د. فاطمة الصايغ

الاستعدادات لانتخابات المجلس الوطني 2015 تجرى على قدم وساق. القوائم الانتخابية تم اعلانها وتم إعداد اللوائح والإجراءات التي تضمن سير انتخابات حرة وقوية. لقد أرادت الدولة لهذه الانتخابات أن تعكس آراء جيل الشباب بالتحديد.
فالقوائم الانتخابية تضم ما نسبته 70% تقريباً من الناخبين الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة.
لهذه القضية دلالات عديدة. فهذه الشريحة هي تقريبا الجيل الذي تربى في حضن الاتحاد والذي كون آراءه السياسية ومعتقداته الفكرية في فضاء الاتحاد، ويحمل فكراً جديدا تجاه القضايا الوطنية ربما يكون مغايرا عن الفكر الذي يحمله الجيل المخضرم والذي شهد قيام الاتحاد.
وهم بالتحديد الجيل الذي تقوم عليه اليوم مؤسسات الدولة من قوة عاملة مواطنة ومن قيادة إدارية لمؤسسات الدولة المختلفة.
ولكن هل يدرك الشباب هذه المسؤولية التي أعطيت لهم؟ هل يدركون الثقل الذي يمثلونه في هذه الانتخابات؟ هل سيسعون للاستفادة من هذا الحق السياسي الذي يعطيهم فرصة لصقل تجربتهم السياسية وزيادة فرص المشاركة والتمكين السياسي في الدولة؟ هل يدركون بأن المشاركة السياسية هي واجب وطني وليس فقط حقا انتخابيا؟ هل يدركون بأن كل صوت يدلون به سوف يكون مؤثراً في رسم الخريطة النهائية للانتخابات؟
هذه الاسئلة وغيرها تدور في اذهان الكثير من المراقبين للتجربة الانتخابية الجديدة، ومن بعض افراد الجيل القديم الذين قد يغبطون الشباب على هذه الفرصة التي أتيحت لهم. ففي رأيهم فإن الشباب قد اعطوا فرصة ذهبية،وهي تجربة لا مجال للتخاذل فيها. فهذه الانتخابات هي التجربة الثالثة للدولة، ويجب أن تكون هذه المرة تجربة ناجحة بكل المقاييس وبحجم الاستعدادات والموارد التي خصصت لها.
ويجب أن تكون فرصة ذهبية للشباب لصقل تجربتهم السياسية باختيار ممثليهم في المجلس الوطني اختيارا ناجحا يعكس معتقدات وفكر البيئة الاماراتية السمحة. يجب أن يسارع كل من ورد اسمه للمشاركة في هذه التجربة السياسية. فقد أراد المشرع أن يوسع هذه المرة دائرة المشاركة السياسية .
ربما تدرك فئة كبيرة من الشباب هذه الحقيقة وهم اليوم على أتم الجهوزية والاستعداد لخوض التجربة. فالمشاركة سواء كمرشح أو ناخب هي في واقع الأمر فرصة لصقل التجربة السياسية. وعلى الرغم من أن الذين سوف يتمكنون من الفوز هم فقط عشرون شخصا الا أن العبرة ليست بالفوز، ولكن بتلك التجربة الثرة التي تتيح للشباب الدخول في معترك جديد يهيئهم جيدا للحياة وللمستقبل. فليشارك الجميع حتى تنجح هذه الانتخابات وتعكس الحراك الموجود بالدولة انعكاسا حقيقيا.
لقد ارادت الدولة انتخابات متدرجة الى أن تصل الى شمولية الانتخابات. وحتى تلك اللحظة فقد ارتضى كل من لم يرد اسمه بدور المراقبة لهذه التجربة السياسية، لحرصه على ان تصل الانتخابات الى النتائج المرضية التي تعكس الفكر العام الموجود في الدولة.
إن العالم سوف يراقب تجربتنا السياسية الجديدة قريباً، ويجب أن تكون تلك التجربة تليق بسمعة الدولة وما وصلت إليه من انجازات في جميع المجالات. على الشباب الراغبين في خوض التجربة الانتخابية كمرشحين البدء من الآن بتثقيف انفسهم ببعض الثقافة السياسية والانتخابية اللازمة لخوض مثل تلك التجربة. كما أن على الناخبين تثقيف انفسهم قبيل الادلاء بأصواتهم ببرامج المرشحين وما يمكن أن يحققوه من مكاسب سياسية لدولتهم ومجتمعهم.
إن الانتخابات ليست فرصة للمنفعة او المكاسب الشخصية بل هي فرصة لرد الجميل للوطن الغالي الذي أعطانا الكثير. فلنتشارك جميعا في جعل الانتخابات فرصة للتصويت للإمارات.
– البيان