تقود دولة الإمارات منذ سنوات الجهود الدولية لتعزيز الحوار والتقارب بين الأديان من خلال رعايتها واستضافتها عددا كبيرا من الفعاليات والمنتديات الدولية الهادفة لبناء جسور التواصل والتفاعل بين الأديان والثقافات المختلفة وتعزيز نشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش بين كافة الشعوب والمجتمعات.

وتشهد الإمارات سنويا مجموعة من الفعاليات الدولية التي باتت تمثل منبرا عالميا للحوار والتقارب بين الأديان، ما ينسجم مع الإرث التاريخي للدولة في التسامح الديني واحتضان التنوع وتوجهها الاستراتيجي في إحلال السلام ونشر المحبة والخير في العالم كافة.

وتتواصل في العاصمة أبوظبي فعاليات “منتدى الأديان لمجموعة العشرين” التي انطلقت أمس الاثنين تحت عنوان “إشراك مجتمعات الأديان في صياغة أجندة قمة العشرين وما وراء ذلك” بتنظيم مشترك بين جمعية منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، وتحالف الأديان لأمن المجتمعات.

ويهدف المنتدى إلى إشراك مجتمعات وقادة الأديان، وبلورة رأيهم في أجندة قمة قادة الدول العشرين، ليكون جسراً بين القمة التي عقدت في إندونيسيا، وإطلاق أجندة مجموعة العشرين المزمع عقدها بالهند في العام المقبل 2023.

وتجسد استضافة المنتدى حرص الإمارات برؤية القيادة الرشيدة ودعمها المستمر، على تواصل الحضارات والثقافات العالمية وبناء جسور الثقة بين شعوب العالم؛ بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار المجتمعي وتحقيق مستهدفات التنمية الشاملة.

وفي أكتوبر الماضي نظمت جامعة السوربون أبوظبي وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية مؤتمر “الدبلوماسية الدينية.. الفرص والتحديات الدولية” الذي استضاف ر أكاديميين، ورجال دين، وشخصيات دبلوماسية مرموقة وخبراء في الشؤون الخارجية من مختلف أنحاء العالم، وأتاح فرص مناقشة أهمية الدبلوماسية الدينية والحوار بين الأديان كأداة دبلوماسية تهدف لنشر قيم السلام والتسامح والتأثير على السياسات الخارجية للدول.

وبحث المؤتمر ثلاثة جوانب مرتبطة بالدبلوماسية الدينية بما في ذلك دورها الفاعل في تهدئة النزاعات من خلال تحديد الأطراف التي تشترك في دعم الحوار بين الأديان والتعددية الثقافية، كما سلط الضوء على مفهوم الدبلوماسية الدينية بوصفها بديلاً فاعلاً للدبلوماسية الكلاسيكية وتحديد أساليب عملها وأهدافها، إضافةً إلى إبراز دور الدبلوماسية الدينية كأداة قوية مؤثرة في السياسات الخارجية للدول.

وخلال فعاليات “إكسبو دبي 2020” أطلقت وزارة التسامح والتعايش في نوفمبر 2021 مبادرة “التحالف العالمي للتسامح”، الذي يدعو إلى تكثيف الجهود الدولية من اجل تعزيز ثقافة التسامح لدى كافة الأمم والشعوب، كما أطلقت القمة العالمية المشتركة للأديان، التي تجمع سنويا قيادات دولية بارزة وقادة الأديان والشرائع المختلفة ومفكرين بارزين من مختلف دول العالم إضافة إلى ممثلين لعدد من المؤسسات العالمية والإقليمية ذات الصلة، وذلك بهدف بناء جسور أقوى بين الديانات والمعتقدات المختلفة في العالم، والتركيز على ما يجمع البشرية من وجهات نظر مشتركة حول القيم الإنسانية.

وأصبحت وثيقة الأخوة الإنسانية التي بزغ نورها في الإمارات يوم 4 فبراير 2019 وثيقة تجمع الأديان والأعراق والألوان في كافة دول العالم بعد أن وقعها في أبوظبي قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وذلك في ختام لقاء الأخوة الإنسانية.

وشكل توقيع الوثيقة حدثاً تاريخياً غير مسبوق ليأتي بعد ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع في اعتماد تاريخ 4 فبراير من كل عام يوما دوليا للأخوة الإنسانية يتم من خلاله الدعوة الى التمسك بقيم التعايش بين الأديان والسلام وتكريس مبادئ الحوار والتفاهم وثقافة التسامح بين البشر.

وشهدت الإمارات في عام 2018 انطلاق فعاليات الدورة الأولى من ملتقى “تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي” التي شارك فيها نحو 450 من مختلف الأديان بهدف إثراء الحوار ومواجهة ومناقشة التحديات الاجتماعية الخطيرة، إضافة إلى تعزيز الجهود المشتركة والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات، لاسيما النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.

ويذكر أن ملتقى “تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات” نتج عن مؤتمر “كرامة الطفل في العالم الرقمي” الذي عقد خلال شهر أكتوبر عام 2017 وصدر عنه “بيان روما” الذي أيده قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، حيث استعرضت حكومة دولة الإمارات خلال المؤتمر جهودها في تعزيز حوار الأديان ورغبتها في استضافة ملتقى عالمي يؤكد التزامها بالمضي قدما في تمكين الحوار والعمل بين الأديان، حيث أثمرت جهودها في أن يكون ملتقى تحالف الأديان أحد مخرجات ذلك المؤتمر.

ويترقب العالم افتتاح “بيت العائلة الإبراهيمية” في العاصمة أبوظبي الذي يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ويحفظ في ذات الوقت لكل دين خصوصيته، مقدما بذلك صرحا عالميا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويجسد قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.

البيان