون أداة جيدة، لكنها ليست الحل الوحيد”، مضيفاً “يجب علينا تحسين التنسيق الدولي، والأمن البيولوجي، وتعزيز القدرات البيطرية للبلدان ومواصلة الوقاية مع المربين”.
البيان