روى ناجون من الغرق ومنقذون قصصاً مؤثرة عن حوادث تعرضوا لها نتيجة ممارسة السباحة في التيار العكسي على الشواطئ، وعدم قدرتهم على مقاومة التيارات البحرية والأمواج العالية القوية التي سحبتهم إلى وسط البحر، الأمر الذي يتسبب عادة في وقوع حالات غرق.

وأعلنت دائرة الخدمات العامة في رأس الخيمة، توفير 10 منقذين على شواطئ الإمارة، من الكوادر الاحترافية المؤهلة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لمراقبة الشواطئ وتأمين سلامة مرتادي البحر، مضيفة أن هذه الفترة من العام تشهد عادة إقبالاً كثيفاً لممارسة السباحة على الشواطئ.

وتفصيلاً، روت شيماء الشحي، لحظات مرعبة عاشتها برفقة طفليها وأبناء شقيقتها، عندما تعرضت للغرق في خور الرمس شمال إمارة رأس الخيمة.

وقالت: «ذهبت برفقة طفلي وأبناء شقيقتي لخور الرمس للاستمتاع بالأجواء الهادئة، نظراً لانخفاض مستوى الماء. لكن سرعان ما ارتفعت المياه، ولم أتمكن من الخروج منها، نتيجة اختلال توازني، فسحبتني إلى داخل الخور، وبدأ الأطفال بالصراخ وطلب المساعدة».

وأضافت: «شعرت بالتشنج في أطرافي، وكنت أصرخ وأنادي حتى يسمع الآخرون صوتي، وشعرت بأن جسدي أصبح مشلولاً، إذ فقدت القدرة على الحركة. وبعد دقائق وصل مواطنان وعامل آسيوي إلى المكان، بطراد، وتمكنوا من نقلي إلى البر، ثم إلى المستشفى».

وروى أبوهاشم السعيد، أنه كان يسبح على شاطئ بحر المعهد في إمارة رأس الخيمة، برفقة طفله البالغ 14 سنة، قبل أن تتحول رحلتهما إلى كابوس، إذ جرفت طفله موجة عالية إلى داخل البحر، ما أدى إلى تعرضه للغرق، ولفت إلى أنه حاول إنقاذ الطفل، لكنه تعرض للغرق معه.

وتابع أنه فوجئ بثلاثة شبان من محترفي السباحة يتجهون نحوه، ساعين إلى إنقاذه وطفله، مضيفاً أن ما هيمن على تفكيره قبل أن يظهر هؤلاء الشبان، هو أنه وابنه يوشكان على فقدان حياتيهما.

وقال المواطن سالم الخنزوري، إنه ذهب برفقة صديق له إلى شاطئ بحر الرمس لممارسة السباحة قبل غروب الشمس.

وأضاف: «شاهدت ستة أطفال يلعبون على الشاطئ، وبعد بضع دقائق سمعت صراخ طفلين منهم، يطلبان المساعدة في إنقاذ أصدقائهما من الغرق».

وأضاف أن الأمواج العالية سحبت أربعة أطفال إلى داخل البحر، وكان هناك طفل يبلغ 12 عاماً قد جرفه التيار لأكثر من 20 متراً، فذهب لإنقاذه، لأنه كان أبعدهم عن الشاطئ، فيما ذهب صديقي لإنقاذ طفل آخر.

وقال: «حاولت أكثر من مرة إخراجه من البحر، إلا أنني لم أتمكن بسبب ارتفاع الأمواج، وقد أوشكت أنا نفسي على الغرق معه، لولا تدخل شاب مواطن كان على قاربه، إذ سارع إلى إنقاذ الطفل ونقله للشاطئ، وذهبت لمساعدة صديقي في إنقاذ بقية الأطفال».

وأكد رئيس قسم البحث والإنقاذ بالإنابة في شرطة رأس الخيمة، الرائد عبدالله عبدالرحمن السامان، أن «التيار المرتد العكسي على الشواطئ البحرية تسبب في وقوع حالات غرق كثيرة خلال السنوات الماضية»، مشيراً إلى ضرورة التعامل معه بحكمة أثناء السباحة في البحر، لتفادي التعرض للغرق.

وشرح أن «التيار المرتد العكسي، هو رجوع الموجة إلى الوراء، فيما تكون خلفها موجة أشد منها، وتتجه المياه التي جلبتها الموجة الأولى يميناً أو يساراً، ما يحدث فراغاً في الوسط.

ويعتقد بعض مرتادي البحر أن وسط الأمواج آمن وصالح للسباحة، لكن الحقيقة أنه خطر جداً، لأن التيار المرتد في هذه الحال يكون شديداً، ولا يستطيع حتى السباح المحترف أن يقاومه».

وحذر السامان مرتادي البحر من السباحة في المناطق الخالية من الأمواج، «لأنها تشكل خطراً على سلامتهم، وقد يسحبهم التيار إلى وسط البحر»، وتابع أنه «في حال تعرض مرتادي البحر لهذه الحالة، فعليهم عدم السباحة مع التيار باتجاه الشاطئ أو مقاومته، لأن كثيراً من حالات الغرق كان سببها التيار المرتد العكسي».

وقال: «للنجاة من التيار المرتد، تجب السباحة يميناً أو يساراً باتجاه الموج، وإذا أصبح الموج خفيفاً، فتجب السباحة باتجاه الشاطئ، وفي حال كان هناك منقذ في المكان، فعلى مرتاد البحر الذي وقع في التيار المرتد رفع يده لإرسال إشارة له بأنه يحتاج إلى الإنقاذ».

وأضاف أن الجهات المعنية وضعت شواطئ على قائمة «حظر السباحة» حفاظاً على سلامة مرتاديها.

ولفت السامان إلى أن دوريات القسم تتفقد الشواطئ الخطرة في الفترتين الصباحية والمسائية، للتأكد من خلوها من المرتادين.

وأضاف أن «بعض الأشخاص يفضلون ممارسة السباحة في الأجواء غير المستقرة، لممارسة ركوب الأمواج، ولكنها تعتبر من أبرز المخاطر التي قد تودي بحياة ممارسيها، لأن الرياح تكون قوية، والأمواج كبيرة وعالية، ويكون نزولها سريعاً وقوياً، وعند اصطدامها بأي شخص قد تعرضه للخطر، لأن رجوع الموجة إلى البحر من الشاطئ يكون قوياً، وتستقبل موجة أخرى قادمة، ما يضع مرتاد البحر في وضع خطر».

ويسمى التيار المرتد بـ«التيار الساحب» أو «التيار المتدفق»، ويُعرف بأنه مجرى مائي يتكون على الشواطئ الرملية أو الصخرية، نتيجة انكسار الأمواج وتدفق المياه من الأماكن المرتفعة إلى الأماكن المنخفضة.

ويوجد التيار الساحب في معظم الشواطئ، فهو نتيجة طبيعية لانكسار الأمواج وتدفق المياه باتجاه البحر، إلا أن قاع البحر وطبيعته الجغرافية يتحكمان بشكل كبير في تكون التيار من عدمه، فقد ينعدم وجوده في كثير من الشواطئ أو الجروف البحرية، بسبب تكونات القاع الخاصة بها.

ولا يمكن تحديد نسبة تحكم التيار الساحب في حالات الغرق بدقة، إلا أن الإحصاءات أثبتت أنه المتسبب في غالبية حالات الغرق في شواطئ العالم.

الإمارات اليوم