اتخذت الجهات الحكومية في الدولة، إجراءات حاسمة لحماية أفراد المجتمع من المكالمات الهاتفية التسويقية غير المرغوب فيها أو العشوائية أو الضارة، بعد تزايد شكاوى العملاء من مطاردتهم باتصالات هاتفية مزعجة للتسويق لمنتجات وخدمات مالية ومصرفية وعقارية، ولشركات في مختلف القطاعات.

وتضمنت تلك الإجراءات قطع خدمات الاتصالات عن الشركات المخالفة لقوائم سجل عدم الاتصال والتي تتضمن قائمة بالأشخاص الذين لا يرغبون في تلقي مكالمات ترويجية، وكذلك إعلان وزارة الاقتصاد عن وضع سياسة مقترحة لمواجهة الاتصالات التسويقية المزعجة لتقديمها إلى مجلس الوزراء، بحيث تشمل عقوبات إدارية على المخالفين من الأفراد والشركات المتسببين.

ووضع اتحاد مصارف الإمارات «وثيقة السلوك المصرفي» لضمان عدم الكشف عن بيانات عملاء البنوك وعدم استغلالها في التسويق، كما حذرت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي من عدم احترام المنشآت أو الأفراد لخصوصية المستهلك، وأكدت أن الاتصال الهاتفي المباشر للتسويق يعرض المنشأة للعقوبة.

وإلى ذلك أفادت مؤسسة التنظيم العقاري التابعة لدائرة الأراضي والأملاك بدبي، بفرض غرامات قدرها 50 ألف درهم على الشركات المخالفة، مع إيقاف بطاقة الوسيط المتصل لمدة لا تقل عن 3 شهور.

إيقاف المكالمات
ولتنظيم عملية التسويق عبر الهاتف، تم إنشاء سجل عدم الاتصال (DNCR) لضمان بيئة اتصالات أكثر أماناً، حيث يعنى بضمان أن جميع المسوِّقين عبر الهاتف الذين يتطلعون إلى الاتصال بالعملاء يجب أن يحصلوا على الموافقة الملائمة والضرورية من كل عميل، وإلا سيحق للعملاء تقديم شكوى.

ويعد سجل عدم الاتصال (DNCR) منصة خاضعة للرقابة تحكم وتحمي الأفراد من المكالمات الضارة أو غير المرغوب فيها، وتشتمل هذه المنصة على قائمة بأرقام هواتف الأفراد الذين لا يرغبون في تلقي مكالمات ترويجية عشوائية أو غير مرغوب بها للتسويق عبر الهاتف، حيث يتوقع من أي مؤسسة ترغب في التواصل مع العملاء للتسويق أن تتحقق من أن رقم الهاتف غير مسجل في سجل عدم الاتصال، قبل إجراء أي مكالمات ترويجية لهؤلاء الأفراد.

وفي حال إذا استمرت شركة ما بإجراء مكالمات ترويجية للأرقام المدرجة في سجل عدم الاتصال، سيتم إلغاء خدمات الاتصالات عن أرقام الهواتف المخالفة لهذا التوجيه، وسيتم إبلاغ السلطات المعنية كذلك.

وأفادت شركتا «اتصالات من إي آند»، و«دو»، بأنه يمكن للعملاء المشتركين في خدماتهما، التسجيل مجاناً في خدمة «سجل عدم الاتصال» التي طرحتها هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، من أجل إيقاف أو تقليل نسبة تلقي المكالمات التسويقية غير المرغوبة.

وذكرت أنه يمكن للمشترك الراغب بإدراج رقمه في سجل عدم الاتصال DNCR إرسال رسالة نصية فيها الأحرف DNCR إلى الرقم 1012، وذلك لمنع المكالمات التسويقية. وفي حال تسلم المتعامل أي مكالمة تسويقية بعد ذلك، فيمكنه تقديم شكوى على الشركة، وحال استمرت الشركة في الاتصال سيتم وضع رقمها في «سجل الأرقام المقطوعة».

حزمة إجراءات
وكشفت وزارة الاقتصاد عن بدء تنفيذ حزمة إجراءات لضمان خصوصية وأمن بيانات المستهلكين وعدم استخدامها لأغراض الترويج والتسويق الهاتفي من قبل بعض الشركات، من بينها، وضع سياسة مقترحة لمواجهة الاتصالات التسويقية المزعجة لتقديمها إلى مجلس الوزراء، بحيث ستشمل هذه السياسة عقوبات إدارية على المخالفين من الأفراد والشركات المتسببين.

وأوضح معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، في رد كتابي على سؤال برلماني حول «حماية أمن البيانات للمستهلك»، أن الإجراءات تضمنت عرض موضوع مواجهة الاتصالات التسويقية المزعجة في دولة الإمارات في الاجتماع الثاني للجنة العليا لحماية المستهلك، خاصة أن الوزارة تمتلك إدارة متخصصة لتلقي الشكاوى والتحقيق فيها بشكل فردي أو بالتنسيق مع الجهات.

وكشف معاليه، أن الوزارة قدمت رؤيتها حول مواجهة المكالمات التسويقية المزعجة، والتي تضمنت اقتراح الحلول التنظيمية والفنية التي تتطلب تعاون الجهات الوطنية ذات الصلة، مثل دوائر التنمية الاقتصادية في الدولة، وهيئة تنظيم الاتصالات، والحكومة الرقمية، واستندت هذه الحلول إلى تجارب من دول مثل الولايات المتحدة الأميركية والهند، والسعودية وألمانيا، وغيرها.

وثيقة سلوك
وفي ما يخص حماية المعلومات السرية والخاصة التي يتلقاها البنك عن العملاء، فقد قام اتحاد مصارف الإمارات بتضمين السمات الرئيسية لوثيقة السلوك المصرفي، بالتأكيد على أنه يجب على المصرف إيلاء أهمية عالية لموضوع ضمان عدم الكشف غير المصرح به عن المعلومات السرية والخاصة التي يتلقاها عن العملاء، أو عن تفاصيل أي عمليات مالية خاصة بعملائه، والالتزام بكشف مثل تلك المعلومات فقط في حال المطالبة وفق ما تسمح به القوانين والتشريعات.

وتم تصميم وثيقة السلوك المصرفي بهدف منح القطاع المصرفي مجموعة قيَم وقواعد طوعية تحكم سلوكهم المهني للارتقاء بمعايير الممارسات المصرفية، وتعزيز الثقة والمصداقية في عمل القطاع المصرفي في دولة الإمارات.

وحددت وثيقة حقوق ومسؤوليات العملاء، مسؤوليات المصارف الأعضاء كافة في اتحاد مصارف الإمارات تجاه العملاء، لتشمل الحفاظ على سرية معلومات العملاء، باستخدام وسائل الحماية المناسبة، وضمان أن يتم الإفصاح عن المعلومات السرية وفق الشروط والأحكام والقوانين واللوائح المعمول بها.

خصوصية المستهلك
وأكدت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، أن الاتصال الهاتفي المباشر للتسويق يعرض المنشأة للعقوبة، ويجب على جميع أصحاب المنشآت التجارية في إمارة أبوظبي احترام خصوصية المستهلك وعدم التسويق عبر الاتصال الهاتفي المباشر، مشددة على أن المنشآت المخالفة ستكون عرضة للعقوبة في حال ورود شكوى من المستهلكين.

وبالفعل بدأت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، توقيع عقوبات، تشمل غرامات مالية تراوح بين 3 آلاف و10 آلاف درهم، وتصل إلى حد الإغلاق، على المنشآت التجارية المخالفة التي تمارس التسويق عبر الاتصال الهاتفي في الإمارة، بالمخالفة للتعميم الذي أصدرته بمنع التسويق عبر الاتصال الهاتفي.

وحددت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، عدداً من السلبيات في مكالمات التسويق الهاتفي، وأهمها انتهاك خصوصية المستهلكين من خلال الاتصال في جميع أوقات اليوم دون مراعاة حاجة المستهلك للراحة، والإلحاح الشديد في عرض الخدمات حتى في حال رفض المستهلك الاستمرار في المكالمة، أو عدم الرغبة في اقتناء المنتج أو الخدمة، إضافة إلى تكرار الاتصال بالمستهلك على الرغم من رفض الخدمة أو العرض مسبقاً.

التسويق العقاري
وذكرت مؤسسة التنظيم العقاري التابعة لدائرة الأراضي والأملاك بدبي، أن الترويج والتسويق للعقارات عبر خدمة الرسائل القصيرة أو المكالمات الهاتفية، يعد جريمة تعاقب عليها وكالة التنظيم العقاري في دبي RERA، عبر فرض غرامات قدرها 50 ألف درهم على الشركات المخالفة، مع إيقاف بطاقة الوسيط المتصل
لمدة لا تقل عن 3 شهور.

وكشفت المؤسسة أنها أوقفت بالفعل 9 وسطاء عقاريين عن مزاولة العمل لمدة ثلاثة أشهر، فيما غرّمت مكتب الوساطة العقارية الذي يعملون فيه مبلغ 50 ألف درهم، وذلك بعد أن قام المكتب بارتكاب مخالفة المكالمات غير المرغوب فيها، وإزعاج المستثمرين والمتعاملين عبر التسويق أو الترويج لخدماته عن طريق الاتصال المباشر.

وأكدت «ريرا» حرصها على توفير بيئة عقارية آمنة وخالية من كلّ ما من شأنه أن يتسبب في إزعاج المتعاملين أو ملّاك العقارات والمستثمرين، كالمكالمات المزعجة التي تجريها مكاتب الوساطة العقارية للتسويق أو ترويج خدماتها، حيث أنشأت مشروع «القائمة الخضراء» على تطبيق «دبي ريست»، والذي يتضمن خدمة التبليغ عن المكالمات المزعجة، ما يسهم في التخلص من الاتصالات غير المرغوب بها من الوسطاء العقاريين، ويضمن التواصل الفعّال فقط عندما يرغب المالك في التواصل معه من قبل الوسطاء.

وأوضحت أن المشروع يساعد أيضاً على التقليل من المخالفات العقارية المتعلقة بالتسويق المباشر، ويفتح قنوات تسويقية إضافية للشركات العقارية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة معدل المبيعات العقارية وتأجير العقارات الشاغرة، لخدمة المالك والمستأجر على حد سواء.

الاتحاد