محمد الحمادي
مفهوم الإنسانية عميق وفي الوقت نفسه متنوع، وبما أنه كان عنوان منتدى الإعلام العربي هذا العام، فقد نال حقه من الحوار والنقاش بين الإعلاميين والمشاركين في المنتدى، وفي حديث مع إعلامي فرنسي حضر المنتدى، قال إن مفهوم كلمة «الإنسانية» في فرنسا مرتبط بشكل مباشر بالمساعدات الإنسانية والتبرعات وما شابه ذلك، وصحفيون عرب كثيرون اختلفوا في فهم وتعريف أبعاد الإعلام الإنسانية.
أعتقد أننا اليوم بحاجة إلى نشر مفهوم الأبعاد الإنسانية بشكل أكبر في المجتمع الصحفي، فليس هدف الإعلام هو إثارة المشاعر الإنسانية عند الجمهور وليس استثارة عواطفهم، وإنما الهدف الإنساني للإعلام، خصوصاً في المرحلتين الحالية والمقبلة، كيفية مساهمته في دعم المعاني الإنسانية والسلوكيات الإيجابية لدى البشر وتبنيها كمهمة مهنية، وفي المقابل كيفية محاربة السلوكيات العدوانية والمتوحشة لدى البعض، وعلى رأسها سلوك الإرهاب، وقطع الطريق على هؤلاء، وعدم السماح لهم باستغلال الإعلام.
وعلى سبيل المثال، عندما نتكلم عن صورة جريمة ضد الإنسانية أو خبر مأساوي، فليس دور الإعلام هو إثارة الجمهور ودفعه للصراخ فقط، وإنما دور الإعلام الأكبر والأهم هو البحث في أسباب تلك الجريمة التي أصابت الإنسانية، وعرضها للجمهور، والعودة إلى جذور المشكلة، فعندما نتكلم عن أزمة اللاجئين السوريين، لا يكفي أن نستعطف الغرب كي يستقبلوهم، ولا نستعطف العرب كي يتبرعوا لهم بالطعام والدواء والكساء. ولكن دور الإعلام الأهم هو أن يكشف عن السبب الذي حول أولئك المواطنين الآمنين في بيوتهم إلى لاجئين ومشردين في الأرض، ويجب في الوقت نفسه ألا يسمح الإعلام للذين يرتكبون الحماقات والجرائم بأن يستغلوا وسائل الإعلام للترويج لجرائمهم أو تبريرها، لقد أصبح دور الإعلام حساساً ومؤثراً بشكل مضاعف وأكثر من أي وقت مضى.
لذا على الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد، وكذلك على الإعلاميين أن يكونوا متيقظين لما يقومون به، وألا يتحولوا إلى أدوات تستخدمها مؤسسات غربية وأجنبية لتحقيق أهداف تضر بمصالح أوطانهم وشعوبهم.
وبينما اختتم منتدى الإعلام العربي أعماله أمس، وبينما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يتوسط الإعلاميين، ويتبادل معهم أطراف الحديث، عاد بي شريط الذكريات في هذا المحفل الإعلامي المتميز لأول منتدى للإعلام، وعاد بي إلى افتتاح نادي دبي للصحافة، وتذكرت جيداً دعم سموه المباشر لإنشاء جمعية الصحفيين بالدولة، تفاصيل كثيرة ليس هذا مجال ذكرها، لكنني أستطيع أن أقول إن كل صحفي وإعلامي إماراتي، بل كل إعلامي عربي، يدرك ما قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لمهنة المتاعب، وكيف اهتم سموه ببلاط صاحبة الجلالة حتى نجح هذا المنتدى في استشراف مستقبل الإعلام في المنطقة.
أخيراً.. أهنئ فريق عمل جريدة الاتحاد وجميع الزملاء في «أبوظبي للإعلام» بفوز جريدتهم بجائزة الصحافة العربية في فئة الصحافة السياسية وفئة الصحافة الرياضية، وترشحها للفوز في فئات أخرى، وهذا نتيجة للعمل الدؤوب لكل من يعمل في الجريدة، وهذا الفوز المستحق نقدمه لقراء الاتحاد الأوفياء، فمن حقهم أن يفخروا بجريدتهم التي لا تقبل إلا بالوصول لمنصات التتويج كل عام.
الاتحاد