سامي الريامي

إنه تغيير في فكر العمل الخيري والإنساني، خروج عن التقليدية غير المفيدة، ودخول إلى مجالات جديدة لم تدخلها المؤسسات الخيرية من قبل، هذه المجالات دون شك أكثر عملية وفائدة للإنسانية بشكل عام.
لا توجد لهذه المؤسسة صناديق جمع تبرعات منتشرة بشكل عشوائي، ولا أكشاك قليلة التفاعل مع الجمهور، بل لديها أفكار مميزة وراقية ومتطورة لجمع التبرعات بأسلوب حضاري جميل، لا تعمل في المجالات المتعارف عليها، مثل حفر آبار، وبناء مساجد، التي وصلت إلى حالة التشبع، ولا تعطي مساعدات مالية شهرية قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع، بل دخلت هذه المؤسسة العمل الخيري من باب غير معهود، هو الحقل الطبي، وتقوم من خلاله بدعم التعليم الطبي، والأبحاث الطبية، وتكريس الإبداع الطبي، وتوفير علاجات حقيقية لمن يحتاجها.

مؤسسة الجليلة التي تأسست في عام ٢٠١٢، كرّست جهودها للارتقاء بحياة الأفراد من خلال دعم التعليم والأبحاث الطبية، فأسست مراكز ضخمة متخصصة لهاتين الغايتين، وأطلقت مبادرات كثيرة لتكريس هذا التوجه، فهي تهتم بتنظيم المؤتمرات الدولية، ومنح المنح للدراسات العليا في الإمارات وخارجها، وتوفير علاجات لمرضى محتاجين، منها علاج أكثر من 12 ألف مريض في مركز دبي للعظام والمفاصل، إضافة إلى نشر التوعية بين أهالي المصابين بأمراض معينة.

استفاد من مؤسسة الجليلة على الصعيد المحلي منذ عام 2013 أكثر من 14271 شخصاً، يمثلون 129 جنسية، كما دخلت المؤسسة في شراكات عالمية مع «اليونسيف»، واستطاعت توفير 1.6 مليون طعم لمعالجة الأطفال والأمهات المصابين بالكزاز في 15 دولة.

مشروعات الجليلة متميزة للغاية، فهناك مركز أبحاث المؤسسة، وهو أول مركز أبحاث مستقل متعدد التخصصات في الدولة، وهناك مستشفى محمد بن راشد الجامعي، ويتكون هذا المستشفى التعليمي المتخصص من 400 سرير، وهناك مركز دبي للعظام والمفاصل، الذي يقدم خدمات واسعة وشاملة لمرضى العظام، إضافة إلى سعيها لبناء مستشفى متكامل لجراحة العظام والمفاصل والطب الرياضي، بتكلفة تصل إلى 120 مليون درهم، وهناك أيضاً مشروعا الحاضنة الطبية لدعم الطموحين من أصحاب المشروعات الطبية، والعيادة المتنقلة لتوفير فحوص نقص فيتامين (د) وكثافة العظام ونشر التوعية.

استثمار رائع لأموال الوقف وأموال التبرع، لدعم الحياة من خلال تطوير الطب والأبحاث الطبية، وهو أمر لم يألفه العمل الخيري في الإمارات، لكنه هو ما يحتاجه المجتمع، وفائدته الحقيقية تعود على الجميع، وليس هذا فحسب ما يلفت النظر، بل الأسلوب الحضاري الراقي في جمع التبرعات، فالمؤسسة على مشارف تنظيم مزاد خيري لجمع التبرعات، ستقوم من خلاله ببيع أحد أشهر الخيول التابعة لسمو الشيخ حمدان بن محمد، إضافة إلى السرج الغالي جداً على سموه، الذي امتطى به فرسه المشهورة عالمياً (اليمامة)، كما ستزايد المؤسسة على لوحة سيارة من دبي، تحمل رقم (9)، وغيرها من الأشياء الثمينة، مادياً ومعنوياً، ولا شك في أن تنظيم هذا المزاد في حد ذاته يعتبر نجاحاً كبيراً لـ«الجليلة»، كسرت به حاجز أسلوب جمع التبرعات التقليدي لدى الجمعيات الخيرية.

الامارات اليوم