نورة السويدي

عصف ذهني اجتماعي مؤسساتي حكومي وخاص على مستوى الدولة.. هذا هو باختصار ما يمكن أن نصف به مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ،رعاه الله، والتي أعلن من خلالها عن تخصيص أسبوع إماراتي للابتكار، والذي حمل تحت مظلته 900 مشروع وفعالية على مستوى الدولة؛ تسعى للتطوير في المجالات التعليمية والصحية والقضائية، وغيرها في شتى مناحي الحياة.

مع إطلاق هذا المهرجان الإبداعي الحكومي على مستوى دولة الإمارات أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن دولة الإمارات لا تنظر إلى الابتكار بوصفه خياراً ترفيهياً يمكن اللجوء إليه في أوقات الفراغ، بل هو كما قال سموه وعلى مستوى الأفراد والمؤسسات والهيئات «ليس خياراً بل ضرورة وليس ثقافة عامة بل أسلوب عمل والحكومات والشركات التي لا تجدد ولا تبتكر تفقد تنافسيتها وتحكم على نفسها بالتراجع».

هذه الدورة المكثفة المبدعة في شتى أرجاء الدولة تقول للعالم إن همومنا ليست كهموم الآخرين، فإذا كانت الشعوب والدول تبحث لنفسها عن موطئ قدم في الاستقرار والعمل من أجل الحياة، فإننا اليوم نضع الابتكار والإبداع منهجاً لحياتنا، ولن يكون لأحد بيننا في دولة الإمارات مكان دون أن يكون له نصيب من الإبداع الفردي أو المؤسسي، الحكومي أو الخاص، من المواطنين أو المقيمين، فكما أشار سموه فإن «مواكبة العالم من حولنا تتطلب كوادر مبتكرة وبيئة داعمة للابتكار».

ملامح الاحتفاء بالابتكار كمنهج للتقييم والتقدير تبرز أن معاييرنا في دولة الإمارات أصبحت اليوم مختلفة، والتنافس الذي نخوضه لم يعد بتقديم الأفضل فحسب، بل بتقديم المبدع، ولم يعد بإجادة الأعمال المطلوبة، بل بالارتقاء بها نحو العالمية وبإضافة اللمسات الإبداعية إليها.

نريد أن نقول للعالم إن الحياة لايزال فيها من يرغبون بالحياة لا تدميرها، ويعملون من أجل رخاء الإنسان لا تحطيمه، ويجندون الإبداع وسيلة لتأمين أفضل سبل الحياة الرغيدة والعيش بسلام لا أن تجند الأساليب التدميرية والإرهاب لترويع الآمنين وزعزعة استقرارهم.

أسبوع الابتكار الإماراتي يقدم في هذه اللحظات المفصلية من تاريخ البشرية جرعة أمل للإنسانية تبشر بأن هناك من لايزال يقدر الإنسان بوصفه قادراً على الحياة وراغباً بالحياة، لا بعلامة أنه قادر على التدمير وراغب بالموت.

هذا الأسبوع الإبداعي يقول للمثقلين بأعباء الكراهية والحقد والنظرة الإقصائية إن الحياة أوسع من أن نتنافس فيها قتلاً وتدميراً وإرهاباً، لأننا نحمل في جوهرنا الإنساني مبادئ السلام والعمل من أجل الحياة، ونرفض في قيمنا ومبادئنا كل من لا يرى سوى اللون الواحد، فالحياة صنع بديع جمّلها باختلاف الألسنة والألوان لنتعارف ونبدع المزيد.

هذا السبق الحكومي المبتكر يفرض على جميع من عاش على أرض الإمارات من أبنائها أو المقيمين على أرضها، بأن يعيد جدولة أولوياته الحياتية، بأن يكون الابتكار نظام حياة بإخلاص، حتى ولو بالكلمات التحفيزية، والمبادرات التشجيعية، فمن لا يستطيع الإبداع يستطيع بلا شك احتضان المبدعين وتكريمهم، ومن أراد المساهمة في هذا الميدان فلن تعجزه الموارد بأن يدلي بدلوه ولا يقلل من شأن ما يقدمه.

نريد مبدعين في التعليم والصحة والتربية والاقتصاد، نريد مبدعين في الكتابة والرواية والمسرح والفن عموماً، نريد مبدعين في التنمية والاستدامة، نريد مبدعين في السلام والتعايش والحوار بين الشعوب.. نريد ذلك في شتى مجالات الحياة لأننا نريد الحياة للجميع ونطلبها حصناً منيعاً للجميع، بعيداً عن القلق والإرهاب والتطرف المظلم.
– البيان